لم يعد مهما أن يحدث التحوير الحكومي أو لا يحدث فقد أدرك الشارع التونسي الحقيقة وهي أن الأمر لا يحتاج الى تحوير وزاري بل الأمر يحتاج الى حوار حقيقي هو الآن مفقود. نعم تونس تحتاج الآن الى حوار وطني جدي ومسؤول بين كل الأطراف السياسية دون استثناء ودون إقصاء للخروج من المأزق الذي نعيشه منذ أشهر. لا تكفي الشرعية الانتخابية ولا تكفي أي شرعية أخرى لتحقق الانفراج المطلوب، فقط نحتاج الآن الى الحوار حتى نصل الى الوفاق.
مرة أخرى تتحمل أطراف السلطة والحكم مسؤولية إفشال بعض مبادرات الحوار ومحاولة قتلها وهي في مهدها وأهم تلك المبادرات مبادرة الحوار الوطني التي أطلقها الاتحاد العام التونسي للشغل والتي نحتاج اليوم الى تفعيلها والانطلاق بها من جديد. حقيقة
كان تشخيص الاتحاد العام التونسي للشغل منذ أشهر تشخيصا حقيقيا وواقعيا حين أعلن الأمين العام حسين العباسي أن البلاد تحتاج الى حوار وطني دون اقصاء ودون تهميش لأي طرف وتولّت قيادة الاتحاد دعوة الجميع الى المشاركة والحضور لكن حركة النهضة ومعها حزب المؤتمر رفضا المشاركة في فرصة الحوار الوحيدة التي كانت ستجنّب تونس حالة الاحتقان وحالة التأزم التي تعيشها.
هل كان مقصودا العمل على إفشال مبادرة اتحاد الشغل للحوار؟
بالتأكيد فهناك أطراف سياسية أصبحت ترى نفسها الوحيدة في الساحة وترى في نفسها الأقدر على تجاوز كل الصعوبات لكن الواقع أثبت عكس ذلك وأثبت أنها غير قادرة على الخروج بوفاق حتى مع الشركاء والحلفاء. عودة
الآن هناك أصوات في المعارضة وفي الحكم أيضا تنادي بالعودة الى مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل للحوار وهناك الآن إصرار وتمسّك وإيمان من قيادة الاتحاد وأساسا من الأمين العام بتفعيل المبادرة لكن يجب أن يشمل الحوار هذه المرة كل الأحزاب وكل التيارات دون استثناء ودون إقصاء لأي طرف كان ويجب أن تفضي مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل فورا الى ضبط روزنامة للاستحقاقات الانتخابية القادمة بكل وضوح. تحوير
تحتاج تونس الآن الى مبادرة الاتحاد للحوار أما التحوير الوزاري فهناك، للأسف، من نجح على ما يبدو في تهميشه كحدث والتقليص من قيمته وهو ما تمّ فعلا، فالتحوير الآن لم يعد يثير الاهتمام بالقدر الذي أثاره منذ أشهر حتى أن بعض التحرّكات النقابية أتهمت بأنها أتت لتفشل التحوير أو تساهم في إفشال المشاورات حوله. يرى المراقبون الآن أن مبادرة الحوار التي أطلقها الاتحاد العام التونسي للشغل ستكون هي الحل الوحيد أمام كل الأطراف السياسية في الحكومة كما في المعارضة ذلك أن الاتحاد العام التونسي للشغل وحده القادر على أن يجمع كل الفرقاء ثم أن أية مبادرة حوار تصدر عن أي طرف في السلطة لن يكون لها «البراءة» التي تملكها مبادرة الاتحاد.. فهل تتنازل النهضة مرّة أخرى..؟