تميزت جلسة الحوار الوطني حول الدستور المنعقدة نهاية الأسبوع الفارط بالمهدية بالفتور، وبالحضور المحتشم سواء من المواطنين، أو ممثلي منظمات المجتمع المدني، أو حتى من أعضاء المجلس التأسيسي في ظل تعتيم إعلامي، ولخبطة في تعيين مكان انعقاد الجلسة. جلسات الحوار الوطني حول الدستور ينظّمها المجلس الوطني التّأسيسيّ بالتعاون مع برنامج الأممالمتحدة للتنمية في إطار توجّهه إلى الخيار التّشاركي والحوار مع المجتمع المدني كآليّة أساسيّة لصياغة دستور البلاد من خلال لقاءات على مستوى كلّ الولايات على امتداد الفترة الفاصلة بين 23 ديسمبر الجاري وإلى غاية 13 جانفي 2013 لمزيد توسيع باب التشاور والتّناقش قصد تأمين التّواصل المستمرّ بين الجهاز التّشريعيّ والمجتمع.
وقد انطلقت هذه اللّقاءات ضمن المجموعة الأولى مع ست ولايات هي القيروان، وسوسة، والمنستير، وقابس، وصفاقس، والمهديّة. هذه المبادرة، ولئن بدت طيّبة كفكرة غير أنّ ما سجلناه في جلسة الحوار بالمهدية لا يليق بتاتا بحجم مشروع مناقشة الدّستور الذي انتظره الشّعب التّونسيّ في خضم المخاض الصعب الذي تعيشه البلاد من أجل بناء دولة ترقى إلى حجم آمال أبنائها.
لخبطة في التّنظيم وتعتيم إعلامي
لم يكن الوقت كافيا لقراءة مشروع الدّستور الذي وقع توزيعه على مشاركين لم يتجاوزوا الخمسين شخصا من منظّمين وأعضاء وعملة ومواطنين، وأربعة أعضاء في المجلس الوطني التأسيسي من جملة ثمانية أعضاء انتُخبوا عن ولاية المهدية لاستقراء ما ورد من فصول وبنود، ومناقشتها عبر طرح أو نقد توزّع على صيغ متباينة بعضها بدا مبهما وغير مستساغ بحسب من حاورناهم، والبعض الآخر تضمن جملة من «الفخاخ» على حدّ تعبير متدخّلين، زد على ذلك التّعتيم الإعلامي الذي لا ندري إن كان عفويا أو مقصودا، إذ تغيبت أو غُيّبت جلّ وسائل الإعلام الجهويّة والوطنيّة، إضافة إلى ما لقيه المشاركون من إرهاق للتّحوّل إلى مكان التئام الحوار باعتبار أنّه لم يتمّ الإعلان عن المكان المحتضن للّقاء بالتّدقيق، وتشابه اسم النّزل المعيّن باسم نزل آخر، وعدم تأكيد مشاركات البعض من قبل المجلس الوطنيّ التّأسيسيّ عبر الرّسائل القصيرة أو المهاتفة ممّن سجّلوا مشاركاتهم على الموقع الرسمي للمجلس الوطني التأسيسي، والحال أنّ تنظيم هذا الحوار الوطنيّ المدعم من مكتب الأمم المتّحدة الإنمائي يجيز تسخير وسائل نقل للمهتمّين بما أنّه المموّل الرّئيسيّ للّقاء.
ومن جهة أخرى فقد تزامن مع جلسة الحوار الوطني انعقاد لقاء حواريّ ثان من تنظيم التنسيقية المحلية للجبهة الشعبية بالمهدية شبيه بنفس الموضوع، وفي نفس التّوقيت بأحد المقاهي بمدينة المهديّة أشرف عليه النّائب أحمد السّافي اتسم هو الآخر بالتسرع، إذ دار في حيّز زمني ضيق غير كاف البتة لتدارس، ومناقشة مسودّة الدستور، وطرح المقترحات الكفيلة بتعديل ما يستوجب تعديله خاصّة وأن أغلب الحضور لا يمثّل مختلف القطاعات والفئات الاجتماعيّة عن كامل ولاية المهديّة بمناطقها الدّاخليّة، إلى جانب غياب لافت للفئات الشّبابيّة مفجرة شرارة الثورة ضد الظلم والاستبداد والتهميش؟!!