كان من المنتظر أن تستمع أمس الدائرة الجنائية بمحكمة الاستئناف العسكرية الى المرافعات فيما بات يعرف بقضية الوردانين لكن وقع تأخير القضية مجددا نظرا لعدم تنفيذ الحكم التحضيري. بعد المناداة عن القضية وإحضار المتهمين الموقوفين أفاد رئيس الدائرة ان الحكم التحضيري المتمثل في التحرير مكتبيا على الجريح مسلم قصد الله لم ينفّذ بعد وبالتالي لا يمكنها النظر في القضية باعتبار ان الأمر يمثل معطى أساسيا يمكن ان يغيّر مجرى القضية وقال إن المحكمة مستعدة للفصل في القضية وهي لا تتحمل مسؤولية اي تعطيل.
النيابة العسكرية تطالب بدسترة القضاء العسكري
بفسح المجال لممثل النيابة العسكرية أثار اشكالية عدم دسترة القضاء العسكري في التنظيم المؤقت للسلط وقال إن ذلك الأمر يمكن ان يمسّ من حجية الأحكام الصادرة ومدى تماشيها مع التنظيم المذكور.
وتساءل لماذا تجاهل التنظيم التنصيص على القضاء العسكري رغم تعهده بأهم القضايا بعد الثورة (الشهداء والجرحى).
وطلب من جهة أخرى عرض القرص المضغوط المتضمن للواقعة على مكتب الاعلامية بإدارة القضاء العسكري لضبط محتواه. ولمزيد التوضيح اتصلت «الشروق» بالعميد مروان بوقرة وكيل الدولة العام مدير القضاء العسكري الذي أكد أن طلب النيابة العسكرية طلب جدّي وهام ويحتاج الى التدخل العاجل.
وقال إن إدارة القضاء العسكري سبق وأن نبّهت المجلس الوطني التأسيسي الى خطورة المسألة خاصة فيما يتعلق بحجية الأحكام. وقد يؤدي الأمر الى التخلي عن النظر في هذه القضايا في صورة عدم التنصيص على القضاء العسكري صلب الدستور.
اتهامات متبادلة وفوضى عارمة
شهدت قاعة الجلسة حضورا مكثفا من طرف عائلات الضحايا والجرحى وكذلك عائلات المتهمين وقد بدا كلا الطرفين في حالة تشنّج وانفعال.
حيث تدخل شقيق أحد الضحايا وأبدى استغرابه من المحكمة لتنصيصها على وجود متهمين بحالة فرار (ما عدا الرئيس السابق) في حين انهم مازالوا يباشرون مهامهم على حدّ قوله رغم صدور أحكام سجنية غيابيا في حقهم.
وتساءل كيف استعصى على المحكمة جلبهم حينها تدخل رئيس الدائرة الذي حاول التحكم في أعصابه لضمان حسن تسيير الجلسة وقال إنها ستسعى الى تنفيذ بطاقات الجلب من جانبه تدخل الاستاذ عماد بن حليمة أحد محاميي المتهمين وطلب ان تكون الجلسة المقبلة سوية حتى تكفل حقوقهم في المرافعة على منوبيهم. لكن هذا الطلب عارضته الاستاذة ليلى الحداد محامية الشهداء والجرحى وقالت إن الأهالي ينتظرون حكما عادلا ومنصفا وكل ما في الامر أنهم متأثرون. وقررت حينها المحكمة رفع الجلسة على ان تحدد موعدا لاحقا لها.
المكلف العام
حضر ممثل المكلف العام بنزاعات الدولة في حق وزارة الداخلية وطلب الرجوع في مطلب الاستئناف والقبول بمبدإ التعويض الذي قضت به محكمة البداية والذي قارب ال 800 ألف دينار لعائلات الشهداء والجرحى.
وللتذكير فقد جدّت أحداث الوردانين في الليلة الفاصلة بين 15 و16 جانفي 2011 قرب مفترق الساحلين اثر اشتباكات بين أهالي الجهة وأعوان الأمن على خلفية انتشار خبر مفاده محاولة تهريب قيس بن علي في سيارة تابعة للأمن.
وقد خلّفت الحادثة 4 ضحايا و6 جرحى. وقد وجهت أصابع الاتهام حين مباشرة الابحاث الى الرئيس السابق بن علي وزوجته ليلى الطرابلسي والى 8 أعوان أمن من بينهم 4 بحالة فرار وصدرت أحكام ضدهم حضوريا وغيابيا تراوحت بين السجن لمدة 20 سنة لبن علي والبراءة لزوجته وبثبوت إدانة بقية المتهمين.
لكن تلك الأحكام لم تنل رضا القائمين بالحق الشخصي ومازالت مسألة تواجد قيس بن علي من عدمها ليلة الواقعة اللغز في قضية الحال.