تضامن يوم أمس عدد كبير من الناشطين في الموقع الاجتماعي مع عبد الفتاح مورو في الاعتداء الذي تعرض له في أحد مساجد مدينة جمال على أيدي مجموعة من السلفيين. في العادة، يحظى الشيخ مورو بالكثير من التقدير من أغلب التيارات السياسية والناشطين في الموقع الاجتماعي، حيث من النادر أن نجد مقالات أو تعاليق تهاجمه على عكس زملائه من قادة حركة النهضة الذين هم في قلب الصراع السياسي وحملات الهجوم اليومية بين العدوين اللدودين في الموقع الاجتماعي اليسار والنهضة. وقد كان الاعتداء المفاجئ الذي تعرض له في أحد مساجد مدينة جمال مناسبة لكي يعبر الكثير من الناشطين عن تقديرهم لهذا الرجل الذي يبدو لهم «أليفا مؤدبا تونسيا أصيلا وسطيا وطريفا»، كما قرأنا في صفحة أستاذ جامعي من العاصمة كتب نصا يتأسف فيه كثيرا لما حدث للشيخ مورو ويعلن تضامنه معه.
وقد كان هذا الاعتداء الرابع الذي يتعرض له مورو، حسب ذكره، مناسبة لكي يستعرض البعض عشرات الاعتداءات التي تعرض لها سياسيون ونشطاء في المجتمع المدني في عدة جهات في البلاد، انتهى أحدها بالموت في حالة لطفي نقض، ممثل نداء تونس في مدنين، وتناقل التونسيون صورا ومقاطع فيديو لعدة اعتداءات شهيرة طالت الكثير من السياسيين منهم الدكتور المرزوقي في القصبة قبل توليه الرئاسة، والغنوشي نفسه رغم إحاطة أنصاره به، كما تذكر البعض جوهر بن مبارك في حادثة الاعتداء في توزر، وكذلك المواجهة المثيرة بين النائب إبراهيم القصاص وخصومه في قليبية.
ومنذ صبيحة الأمس، تم تداول مقطع صوتي من تصريح للسيد مورو يتحدث فيه عن تفاصيل الاعتداء، ورغم أنه لم يكن منفعلا وهو يتحدث عن الاعتداء، فإنه لم يتردد في وصف المعتدين بأنهم من التيار السلفي، وقال عنهم: «وجوه صفراء ومليئة بالحقد والكراهية»، كما اتهم إمام الجامع صراحة بأنه حرض الشباب عليه بعد صلاة العصر ودعاهم إلى التصدي له بكل الطرق. وتم تداول خبر الاعتداء بكثافة في أغلب الصفحات التونسية مرفوقا بصور قديمة للشيخ مورو عندما سالت دماؤه في اعتداء سابق في القيروان.
كثيرون دافعوا عن الشيخ مورو، والجديد هو ما كتبه ناشطون معروفون من النهضة وصفوا المعتدين بالتكفيريين الجهلة، وهو تطور هام في علاقة أنصار النهضة بالسلفيين، إذ جرت العادة أن لا يهاجم النهضويون أنصار التيارات السلفية في صفحات المواقع الاجتماعية، وكتبت ناشطة حقوقية أنها تعتقد بحدوث شرخ في العلاقة بين السلفيين والنهضة منذ تتالي حوادث إحراق مقامات الأولياء واتهام التيارات السلفية بالتورط في ذلك لما يعتقدونه من تكفير من يزور أضرحة الأولياء. وجاء في مقال هذه الناشطة أن زيارة الشيخ الغنوشي يوم أمس إلى سيدي بوسعيد تمثل موقفا واضحا رافضا للاعتداء على مقامات الأولياء.
الجديد في الحادثة أيضا، هو موقف نشطاء اليسار والمعارضة، والذين انقسموا قسمين، الأول يتضامن دون تردد مع مورو وإدانة الاعتداء عليه بصفته رجلا وسطيا يمثل الإسلام التونسي السمح، وإدانة للعنف بصفة عامة، وقسم لم يتردد في نشر تعاليق تعتبر أن الاعتداء على مورو هو ثمرة موقف النهضة المتسامح مع السلفيين رغم تتالي تورطهم في أحداث العنف عبر البلاد، وتساهل وزارة الداخلية معهم في عدة مواقف هددوا فيها السلم الاجتماعي. كتب ناشط من شاب من اليسار: «النهضة تجني ثمار الشوك الذي تركته ينمو في البلاد، طالما حذرناهم من خطر العنف السلفي لكن الغنوشي كان يقول عن السلفيين إنهم يذكرونه بشبابه».
ثمة أيضا حالة تضامن واسعة مع الشيخ مورو في أوساط المثقفين، وكتب الزميل مختار الخلفاوي تعليقا قصيرا جاء فيه: «هل أصبح الاحتفال بالمولد النبوي بدعة وضرب الشيخ مورو سنّة مؤكّدة؟».