احتد التوتر بين نواب التأسيسي من مختلف الكتل ونواب كتلة النهضة ووصل حد الاتهام بالخيانة بسبب طريقة التصويت على اتفاقية دولية متعلقة بالمساعدة الإدارية المتبادلة في المادة الجبائية واعتبر بعض النواب ان نواب النهضة صوتوا عكس ماهو متفق عليه. وبدأ الخلاف بين النواب أولا عندما تم اسقاط مشروع الاتفاقية في التصويت بسبب عدم حصولها على موافقة الاغلبية المطلقة,ثم ازداد نسق التوتر بعد ان رفعت الجلسة للتشاور حول ايجاد مخرج قانوني واعادة الحياة لهذه الاتفاقية التي وصفها بعض النواب ب«المهمة» وعادوا باتفاق يتمثل في المناقشة والمصادقة على الاتفاقية وفق الفصل 90 من النظام الداخلي ,لكن مشروع الاتفاقية سقط مرة ثانية بعد تصويت نواب حركة النهضة على رفض مناقشته فصلا فصلا وتقرر اعادته الى لجنة المالية.
وكان النواب قد ناقشوا في الجلسة الصباحية «مشروع قانون أساسي يتعلق بالمصادقة على الإتفاقية المتعلقة بالمساعدة الإدارية المتبادلة في المادة الجبائية المعتمدة من قبل مجلس أوروبا و منظمة التعاون الإقتصادي والتنمية عدد 2012/68. وحسب تقرير لجنة المالية فان هذه الاتفاقية ستمكن من تعزيز التعاون الاداري بين الدول التي صادقت عليها في المجال الجبائي على اسس مشتركة سواء كانوا اشخاصا او شركات او مؤسسات اقتصادية وطنية وذلك عبر تبادل المعلومات الجبائية والرقابة الجبائية المتزامنة والاطلاع على الوثائق الجبائية الصادرة في بلدان اخرى, وستوفر هذه الاتفاقية آليات جديدة كفيلة بمقاومة التهرب الجبائي والمالي وستفسح المجال امام تبادل المعلومات في مجال الجباية كما انها ستمكن من ملاحقة الاموال والديون الجبائية الموجودة في تونس او المهربة الى الخارج وتسريع نسق استرجاعها من طرف السلطات التونسية المختصة.
وقال نائب الكتلة الديمقراطية كريم بوعبدلي ان هذه الاتفاقية ستتسبب في هروب المستثمرين الاجانب عن تونس باعتبارها تكشف معلومات بعض المستثمرين الذين يركزون اعمالهم في تونس على اساس انها تقدم معلومات للدول الاجنبية عن مشاريع مواطنيها المنتصبين في تونس.
وسيهرب المستثمرون في اتجاه دول مجاورة لم توقع هذه الاتفاقية مثل المغرب , اما نائب التأسيسي عن كتلة حركة النهضة منير بن هنية فقال ان هذه الاتفاقية تتضمن ضمانات لحماية معلومات المستثمرين, في حين قال وزير الحوكمة ومقاومة الفساد عبد الرحمان الادغم ان الاتفاقية تتكامل مع المنتدى الدولي الذي اصبحت تونس عضوا فيه من أفريل 2012, وهي لا تمس من السيادة الوطنية ويمكن التحفظ على بعض المعلومات واشار الى ان عددا من الدول وقعت عليها مثل فرنسا و ايطاليا وملدافيا ..اما اسرائيل فلم تصادق على هذه الاتفاقية.
البحث عن مخرج
وتم رفض المصادقة على الاتفاقية بعد ان صوت لفائدتها 108 نواب وصوت ضدها 6 نواب ,وبعد فشل الاتفاقية في الحصول على 109 أصوات. واختلف النواب بعد سقوط الاتفاقية في امكانية اعادة التصويت عليها حيث قالت سامية عبو نائبة المجلس عن كتلة المؤتمر من اجل الجمهورية انه يجب اعادة التصويت.
اما مقرر الدستور الحبيب خضر فقال انه لم تتم تلاوة مشروع القانون كاملا ولذلك يجب اعادة التصويت عليه ,في حين قال رئيس كتلة النهضة الصحبي عتيق ان التصويت على الاتفاقية كان قانونيا ولم تشبه اية شائبة ولذلك يجب ان يتحمل النواب مسؤوليتهم ويحترموا القانون ولايجب ارساء تقاليد خاطئة ,اما النائبة سلمى بكار من الكتلة الديمقراطية فقالت ان الكتلة الديمقراطية صوتت مع الاتفاقية لكن لا يجب اعادة التصويت باعتبار انه حصل بشكل قانوني, في حين قال النائب عن نفس الكتلة سمير الطيب ان تونس خسرت في عدم مرور هذه الاتفاقية وحمل النواب المسؤولية, بينما اقترح النائبان منصف الشارني وعبد الرزاق الخلولي العودة الى الفصل 90 الذي ينص على انه بعد النقاش العام يجب التصويت باغلبية الحاضرين على التصويت فصلا فصلا او على مشروع القانون برمته وهذا لم يحصل في مشروع القانون هذا.
اسقاط الاتفاقية
وبعد خروج النواب للتشاور عادت الجلسة العامة الى الانعقاد وقالت رئيستها محرزية العبيدي ان الجلسة تم تسييرها وفق الفصل 113 وانها لم تسمع أي تدخل يذكرها بان الفصل 90 هو الصالح لهذه الاتفاقية واقترحت التصويت للمرور بالعمل الى الفصل 90 وتم التصويت على ذلك بأغلبية 123 صوتا مقابل 14 نائيا رفضوا, ثم طالبت العبيدي النواب بالتصويت للمرور من النقاش العام الى التصويت فصلا فصلا ,وحينها رفض النواب المرور الى التصويت فصلا فصلا بعد ان كان عدد الاصوات الموافقة 40 صوتا في حين كانت الاصوات الرافضة 92 صوتا.
رفض الاتفاقية خلف ردود افعال متشنجة في صفوف النواب حيث اعتبرت نائبة المؤتمر من اجل الجمهورية سامية عبو ان ما حصل «خيانة» في حين قال النائب من الكتلة الديمقراطية رابح الخرايفي للشروق «عند خروجنا من القاعة اتفق رؤساء الكتل على تصحيح الخطا الحاصل والعودة الى المصادقة على الاتفاقية وفق الفصل 90 من النظام الداخلي ,وبعد دخول القاعة رفض نواب النهضة هذا الاتفاق وبالتالي فإنهم خانوا ما تم الاتفاق حوله».
اما مقرر الدستور ونائب التأسيسي عن حركة النهضة الحبيب خضر فقال «لقد اتفق رؤساء الكتل بعد الخروج من قاعة الجلسات العامة الى العودة الى الجلسة وفض الاشكال في ما يتعلق بهذه الاتفاقية وحركة النهضة لم تصرح بما ستصوت عليه».