التحوير الوزاري وشيك... التحوير الوزاري في غضون أسابيع.... التحوير الوزاري بعد أيام... التحوير الوزاري في غضون 48 ساعة... مرت الأسابيع والأيام والساعات ولم يحصل تحوير ولا تعديل ولا تغيير بل إنّ كل ما تم تسريبه حتى الآن لا يتعدى مجرد تغيير المراكز أو ربما هو تغيير «تكتيكي» لا يخرج عن منطق المحاصصة الحزبية. ما يُعاب على هذا التصور الخاطئ للأمور أنّ الفريق الحاكم يتعامل مع إدارة شؤون الدولة كما يتعاطى مدرّب مع فريق كرة قدم إذا ما رأى ارتباكا في أداء فريقه أو ضعفا في تنفيذ الخطة المعدّة سلفا أو إذا ما أصيب أحد ركائز فريقه سارع بالقيام بتغيير اضطراري لتقويم الخطة ولاستكمال ما تبقى من المباراة في ظروف أدعى إلى النجاح.
ولا شكّ أنّ الفرق بين العمل الحكومي وتسيير مباراة في كرة القدم شاسع وكبير لأنّ الأول يلزمه بناء سليم وبُعد عن منطق المحاصصة والغنيمة وعن تقديم المصلحة الحزبية على المصلحة العليا للبلاد أمّا الثاني وإن تطلّب البناء السليم ووضع الخطة الملائمة منذ البداية فإنّ تقويمه وتعديله أيسر بكثير.
إنّ ما ينبغي أن يعيه الفريق الحاكم والطبقة السياسية في تونس بشكل عام أنّ التعديل الوزاري الذي طال انتظاره لن يكون ذا معنى ما لم يسبقه حوار وطني شامل لا يستثني أحدا من مكونات الساحة السياسية يتناول الملفات الكبرى والقضايا الخلافية ويُفضي بالضرورة إلى توافقات لا مفرّ منها لاستكمال البناء الديمقراطي وتصحيح المسار بطرق سليمة... أمّا إذا ما كانت رؤية الأطراف السياسية دون هذا الحدّ الأدنى المطلوب للإصلاح فلن يتغير شيء بل ستتعمق الأزمة وتكثر المنزلقات ويصعب معها تقويم ما اعوجّ وإصلاح ما فسد.