كان التوتر والغضب سيد الموقف صباح أمس بين نواب النهضة والمؤتمر من اجل الجمهورية بعد أن "خانت حركة النهضة العهد" على حد تعبير احد نواب المؤتمر من اجل الجمهورية وساهمت في إرجاع مشروع قانون إلى لجنة المالية والتخطيط والتنمية للنظر فيه مجددا بعد أن أبدت استعدادا لتبني المشروع قبل أن ترفع الجلسة الصباحية للتشاور بين رؤساء الكتل. ويتعلق مشروع القانون بالاتفاقية المتعلقة بالمساعدة الإدارية المتبادلة في المادة الجبائية المعتمدة من قبل مجلس أوروبا ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. وستوفر هذه الاتفاقية وفقا لتقرير لجنة المالية والتخطيط آليات جديدة كفيلة بمقاومة التهرب الجبائي والمالي وستفسح المجال أمام تبادل المعلومات في مجال الجباية كما أنها ستمكن من ملاحقة الأموال والديون الجبائية المهربة إلى الخارج وتسريع نسق استرجاعها من طرف السلطات التونسية المختصة. وقبل أن ترفع الجلسة قصد التشاور بين رؤساء الكتل طالبت رئيسة اللجنة بالتصويت على الفصل، لكنه لم يمرر علما أن الأغلبية سواء المعارضة أو من كتلة حركة النهضة تبنت هذا المشروع، الأمر الذي جعل الحبيب خضر المقرر العام للدستور يتدخل ليعلن بأنه تم اختراق النظام الداخلي فالأصل يقتضي العودة إلى الفصل 90 الذي ينص قبل التصويت: إما التصويت على الفصول أو إرجاعه للجنة. وبدأت التدخلات من كل جهة إذ اعتبر النائب سمير بالطيب أن تونس خسرت بعدم تمرير هذه الاتفاقية محملا النواب مسؤولية ذلك في حين اعتبر النائب عبد الرزاق الخلولي انه تم خرق النظام الداخلي من خلال عدم احترام الفصل 90 إذ تم المرور مباشرة إلى التصويت على الفصل وطالب النائب كريم بوعبدلي بالتمسك بالتصويت معتبرا أن الفصل خطير. وبناءا على طلب الصحبي عتيق تم رفع الجلسة العامة للتشاور بين رؤساء الكتل. وبمجرد استئنافها أشارت النائبة الأولى لرئيس المجلس الوطني التأسيسي محرزية العبيدي إلى أنه تم التوافق إلى أن الجلسة العامة هي سيدة نفسها موضحة أن القراءة التي اعتمدت صباح أمس كانت وفقا لمقتضيات الفصل 113 من النظام الداخلي ولم تسمع أي تدخل يقضي بالرجوع إلى الفصل 90 وهو ما يعتبر سهوا وخطأ شكليا. وأشارت إلى وجود توافق على أن تصوت الجلسة العامة للرجوع إلى الفصل 90، ليفاجأ إثرها نواب المؤتمر من اجل الجمهورية بتصويت نواب النهضة بإرجاع القانون إلى لجنة المالية والتخطيط. وبلغ التوتر ذروته أمام الباب الرئيسي للقاعة بين نواب من المؤتمر وآخرين من النهضة حيث بدت آثار الاندهاش على وجوه نواب المؤتمر من اجل الجمهورية. اتفاق ولكن... وذكر عمر الشتوي في تصريح ل "الصباح" أنه تم الاتفاق على أن وجود خطإ في الجلسة العامة يتمثل في عدم احترام الفصل 90 الذي ينص على أن هنالك عملية تصويت مستقبلية تتضمن 3 خيارات :إما الانتقال إلى مناقشة القانون أو إرجاعه إلى اللجنة، أو إرجاع النظر فيه. وقد تم الاتفاق على احترام الفصل 90 والانتقال إلى مناقشة فصول المعاهدة. وأضاف الشتوي انه تم الاتفاق على التصويت لفائدتها بعد ان اكد وزير الحوكمة أهميتها. تجدر الإشارة إلى أن النائب فؤاد ثامر قد اشار في تصريح ل "الصباح" انه يرفض هذا القانون هو والنائب كريم بوعبدلي رغم أن الكتلة الديمقراطية تتبنى هذا القانون. وفسر في هذا السياق انه يتبنى مبدأ الشفافية والعمل على جلب الأموال المهربة من الخارج غير أن الوضع الاقتصادي للبلاد اليوم لا يتطلب مثل هذه الإجراءات المنصوص عليها صلب مشروع القانون. كما أن المشروع من شانه أن ينفر المستثمرين فهو يمنحهم من جهة إعفاءات جبائية ومن جهة أخرى يمثل هذا الفصل عائقا أمامهم . كما انه من شانه أن يزيد في ازمة البطالة على حد قوله. وفي المقابل يرى النائب سليم عبد السلام بأنه من الضروري العمل بهذا المشروع الذي يقاوم ظاهرة التهرب الجبائي. أما النائب رفيق التليلي عن كتلة وفاء للثورة فقد أوضح في تصريح ل "الصباح" أنه احتفظ بصوته باعتباره عضوا في لجنة الإصلاح الإداري ومكافحة الفساد مشيرا إلى انه كان يفترض أن يعرض هذا القانون الأساسي على اللجنة لمناقشته باستفاضة حتى تتبين وجه الحقيقة ثم تعرض الاتفاقية التي يأتي في إطارها هذا الفصل غير أن ذلك أيضا لم يحدث، وهذا ما جعل النواب يصوتون على أمر مجهول فضلا عن أن توصيات لجنة المالية أبدت تحفظاتها في هذا الشأن، حسب قوله..