خليفة شوشان: تشوف الفايسبوك تقول حرب تخرج للشارع تلقى الشعب سعيد    توقعات بتقلبات جوية: مرصد سلامة المرور يدعو مستعملي الطريق إلى التقيد بجملة من النصائح    القصرين: مركز "آمان" لإيواء النساء المعنّفات... من فضاء للاغاثة إلى أبواب مغلقة وديون متراكمة    مختص في تشريعات الشغل: لا يمكن لشركات إسداء الخدمات القيام بنشاط أصلي أو دائم لفائدة المؤسسات المستفيدة    الشرطة الأمريكية تكشف عن بيان ناري عن وحشية العالم وحرب غزة نشره منفذ هجوم سفارة إسرائيل في واشنطن    الاتحاد الأوروبي لكرة القدم يعتذر بعد نفاد الميداليات خلال حفل التتويج في الدوري الأوروبي    الفرجاني "متغشّش" من الوافي بسبب ال200 ألف دولار    بمشاركة 28 فلاحًا وفلاحة: انطلاق سوق الفلاح التونسي لدعم المنتوج المحلي    تستيقِظ قبل المنبه؟ جسدك يحذّرك من أمر أخطر مما تتصور    أساتذة تونس في الخارج يُطالبون الدولة بتمديد عقود الإلحاق لأكثر من خمس سنوات    زلزال قوي يهز جزيرة سومطرة الإندونيسية    بالفيديو: بلدية تونس تعلن إعادة تشغيل نافورة البلفيدير    اليوم: مفاوضات جديدة حول أجور القطاع الخاص    كريستيانو يكشف: ''عمري الجيني 28 رغم أني بلغت الأربعين''!    فيفا تعاقب جامعة كرة القدم التونسية ب57 مليون ...وهذا هو السبب    عامر بحبّة: تقلبات جوية تضرب تونس والجزائر...و طقس ''الويكاند'' ممطر    قفصة: مطار قفصة القصر الدولي يؤمن ثاني رحلة لحجيج ولاية قفصة على متنها 256 حاجا وحاجة    دعاء يوم الجمعة 23 ماي 2025    رئيس الجمهورية : إلغاء المناولة بداية لحلول جذرية تقطع مع "الماضي البغيض"    تفاصيل جديدة عن عملية احباط 2.5 كغ من مادة الماريخوانا بمطار تونس قرطاج..#خبر_عاجل    كاتب الدولة للخارجية يستقبل مسؤولا بمنظمة التحرير الفلسطينية ويؤكد دعم حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم    مفزع/ من بينهم أطفال: وفاة 11 سودانيا بسبب العطش في صحراء ليبيا..وهذه التفاصيل..    الاستيقاظ قبل رنين المنبه خطر.. دراسة تحذر وتكشف..    16 شهيدا في غارات إسرائيلية على غزة    ما هي الخطة المدعومة من أمريكا لمساعدات غزة ولماذا ترفضها الأمم المتحدة؟    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    "الدوو" و"كارلوس" في قبضة أمن الزهروني: تفكيك عصابة روعت سوق ليبيا بأكثر من 15 عملية سلب    تخصيص جوائز مالية قياسية لكأس العرب 2025 بقطر    هام/ "الستاغ" تشرع في جدولة ديون هؤولاء..    فضيحة تطال الجيش الأمريكي.. إيقاف مجموعة من جنود النخبة عن العمل بعد عملية وهمية    باريس سان جرمان يمدد عقده مديره الرياضي كامبوس إلى غاية 2030    برشلونة يمدد عقد جناحه رافينيا حتى 2028    منبر الجمعة: لبيك اللهم لبيك (2) من معاني الحج    خطبة الجمعة...غلاء الأسعار وأضراره الاقتصادية والاجتماعية    بعد إعصار مدمر.. صرخات رضيع تنقذه من الموت تحت الأنقاض    ملف الأسبوع...وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا .. الْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةُ    نابل تحتضن الدورة الثانية من «الملتقى العربي للنص المعاصر» تحت شعار .. «المجاز الأخير... الشعر تمرين على الوجود»    تعود إلى السينما المصرية بعد غياب: سناء يوسف تعوّض هند صبري في «الجزيرة 2»؟    مسرح الجم يحتضن الورشة الإقليمية لتوثيق التراث الرقمي بإشراف اليونسكو    بالفيديو: إحباط محاولة تهريب 2.5 كلغ من ''الماريخوانا'' بمطار تونس قرطاج    حرقة القدمين قد تكون علامة مبكرة على الإصابة بمرض السكري    حفل إسناد جائزة ابن خلدون للعلوم الإنسانية والاجتماعية يوم 27 ماي 2025 بالقصر السعيد    فايسبوك يلتهم وقت التونسيين: 61 ساعة شهريًا مقابل 5 فقط للقراءة!    مؤشر الإنتاج الصناعي يتراجع ب3،6 بالمائة موفى ديسمبر 2024    بالصور: أحمر الشفاه يسرق الأضواء في مهرجان كان 2025..من الأحمر الجريء إلى النيود الناعم    ارتفاع نسبة امتلاء السدود إلى 40،7%    كيف تستغل العشر من ذي الحجة؟ 8 عبادات ووصايا نبوية لا تفوّتها    القيروان: انطلاق بيع الأضاحي بالميزان في سوق الجملة بداية من 26 ماي    القيروان : اليوم إفتتاح الدورة 19 للملتقى الوطني للإبداع الأدبي والفني.    إجراءات استثنائية لمساعدة الفلاحين على تجاوز أعباء فواتير الطاقة.. التفاصيل والخطوات    شرب الماء على ثلاث دفعات: سُنّة نبوية وفوائد صحية مؤكدة    تونس تدعو إلى ضرورة وضع حدّ نهائي لجرائم قوات الاحتلال..    رئيس اتّحاد الفلاحة: أسعار أضاحي العيد ستنخفض    الدورة الثالثة من 'المهرجان السنوي لكأس المغرب العربي للحلاقة والتجميل' يومي 26 و27 ماي بالحمامات.    كرة اليد : الترجي في مواجهة نارية أمام الزمالك ..تفاصيل المباراة    نشرة الصحة والعلوم: نصائح للذاكرة، جديد الدراسات الطبية، ونسب التغطية الصحية في تونس    بلاغ وزارة التجارة حول توفير لحوم ضأن وبقري مسعرة    ظهر اليوم: امطار و تساقط كثيف للبرد بهذه المناطق    









القصائد الباذخة.. ألق الشاعر : إلى الصديق قاسم حداد
نشر في الشروق يوم 10 - 01 - 2013


(1)
هذا هو اذن
الفضاء الذي ازدحم بك
الخضرة التي شغرت من اجمل كائناتها
بعد رحيلك
جئنا
نؤاخي غابة ثاكلة بعدك
لننساك
لننسي نسيانك
فتعشق بنا الافئدة
كمن يطلق الريح في جمرة النص..
(زعفرانة البحر من علاج المسافة لقاسم حداد /البحرين عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر 2002)

(2)

باحت بأسرارها الكلمات.. هي لم تبح بعد، لكأن الشاعر يجهش باللغة فاتحا اجنحته لاحضان الطيور.. نعم هكذا هي القصائد لديه.. انها ضرب من الاحتفاء بغرابة اللحظة وأفعالها.. يدعو عناصره بل يمضي اليها فنسمع لديه موسيقى القبائل، الاسماء، الشمس الذئب، الحجر ومرارات..
ليست مرارات تلك انها رحلة المديح الفادح وللاسئلة بلاغة الصمت وفصاحته الفاخرة:
مررنا بهم
نفضحهم بذاكرة المستحيل
جمعنا لهم القرائن كي يكفوا عن الموت
مدحنا لهم الغياب بفصاحة الصمت..
هكذا يعالج قاسم حداد مسافاته على نحو يحاور فيه ذاته ويحاولها حتى غدا طفلا يرى الاشياء بحكمة عالية ورفعة لا تضاهى.. هي من شيم شاعر /كائن أوغل في الحروف باحثا عن كلمات اخرى.. عن مجد لن تصنعه سوى اصوات الروح في براري وصحارى ومياه الموتى.. انه الحلم المتحرك في عالم العبث لذلك كان الشاعر.. وكان قاسم حداد الذي اجهش بالكتابة.. الكتابة الفاخرة ايضا:
(... كلما انتحرنا
لكي نؤكد للاخرين انهم بالغوا في العبث بنا، اكتشف الاخرون ان ثمة حمقى يتوجب تلقينهم درسا في اللياقة لئلا يبالغوا في الاستهانة بالقناديل وهي ترسم الخرائط...).

(3)

يحمل قاسم حداد رحلته في ذاكرته بحثا عن اسرار المعاني وهذا امتحان رهيب ونعمة في الان ذاته خصوصا حين يتعلق الامر بشاعر يرتكب المغامرة بل /آوت اليه العبارة وصارت ملء روحه.
( رحيل يضع زفير أرواحنا
في التجربة
يعرينا من حنين جامح
رحيل فادح
خلعنا له أجمل قمصاننا )

ماذا اقول اذن عن شاعر يرى الاشياء بعين القلب ويدعوها الى سلال لغته فتصبح عوالمه الاليفة.. هو تشكيلة ما يصعب تشكيله بالكلمات بل ما لا يمكن التفطن اليه بسهولة، تلك هي حميميته وقد اتضحت له طريق الشعر التي عمل على نحتها من عقود.
مأخوذا بالتفاصيل وهو يمضي مع الناس.. مع الاخرين لذلك هو يحفل خلال معالجاته الجمالية بأشد المشاهد سحرا واكثرها ايغالا في البهاء وبمعنى آخر هو اكتشاف العادي وتفعيله في الحياة وفي الشعر..

«تزن السلال خفتها
وهي تتأرجح خلف النساء
متقمصات هيئة طفلات يقلدن أمهاتهن
السلال في الخفة
والنساء هن يتكئن على هواء شاغر
لكي يحسن رصف الاكاليل وهي تتهدل
طائرة وراء السلال..»

(4)

بلا ضغينة
بلا ضغينة
ولا احد يغار من السلال
ولا احد يضاهي نساء يخرجن في واضحة النهار
يختبرن الموازين ومكاييل السوق
يفضحن ذرائع الباعة
ويطفقن عائدات بالمؤونة..

(5)

في هذا النص (السلال ذات الخفة) يفتحنا قاسم حداد بشاعريته العالية على آفاق اراها النص وانتهى اليها، هي آفاق الجمال المتحرك البارع في قول الالوان الغائبة لكنها متمددة في القصيدة مثلما تتمدد ظلال الشاعر حداد في جسد هذا النص الباذخ وفيما يحتار القارئ بين الجسد والظل تنهمر عناصر وكائنات بخفة فائقة في المعاني التي يخلص اليها عادة الشاعر.
والشاعر قاسم حداد علمته القصائد التي خيرها بل علمها ايضا ان اجمل القصائد، النصوص تلك التي تنساب تاركة ظلالها على هيئة من الجمال كل ذلك بعيدا عن الغناء وافتعال الاوهام والترسبات التي كثيرا ما ارهقت اللغة والشعر.
انه النص في عطائه العظيم.. انه الشاعر الممتلئ الذي يحبب اليك علاجاته في عالم معطوب وانسان مريض..

(6)

المجد اذن للقصائد الباذخة.. المجد للشعر الخالص.. وهكذا.. تمضي الكائنات ويبقى النص ويبقى الشاعر المجيد رغم الوعي الباكر جدا بالنهايات.. النهايات بدايات ايضا ولكن.. كيف نفهم ذلك.. انه السؤال..
(عندما تكون على مشارف الخمسين
وتصاب بالشك في شمس ايامك
ترى هل سيتاح لك من العمر ما يكفي
لكي تعيد قراءة مسودة كتابك الاخير قبل القبر..؟)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.