نظّمت الادارة الجهوية للصحّة بالشّراكة مع برنامج التّعاون التّونسي الايطالي يوما اعلاميّا تحسيسيّا حول التقصّي المبكر لسرطان الثّدي احتضنه المركّب الثّقافي وقدّمت خلاله عدّة مداخلات علميّة. وقد افتتح هذا اليوم السيّد نصر التّميمي والي باجة. ونوّه الوالي بمبادرة الادارة الجهوية للصحّة بباجة من خلال برمجتها لموضوع هامّ وحسّاس وله انعكاسات على حياة الفرد خصوصا المرأة وأضاف أنّ الضّرورة تقتضي مزيد التّركيز على الجانب التّوعوي والتثقيفي لتجنّب الاصابة بهذا المرض ولن يتحقّق ذلك الاّ بمشاركة فاعلة وتعاون ايجابيّ بين مكوّنات المجتمع المدني . ثمّ قدّم الدّكتور محمّد الميزوني المدير الجهوي للصحّة بباجة صورة لهذا المرض حيث ذكر أنّه خطير ويمثّل أعلى نسبة سرطان لدى المرأة وهو في تزايد مستمرّ باعتبار أنّ تطوّره يتمّ في صمت وبلا أوجاع، كما أنّ ثلث حالات الاصابة به يمكن تجنّبها اذا تمّ اكتشافها للتوّ ولم يتجاوز حجم الورم حدود 1.5 صم، والثّلث الآخر بالامكان معالجته، أمّا الثلث الباقي التدخّل لانقاذ المصاب خصوصا اذا كان الاكتشاف في مرحلة متأخّرة . وأضاف أنّ سرطان الثدي لا يوفّر فرصا كبيرة للأطبّاء لضبط بداية حدوث الاصابة اذ هي تحوم بين سنة واحدة و3 سنوات عكس بقيّة الأمراض السّرطانيّة الأخرى كسرطان العنق الذي يعطي هامش زمني كبير يقارب 10 سنوات . وللقيام بعمليّة تقصي مبكّرة للتأكّد من عدم وجود ورم نصح الدّكتور كلّ من بلغن سنّ العشرين بتفحّص الثّديين دوريّا كلّ شهر وبالتوجّه الى طبيب مختصّ كلّ سنة بالنّسبة الى من كان سنهنّ يقارب الثّلاثين في حين أنّ الفئة العمرية التي تتراوح بين 40 و70 سنة فيلزمهنّ متابعة دقيقة عبر الكشف بالأشعّة .
وفي مداخلته بيّن الدّكتور ناجي العطواني كاهية مدير الرّعاية الصحيّة الأساسية بباجة أنّ سرطان الثّدي عند المرأة قاتل بنسبة 50% وأنّ اكتشافه يظلّ متأخّرا جدّا ببلادنا باعتبار أنّ حجم الورم لا يتجاوز وقتها 4 صم وتشير الأرقام أنّ هنالك 28 حالة اصابة على كلّ 1000 امرأة تونسية لكن ورغم ذلك تبقى امكانيّة التوقّي منه كبيرة اذا ما تمّ الفحص الذاتي مرّة كلّ شهر والسّريريّ كلّ شهر لدى أطبّاء مختصّين وهو ما يتطلّب تحسيسا واسع النّطاق في صفوف المرأة للاقبال على الفحص السّريريّ الضّروريّ . حظيت مداخلة الخبير الايطالي في الصحة العمومية «أندريا كاديلانو» باهتمام كبير من قبل الحاضرين حيث بيّن أنّ برنامج التّعاون التّونسي الايطالي مسّ الى الحدّ الآن 12 ولاية داخلية بعد أن قام بدراسات ميدانية وخلص الى أنّ هذه الولايات تعرف نقصا في مجال الرّعاية الصحيّة والتوعية بخصوص هذا المرض وهو يعوّل على مشاركة الجمعيات والمنظّمات في الرّفع من مردودية الحملات التّحسيسيّة في صفوف النّساء خاصّة بالمناطق الرّيفيّة لمزيد التّعريف والتوقّي من خطر الاصابة به . وأضاف أنّ الولايات السّاحلية عرفت تنفيذ برنامج حكومته منذ سنة 2008 وأنّه وجد تعاونا كبيرا من قبل الأطبّاء والمؤسّسات الصحيّة التّونسية وقال أنّه من الخطا اعتبار المرض يصيب المرأة بل يتعدّاه الى الرّجل اذ تمّ تسجيل بعض الحالات بجهة الكاف خلال السّنة الماضية .
اعتبارا لهوية المجتمع التونسي فانّ هذا النوع من المرض يمثل مصدر احراج كبير للمرأة لذا قامت اللّجنة المنظّمة لهذا اليوم التحسيسي باستدعاء الامام الخطيب السيد محمد اكرام الوسلاتي الذي بيّن في مداخلته أنّ الاسلام يوصي بالحفاظ على النّفس وبالنّظافة لذا فانّ المرأة من هذا المنطلق يجب عليها ايلاء هذه الجوانب أهميّة بالغة وأضاف أنّ موضوع التحسيس والوقاية من هذا المرض سينال حظّه خلال خطب الجمعة .
أمّا السيدة معتمدة الشؤون الاجتماعية فقدّمت كشفا حول واقع المرأة في ولاية باجة حيث أظهرت الاحصائيات أنّ 54% من السكان ريفيون وأنّ هنالك صعوبات كبيرة للنّفاذ داخل المناطق الرّيفيّة بالخصوص نظرا لتشعّب المسالك وصعوبة التّضاريس بالاضافة الى تهرّم أسطول الوحدات الصحية وأضافت أنّ المرأة في الرّيف تشتغل طول اليوم في الميدان الفلاحي وهو ما يفوّت عليها فرصة اكتشاف الاصابة بالمرض مبكّرا كما تعاني المرأة بالمدينة من الضّغوطات النّفسية الّتي تساهم في تشتيت ذهنها نحو القيام بالمراقبة الذاتية للثديين ورأت أنّه من الضّرورة اعادة تفعيل دور القوافل الصحيّة المتنقّلة وهيكلتها والتّنسيق مع الجمعيات النّاشطة في ميدان الصحّة لتسهيل عملها اضافة الى تحسين ظروف عمل مراكز الرّعاية الأساسيّة وتطوير تجهيزاتها .
وقد تناولت النّقاشات ضرورة صيانة حرمة المرأة أثناء عملية الفحص من خلال تحسين قاعات العلاج وتدعيمها بالمختصّين وتساءلت أحد المتدخّلات هل أنّ مجرّد الوعي بهذا المرض كاف وحده بالتوقّي منه في ظلّ عدم توفّر تجهيزات بالمراكز الصحيّة وخاصّة بالمناطق الرّيفيّة في حين أبدى آخر استغرابه من عدم وجود قسم خاصّ بأمراض سرطان الثدي بباجة وقد تدخّل المدير الجهوي للصحّة ليوضّح أنّ هنالك برنامج تعاون بين المستشفى الجهوي ونظيره بجندوبة لتوجيه المصابين وادارة المستشفى تتكفّل بالعلاج والنّقل مجّانا مؤكّدا على ضرورة التّفريق بين سرطان الثدي وبعض الانتفاخات العادية الّتي لا تعدو أن تكون عادية وهي لا تبعث على الفزع .