أثار نشر الأسبوعية الفرنسية الصفراء «شارلي ابدو» رسوما مسيئة عن حياة الرسول الكريم سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام ردود فعل غاضبة ومنددة بهذا العمل الاستفزازي. وقد رأى مراقبون أن الإساءة التي تعرض لها الإسلام عن طريق الفيلم المسيء للرسول والكاريكاتير الذي نشر بصحيفة «شارلي ابدو» الفرنسية، فخ يهدف إلى إعاقة المسلمين وخاصة الدول العربية عن استمرار النجاح الذي تحقق في ثورات الربيع العربي والبناء والتنمية التي يسعون إليها.
وأكدوا أنه لا يجب الانشغال في معارك والوقوع في هذا الفخ لأن أي عمل متطرف من قبل أي مسلم انصاع وراء أي استفزاز يسيء في النهاية إلى العرب والمسلمين مثلما حدث في ليبيا بقتل القنصل الأميركي في بنغازي. وكان باسكال بونيفاس، أحد أبرز المحللين الاستراتيجيين الفرنسيين، اتهم مجلة «شارلي إبدو» الفرنسية الأسبوعية الساخرة بأنها تلجأ لاستفزاز المسلمين بالسخرية من رسولهم الكريم في رسوم مسيئة كلما تدنت معدلات توزيعها. وقال بونيفاس، الذي يشغل منصب مدير المعهد الفرنسي للدراسات الدولية والإستراتيجية «إيريس»، إنه ليس من الشجاعة استفزاز مشاعر المسلمين لوقف تدني معدلات توزيع المجلة رغم احترام الجميع لحرية التعبير والصحافة.
واستشهد بونيفاس في ذلك بنجاح الأسبوعية الفرنسية التي تصدر كل أربعاء في بيع كامل نسخها «75 ألف نسخة» للمرة الأولى منذ فترة طويلة بفضل الرسوم المسيئة للرسول محمد «صلى الله عليه وسلم».
ومن جانبها أشارت المتحدثة باسم الحكومة الفرنسية «نجاة فالو بلقاسم» إلى ما سمته الحق في حرية التعبيرعن الرأي، لكنها قالت للقناة الفرنسية إن ذلك يجب أن يكون متوازنًا مع الحاجة إلى الحفاظ على النظام العام. وأضافت «ليس هناك ما يدعو لصب الزيت على النار». وعلى الجانب الآخر، ندد إبراهيم كالين، المستشار السياسي لرئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بالكتاب المصور، واعتبر أنه «استفزاز متعمد»، وكتب على حسابه في موقع تويتر «إن تحويل حياة نبي الإسلام إلى قصة مصورة هو بحد ذاته خطأ».
وأضاف مستشار أردوغان «مهما قال مسؤولو المجلة الفرنسية «شارلي إيبدو» فهذا استفزاز». وكانت المجلة نشرت في 2011 عددا بعنوان «شريعة إيبدو» شمل عدة رسوم كاريكاتورية مسيئة للنبي صلى الله عليه وسلم، ما جعل محتجون يلقون قنبلة حارقة في مقر المجلة، التي تعرض موقعها للقرصنة، أما ناشرها ستيفان شاربونييه فيعيش بحماية الشرطة بعد تلقيه تهديدات بالقتل في الاثناء دعت منظمة التعاون الإسلامي جميع المسلمين في مختلف أنحاء العالم إلى «ضبط النفس»، بعدما أعادت إحدى المجلات الفرنسية نشر رسوم «ساخرة» للنبي محمد، والتي كانت قد أثارت، في السابق، احتجاجات غاضبة في العديد من الدول الإسلامية.
وأعرب الأمين العام للمنظمة، أكمل الدين إحسان أوغلي، عن قلقه إزاء نشر الأسبوعية الفرنسية الصفراء «شارلي إيبدو» كتاباً ساخراً، كجزء من سلسلتها عن حياة النبي محمد، كما عبر عن أسفه لإقدام المجلة على نشر هذا الكتاب الذي وصفه بأنه «يمثل حالة أخرى من حالات إساءة استخدام حرية التعبير».
وجدد الأمين العام تأكيده على ضرورة أن تمتثل مجلة «شارلي إيبدو» للأحكام والقوانين المتعلقة بالتحريض على الكراهية والعنف، خاصة تلك المعمول بها في سياق الاتحاد الأوربي، كما حث السلطات المعنية في فرنسا على اتخاذ التدابير المناسبة ضد هذه الأسبوعية..
وناشد إحسان أوغلي المسلمين في مختلف بقاع العالم على «ضبط النفس» إزاء هذا التصرف، مجدداً موقف المنظمة المبدئي الداعي إلى «بناء توافق دولي للتعامل مع أعمال التحريض المتعمدة هذه، ومع وتيرتها المتسارعة، في إطار قرار مجلس حقوق الإنسان رقم 16/18». ويأتي هذا الاستفزاز الجديد بعد فيلم أنتجه عدد من المسيحيين المصريين المقيمين في الولاياتالمتحدة، بعنوان «براءة المسلمين»، والذي تمت إذاعته في سبتمبر الماضي، إلى اندلاع احتجاجات غاضبة أمام سفارات الولاياتالمتحدة، وبعض السفارات الغربية الأخرى، في العديد من الدول الإسلامية، أسفرت عن مقتل السفير الأمريكي لدى ليبيا، كريس ستيفنز، في هجوم على قنصلية الولاياتالمتحدة ببنغازي.