كان من ضمن الوفد الحكومي الذي عالج امس مع وفد المركزية النقابية الأوضاع العامة في البلاد في علاقة بقرار الهيئة الادارية للاتحاد العام التونسي للشغل الإضراب العام الذي كان مبرمجا ليوم غد الخميس، السيد لطفي زيتون المستشار السياسي والإعلامي لرئيس الحكومة يتحدث ل«الشروق» عن الأجواء التي جرى فيها لقاء الوفدين والذي تمكن من نزع فتيل الأزمة والتوصل الى اتفاق سيعلن عن مضامينه اليوم الأربعاء ويهم خاصة الغاء الإضراب العام . في اي أجواء دار اللقاء مع قيادة اتحاد الشغل ؟
اللقاء دار في أجواء من المصارحة والبحث المشترك عن حل للازمة التي نتجت عما حدث من عنف في ساحة محمد علي وما تبعه من الدعوة الى الاضراب العام. وبفضل تلك الروح الوطنية العالية والاحساس المشترك بالمسؤولية الوطنية تم التوصل الى اتفاق بإلغاء الإضراب سيعلن عليه صباح غد ( اي اليوم الأربعاء )
هل ستطوي هذه الجلسة نهائيا حالة التجاذب بين الحكومة والاتحاد ؟
هناك مبشرات من خلال روح الاخوة والتفاهم التي سادت هذه المفاوضات خاصة في مراحلها الاخيرة ان تسفر عن ارساء مناخ جديد من السلم الاجتماعي والتفاهم السياسي والتعاون بين الحكومة والاتحاد حول التحديات التي تواجه بلادنا في مرحلة الانتقال الديموقراطي الصعبة.
بحسب رأيكم لماذا حصل ما حصل والحال أنكم واتحاد الشغل قد حققتما إنجازا مهما يوم 4 ديسمبر يهم انهاء المفاوضات حول الزيادة في الأجور؟
الذي حصل في ساحة محمد علي يوم 4 ديسمبر يؤشر الى حالة الاحتقان التي وصلتها بلادنا نتيجة للشحن الاعلامي من بعض الاقليات التي ساءها نجاح المفاوضات الاجتماعية وتوجه العلاقة بين الحكومة والاتحاد الى التفاهم والتعاون هذا الشحن المعادي للحكومة والدافع الى المواجهة بين الاتحاد وحركة النهضة جعل الانزلاق الى الفعل ورد الفعل بعنف سهل الوقوع . ولكن في تقديري ان الحكمة التي تحلت بها القوتان الرئيسيتان في البلاد سواء على الصعيد السياسي آو الاجتماعي نجحت في تجنيب بلادنا كارثة محققة بعد أن وصلت الى شفير الهاوية.
ما هي الضمانات لتامين علاقة شراكة فعلية بين الحكومة واتحاد الشغل وسائر الأطراف الاجتماعية؟
الضمانات هو وعي الطرفين بخطورة وحساسية المرحلة التي تمر بها بلادنا والوعي بسعي بعض الاقليات الى دق الاسافين في هذه العلاقة وبعد تخطي هذه العقبة الرئيسية المتمثلة في الاعلان عن الاضراب العام بسلام سيصبح الطريق مفتوحا لشراكة حقيقية بين الحكومة والاتحاد وسائر الاطراف الاجتماعية من اجل عملية التنمية والبناء وانجاح الانتقال الديموقراطي وتحقيق اهداف الثورة.
لكن ملف رجال الاعمال ما يزال مفتوحا ومعلقا على الرغم من خطورته على اقتصاد البلاد؟
الجناح الثاني الذي تطير به تونس على المستوى الاجتماعي مع الاتحاد العام التونسي للشغل هو الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة الذي كان من المتضررين الكبار من الديكتاتورية والحكومة يهمها بناء علاقة شراكة وتعاون متميزة مع هذه المنظمة العريقة على نفس الدرجة من تلك التي نسعى لبنائها مع المنظمة الشغيلة.
هل ننتظر من الحكومة مبادرة لإنهاء ملف رجال الاعمال؟
السيد رئيس الحكومة مهموم بهذا الملف وهو دائب البحث عن مخرج يعيد الثقة لرأسماليتنا الوطنية ويضمن الشفافية والصرامة في تصفية تركة العهد البائد ولعل الفترة القليلة القادمة تحمل جديدا في هذا الاطار.
منسوب التشنج في الخطاب ارتفع كثيرا في المدة الاخيرة ولكن فوجئ المتابعون ببقائكم على خط التهدئة ، هل يؤشر هذا الى تحول في موقفكم وموقف حزبكم من القضايا السياسية وإدارة الحوار الوطني في البلاد؟
الموقف الرسمي لحركة النهضة في هذه الازمة كان التهدئة وقطع الطريق امام الفئات التي كانت تدفع للقطيعة بين النهضة والاتحاد اما الحكومة فقد فوجئت بحشرها في هذه الخصومة وهي التي انهت لتوها مفاوضات اجتماعية ناجحة مع المنظمة الشغيلة وعن شخصي فقد ساءني جدا هذا التدهور بين القوتين الرئيسيتين في البلاد باعتبار التراث النقابي لعائلتنا والحمد لله أن تغلب في الأخير صوت العقل والحكمة وقد كان لقيادات النهضة في الحركة والحكومة دور مقدر في هذه النتيجة التي جنبت بلادنا كارثة محققة لقناعة راسخة ان المنظمة الشغيلة وعموم الشغالين هم الحلفاء الطبيعيون لمشروعنا الجامع بين توفير الضمانات والامن لرأس المال ليدير عجلة التنمية وتوفير الاطمئنان والحقوق للعمال وجعل العمل القيمة الاساسية في عملية الازدهار الاقتصادي.
مقالكم الاخير على اعمدة جريدة الشروق حول أزمة الخميس الاسود لسنة 1978 يبدو انه كان رسالة إيجابية لطرفي النزاع ساعدت على مد جسور التواصل- خاصة عندما اشتم في مقالكم الى انه لا رابح في المواجهة بين الحكومة او الحزب الحاكم والاتحاد؟
الاضراب العام في العادة هو سلاح ردع لدى النقابات ليس للاستعمال مثله مثل السلاح النووي عند الدول وعند استعماله يتضرر به الجميع من استعمله ومن استعمل ضده وقد وعى الاخوة النقابيون هذه الحقيقة فتغلب صوت العقل.
وقد تجاوزت البلاد نهاية هذه الأزمة، البعض يتخوف من واقع الاستقطاب والاصطفاف الذي حصل وإمكانية ان يظل عالقا في المشهد السياسي أيضاً خلال المرحلة القادمة ؟
على كل الاطراف الآن ان تتوجه الى استكمال مرحلة الانتقال الديموقراطي باقصى ما يمكن من السرعة لتدخل بلادنا مرحلة الاستحقاقات الحقيقية مسلحة بالاطر القانونية والمؤسساتية التي تضمن لتونس رائدة الربيع العربي المكانة القيادية في عملية النهوض الكبرى التي تعيشها امتنا.
ماذا عن التحوير الوزاري الذي ما يزال صداه يتداول بين التونسيين؟ هناك اتفاق في صفوف الترويكا الحاكمة وقناعة لدى السيد رئيس الحكومة على إجراء اصلاحات داخل الحكومة تضمن مزيدا من النجاعة وقد يتجسد هذا الاتفاق في الاسابيع القليلة القادمة.