التعاون هو مساعدة النّاس بعضهم بعضًا في الحاجات وفعل الخيرات. وقد أمر الله سبحانه بالتعاون، فقال تعالى:{وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَان}ِ (المائدة 2)
ومجالات التعاون عديدة ومتنوعة منها:
1 بين الزوج وزوجته: كان صلى الله عليه وسلّم يعين زوجاته فيخيط الثوب ويرقع الثياب... رغم أنّهنّ كنّ لا يعملن خارج البيت فما بالك بالمرأة في عصرنا هذا وقد خرجت لتعين زوجها في الإنفاق على الأسرة التي كثرت طلباتها...
2- بين أفراد الأسرة الواحدة: كلّ من موقعه لتوفير السعادة في البيت (الأب عبارة عن وزير الخارجية يوفّر سبل النّجاح خارج البيت، والأمّ وزيرة الداخلية توفّر الأمن والاستقرار داخله، والأبناء عبارة عن الشعب ينفذ خطّة الحكومة بكلّ دقّة.)
3 بين أفراد المجتمع: ليس بالتنظير ورفع الشعارات ولكن بتفعيل ما جاء به هذا الدّين، حتى يكون مجتمعا متلاحما متماسكا لا طبقية فيه لا مكان للفقر فيه (الغني يخرج زكاة ماله ويعطيها للفقير..) يتعاونون لرفع التحديات وكسب رهان التنمية والتقدّم والإزدهار، يتعاونون للتصدّي لكلّ خائن وظالم وغادر، ...
4 بين العمّال: كان أوّل عمل قام به الرسول صلى الله عليه وسلم حينما هاجر إلى المدينة هو بناء المسجد فتعاون الصحابة مع النّبيّ صلى الله عليه وسلّم حتى هيئوا المكان وأحضروا الحجارة والنّخيل التي تمّ بها بناء المسجد فكانوا يدًا واحدة حتّى تمّ لهم البناء. وحثّ النّبيّ صلى الله عليه وسلّم على معونة الخدم فقال: «ولا تكلِّفوهم ما يغلبهم فإن كلَّفتموهم فأعينوهم.» (متفق عليه)
5 على طاعة أوامر الله: أمر الله إبراهيم عليه السلام أن يرفع جدران الكعبة ويجدد بناءها فقام إبراهيم عليه السّلام على الفور لينفذ أمر الله وطلب من ابنه إسماعيل عليه السلام أن يعاونه في بناء الكعبة، فأطاع إسماعيل أباه، وتعاونا معًا حتى تمّ البناء، ...قال عزّ وجلّ: { وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} (البقرة 127)
6 في فعل الخير: التعاون من ضروريات الحياة إذ لا يمكن للفرد أن يقوم بكلّ أعباء هذه الحياة منفردًا قال النّبيّ صلى الله عليه وسلّم: «من كان معه فضل ظهر فلْيعُدْ به على من لا ظهر له، ومن كان له فضل من زاد فلْيعُدْ به على من لا زاد له.» (رواه مسلم وأبو داود) فضل التعاون
1 الاستعانة: الله سبحانه خير معين فالمسلم يلجأ إلى ربّه دائمًا يطلب منه النّصرة والمعونة في جميع شؤونه ويبتهل إلى الله في كلّ صلاة مستعينًا به فيقول إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (الفاتحة 5)
2 يد الله مع الجماعة: وقد جعل الله التعاون فطرة في جميع مخلوقاته حتى في أصغرهم حجمًا كالنّحل والنّمل وغيرها من الحشرات فنرى هذه المخلوقات تتحد وتتعاون في جمع طعامها وتتحد كذلك في صدّ أعدائها. والإنسان أولى بالتعاون لما ميزه الله به من عقل وفكر.
3 توفير الوقت والجهد: حينما يتعاون المسلم مع أخيه يزيد جهدهما فيصلا إلى الغرض بسرعة وإتقان لأنّ التعاون يوفر في الوقت والجهد، وقد قيل:المرء قليل بنفسه كثير بإخوانه. قال صلى الله عليه وسلم: «يد الله مع الجماعة.» (رواه الترمذي)
يحكى أنّ شيخًا كبيرًا جمع أولاده وأعطاهم حزمة من الحطب وطلب منهم أن يكسروها فحاول كلّ واحد منهم كسر الحزمة لكنّهم لم يستطيعوا فأخذ الأب الحزمة وفكّها إلى أعواد كثيرة وأعطى كلّ واحد من أبنائه عودًا وطلب منه أن يكسره، فكسره بسهولة. قال صلى الله عليه وسلم: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضُه بعضًا». (متفق عليه)
4 المسلم إذا كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن يسَّر على معسر يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، والدليل في كتاب الله، قال تعالى:{ وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَة} (البقرة 280)
5 عونك لأخيك صدقة: قال صلى الله عليه وسلم: «وعَوْنُكَ الضعيفَ بِفَضْلِ قُوَّتِكَ صدقة.» (رواه أحمد) ونهى الله تعالى عن التعاون على الشرّ بجميع أنواعه لما في ذلك من فساد كبير،
فقال تعالى: وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ (المائدة 2)