هل أخطأ حمادي الجبالي ومعه كل أضلع «الترويكا» الحاكمة حين استثنوا الاتحاد العام التونسي للشغل من المشاورات التي دخلوا فيها مع الأحزاب والتيارات السياسية ترتيبا للتحوير الوزاري الاخير. أخطأت الترويكا ومعها رئيس الحكومة حين استبعد الاتحاد العام التونسي للشغل من تلك المشاورات وهو المنظمة الأكبر والأهم والأكثر تمثيلية والأكثر شعبية لتقتصر المشاورات والمحادثات على أحزاب وتيارات صار الجميع يعرف أن ثقلها في الساحة والشارع محدود وأن تأثيرها منعدم.
في مناسبات كثيرة أكد حسين العباسي الامين العام للمركزية النقابية ان الاتحاد لا طموح له في السلطة وان النقابيين غير معنيين بالمناصب السياسية والحكومية لكن في كل الحالات فإن الاتحاد العام التونسي للشغل هو المؤتمن على تحقيق الانتقال الديمقراطي وأهداف الثورة التي احتضنها منذ أول مسيرة لها في سيدي بوزيد.
حوار
كان الاتحاد العام التونسي للشغل أول من وضع واقترح مشروعا للدستور الجديد وقدم مشروعا لهيئة مستقلة للانتخابات ثم كان أول طرف يقدم مبادرة للحوار الوطني هدفها تحقيق التوافق حول استحقاقات المرحلة والخروج من أزمة التجاذبات السياسية التي نعيشها والتي تأكدت في مشاورات التحوير الوزاري الاخير.
كان يمكن للاتحاد العام التونسي للشغل ان يكون طرفا فاعلا في تحقيق الوفاق الوطني وذلك عبر مبادرة الحوار التي قدمها والتي أعود وأقول إنه للأسف فقد فوتت أطراف سياسية حاكمة فرصة تلك المبادرة وفوتت بالتالي فرصة تحقيق الوفاق الذي عجزت وحدها عن تحقيقه الآن...
هناك نية وهناك توجه وهناك هدف نحو التعامل مع الاتحاد العام التونسي للشغل كطرف نقابي واجتماعي فقط وهو توجه معاكس للحقيقة التاريخية فقد كان الاتحاد العام التونسي للشغل في مختلف المراحل صاحب الدور السياسي الأهم والأقوى وفي كل تلك المراحل والحقبات عجزت الأحزاب السياسية الحاكمة والمعارضة عن تجاوزه وتحديد مربع تحركه وعجزت عن تقزيم دوره واستبعاده من المعادلات السياسية التي تمت حينها وفي أغلب الأحيان كان الاتحاد هو قلب الرحى التي تدور.
البرنامج والتحوير
تحتاج الحكومة الى تقديم برنامج واضح يهم ما تبقى من المرحلة الانتقالية، برنامج يضبط الاستحقاقات ويحدد مواعيدها وليس لتحوير يزيح وزراء ويسمح بدخول وزراء لكن لا أحد يعرف بعد موعد الاستحقاقات الانتخابية القادمة ولا أحد يعرف موعد الانتهاء من كتابة الدستور.
تفعيل
يسعى الآن الاتحاد العام التونسي للشغل الى تفعيل مبادرته للحوار وهي مبادرة لا تزال تحظى بدعم قوي من أطراف سياسية اختارت أن لا تدخل وتشارك في التحوير الوزاري.
وترى هذه الأطراف ان الاتحاد العام التونسي للشغل بإمكانه ان يلعب دور الوفاق وان يجمع حول مبادرته كل الفرقاء وكل أطراف اللعبة السياسية. فهل تعي «الترويكا» وخاصة حركة النهضة الأمر..؟