بعد طول انتظار وكثرة توقعات.. من المنتظر أن يتم الإعلان اليوم عن التحوير الوزاري في حكومة الترويكا وسط سيناريوهات مختلفة حول إمكانية وضع تحوير شكلي أو إعادة لاقتسام الكعكة أو تحوير يخدم الهيكل ويقوم بإصلاحات جوهرية خدمة لمطالب التونسيين.. سيناريوهات كثيرة وضعها التونسيون على صفحات التواصل الاجتماعي للتحوير الوزاري الذي يتناقله التونسيون منذ أشهر.. ويلاحظ البعض ضرورة تغيير وزير الخارجية نظرا للأخطاء التي ارتكبها وبعد ما كتبته المدونة ألفة الرياحي وما عرف «بالشيراتون غايتس».. فيما يشير آخرون إلى ضرورة تغيير وزيرة البيئة التي انطلقت في عملها بمحاربة لبيب واقصائه من الساحة الوطنية.. ومن الأسماء الأخرى المطروحة للتغيير السيد لطفي زيتون والسيد وزير العدل ..
تصريحات استباقية
مع بداية الحديث عن التغييرات الوزارية تحدث بعض التونسيين من خلال صفحات التواصل الاجتماعي عن فشل الحكومة في تطويق الأسعار والرهان على التشغيل وخدمة التنمية الجهوية.
وكان السيد عبد الوهاب معطر وزير التشغيل قد تحدث عن محدودية الآليات التي يمتلكها وزير التشغيل وعن عدم قدرة وزارة التشغيل على التشغيل. وزارة تلقت كما هائلا من الاتهامات واحتضن فضاؤها الخارجي اعتصامات ومحاولات انتحار ومشانق جماعية لعل أبرزها من أبناء الحوض المنجمي المطالبين بالتشغيل.
بدورها تلقت وزارة التنمية الجهوية والتخطيط كما هائلا من الاتهامات التي جعلتها تقف في دور المدافع حيث اتهمتها بعض الجهات بالتقصير وعدم خدمة أهداف الثورة المتمثلة في التنمية في الجهات المحرومة وتوفير الاستثمارات ومواطن الشغل. وكان السيد وزير التنمية والتشغيل قد وجد نفسه مضطرا إلى تفسير مهام الوزارة التي يبدو أنها مهام نظرية تقف في مستوى التنظير والتخطيط ولاتتجاوزها إلى التطبيق والتفعيل .. وعلى غرار زميله الذي صرح بأن وزارة التشغيل لا تشغل صرح السيد وزير التنمية بأن وزارة التنمية الجهوية والتخطيط ليست مسؤولة عن التنمية.. وهو ما يمكن تفسيره بأن إمكانية تغيير هذين الوزيرين قد يكون ضمن التغيير الشكلي وتلميع الصورة .. واعتبر البعض أن تحويرا في الوزارتين قد يكون في شاكلة وضع أكباش فداء للحكومة فمن المسؤول إذن عن مشاكل التنمية والتشغيل ؟
المحترقون سياسيا
وفي السياق ذاته تحدث السيد جوهر بن مبارك (أستاذ القانون الدستوري ورئيس شبكة دستورنا) قائلا إنه بالفعل ليس من مهام وزارة التشغيل التشغيل ولا من مهام وزارة التنمية الجهوية والتخطيط التنمية في الجهات، وأن الخطأ قد يكون في كيفية تقديم التصريح والاسلوب. ,أشار إلى أن تغيير وزير بآخر لا يحل المشكل.
وأضاف بأن التنمية والتشغيل هي مسألة هيكلية تهم الحكومة ككل التي يجب أن تكون في انسجام واتفاق لأداء مهامها وإعطاء أكلها. وأنه على الحكومة أن تكون متضامنة. ففشل أي وزير أو نجاحه يحسب على الحكومة لا على الشخص والمجهود الذي قام به الوزير.
وقال إن هناك جانبا شكليا في التحوير الوزاري الذي سيتم فهناك من احترق سياسيا ويجب ان يعوض مثل وزير الخارجية الذي استغرب من تقديمه تصريح بأنه يتحمل المسؤولية ورغم ذلك لم يقدم استقالته كما يتم عادة في البلدان المتقدمة التي تحصل فيها فضائح من هذا النوع. كما تحدث عن وزير العدل الذي يمكن أن يتم تغييره مع كثرة الانتقادات لأدائه واتهامه في الوقوع في أخطاء. إضافة إلى احتراق بعض المستشارين من النهضة مثل السيد لطفي زيتون وغيرهم. ولاحظ السيد جوهر أن ما ينقذ الحكومة من الفشل هو تحييد وزارات السيادة وفتح حوار حقيقي بين كل الاطراف ووضع أجندا واضحة وإيجاد توافق في صيغة الدستور ورفع التعطيل.
كعكة وخسارة
أشار رئيس شبكة دستورنا إلى أن التحوير الوزاري قد جعلنا نخسر ثلاثة أو أربعة أشهر وأنه يمكن للتحوير المرتقب أن يكون ضمن عملية إعادة تقسيم الكعكة بين الطبقات السياسية .. وقال إن هناك وقتا ثمينا قد ضاع على حساب إنجاز الدستور والالتفات للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية. وأن عمل الحكومة نفسها قد ارتبك فمن غير الجيد أن يتم القيام بإعلان عن تغيير دستوري قبل أشهر وهو ما من شأنه أن يربك عمل الوزراء، خاصة وأن ملامح التغيير الوزاري ظلت غامضة وغير واضحة.
وضمن فرضيات التغيير الوزاري المرتقب اليوم قد تكون عملية التغيير شكلية أي تغيير شخص بشخص وهو ما اعتبره استاذ القانون الدستوري عملية غير مجديةولن تغير في المشهد السياسي ولا في الاداء الحكومي العمومي وأنه قد يكون غير مرتبط بتغيير منهجية وبرامج وهو ما يجعل الاهتمام به منذ اشهر دون معنى.
أما الفرضية الثانية فهي القيام بتحوير حقيقي في طريقة الأداء ومنهجية البقاء في المرحلة الانتقالية وهو ما يطرح آفاقا لوسيع قاعدة الحكم وتطرح هذه الفرضية إمكانية تأجيل موعد الانتخابات .. فتعيير بهذا الشكل يطرح فرضييتين إما موعد 23 جوان خدعة أو التحوير الوزاري خدعة ومراوغة.
واعتبر السيد جوهر بن مبارك أن مسألة التغيير الوزاري تم طرحها بعد وقتها وفي نصف المسار وهي الان متأخرة وستجعل الانتخابات غير ممكنة في الأشهر القليلة القادمة وتفتح الاذرع امام تأجيلها. وهو ما يجعل التحوير الوزاري بهذا الشكل ذر رماد على العيون. ويمكن ترجمته بوصول الحكومة لقناعة عدم إمكانية القيام بانتخابات في السنة القادمة. وهو ما يخفف الضغط عنها.
واعتبر أن الإشكاليات الحقيقية هي تخوين المعارضة وعدم إيجاد صيغة انتقال ديمقراطي تضم كل الأطراف وتقضي على التشنج فالمراحل الانتقالية في حاجة إلى التوافق والهدوء..
وأشار إلى وجود وزراء قاموا بأخطاء وفضائح من المفترض أن يقدموا على إثرها استقالتهم كما يحدث في الدول المتقدمة.. وأضاف بأنه من العبث ادخال البلاد في استقطابين في وقت يجب فيه الاتفاق والانتقال الديمقراطي الهادئ. فكل الإصلاحات يجب أن يسودها الحد الأدنى من التوافق السياسي. وأنه من المهم القيام بتنازلات من النهضة لا تضييق الخناق على «الأعداء» ومن يصفونهم بأعداء الثورة ومن المهم توسيع دائرة الأصدقاء.