اعتبر الخبير العسكري المصري اللواء طلعت مسلم في حديث ل «الشروق» أن التدخل العسكري الفرنسي في مالي وإن كان له ما يبرّره بالنسبة الى باريس على اعتبار تعرض مواطنيها للاستهداف بشكل عام الا انه يشكل وسيلة لتدعيم النفوذ الفرنسي والغربي بالمنطقة. وأكد ان هذا التدخل قد يؤدي الى إضعاف العناصر المسلحة ولكن الغالب ان الموضوع قد يزداد تعقيدا وقد يتحول الى صراع قد يمتد شهورا وربما سنوات. وأضاف: «أعتقد ان الحرب التي تخوضها في مالي قد تؤدي الى القضاء على الارهاب في هذا البلد ولكن قد تؤدي في نفس الوقت الى مزيد «تفجيره» وتعاظمه في مناطق أخرى مثل الجزائر واليمن».
من جهته رأى الدكتور خطار أبو دياب، الخبير في العلاقات الدولية في حديث أدلى به من باريس ان العملية العسكرية التي تقودها فرنسا ضد الجماعات المسلحة في مالي قد تطول ولكنها كانت من وجهة نظره «شرّا لا بدّ منه».
وأوضح أن عدم تدخل فرنسا في مالي كانت ستترتّب عنه تداعيات كبيرة وسيوفّر الفرصة للجماعات الارهابية للزحف أكثر والسيطرة على كامل أنحاء البلاد. مشيرا الى أن الأزمة قد تستغرق بضعة أشهر وقد تشهد سقوط ضحايا ولكن فرنسا على بيّنة مما يجري وأنها تعرف جيدا جغرافيا وتضاريس هذا البلد وتدرك جيدا هوية من تحارب من الجماعات مما يعني ان العملية ستكون محدودة .
وأضاف: «فرنسا خططت لهذه العملية منذ فترة وتحديدا منذ الصيف... وبالتالي هي درست الموضوع جيدا قبل ان تتدخل في مالي لكن دفاعها عن مصالحها هناك اضافة الى المصالح المباشرة في النيجر كان يستدعي منها التدخل».
وتابع: «إن فرنسا تهيأت كما يجب لهذه الحرب وهي تدرك أن هذه الحرب قد تكون صعبة وشرسة ولكنها في النهاية قادرة على كسبها وعلى إلحاق الهزيمة بالارهابيين».
من جانبه هاجم الكاتب والمحلل السياسي مصطفى زين بشدة التدخل الفرنسي في مالي معتبرا ان الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند يكرّر الآن تجربة العراق وأفغانستان في مالي.
وقال: «لقد أطلق هولاند حربه على من وصفهم بالمجاهدين لكن قواته ادعت انها فوجئت بقوتهم وحسن تدريبهم مما اضطره بالتالي الى زيادة عدد قواته وطلب النجدة من الحلف الأطلسي وأمريكا والدول الافريقية وخصوصا الجزائر وموريتانيا والنيجر والمغرب وغدا ستفاجأ باريس بانتقال هؤلاء «المجاهدين» الى هذه البلدان وربما الى غيرها مع استمرار الحرب التي من المتوقع ان تطول كثيرا مما يعني بالتالي مزيد توسيع رقعة هذه الحرب وإبقاء المنطقة في حالة حروب دائمة.
واعتبر في هذا الصدد أن بوادر هذه الحرب قد بدأت باحتجاز رهائن في الجزائر كما بدأت تنتشر في منطقة الساحل الافريقي كله... وهذا يشكل خطرا استراتيجيا قاتلا حتى بالنسبة الى فرنسا نفسها.