أمام تعطّل انعقاد المؤتمر الوطني للسنة السادسة على التوالي وحالة الانقسام بين المكونات الطلابية: أيّة سيناريوهات ممكنة لحوار يُنهي أزمة اتحاد الطلبة؟ هل تستجيب الحساسيات والأطراف الطلابية والسياسية إلى نداءات إنقاذ المنظمة؟ وهل تحترم الأطراف السياسية إرادة الطلبة وتترك لهم حرية رسم ملامح الخروج بمنظمتهم من النفق المظلم الّذي وقعت فيه ؟ هل يتخلّص الاتحاد العام لطلبة تونس من حالة التحزّب الّتي وقع فيها والّتي عطّلت انعقاد مؤتمره الوطني للسنة السادسة على التوالي؟ وأمام انسداد الآفاق على أكثر من صعيد وسيل المبادرات المعلنة منها والغير المعلنة والمنادية بضرورة فتح باب الحوار على اعتباره المخرج الوحيد من الحالة الراهنة للمنظمة ، كيف تتراءى السيناريوهات الممكنة لإجراء هذا الحوار؟ تلك مجموعة من الأسئلة تختزل ما يعتمل الآن حول وضع الاتحاد العام لطلبة تونس وآفاقه للمستقبل وسط حالة من الانقسام ( مكتبان تنفيذيان وهيئتان إداريتان) وحالة من الانتظارية بخصوص ما يمكن أن تتفاجأ به الساحة الطلابية والجامعية من مبادرات أو قرارات لهذا الطرف أو ذاك. في حقيقة الأمر لم تكن الدعوة للحوار بين مختلف الأطراف الطلابية لتجاوز معوّقات انجاز المؤتمر الخامس والعشرين للمنظمة بشكل موحّد وديمقراطي في حقيقة الأمر جديدة بل تعود إلى بديات الخلاف داخل هياكل المنظمة بين أكثر من طرف سياسي وحزبي بغاية السيطرة على دواليب الاتحاد واستغلال المنظمة لأهداف سياسوية وهو الخلاف الّذي انتهى بطرف حزبي إلى حالة تصعيدية خطيرة ونوع من الهروب إلى الأمام بالمنظمة في محاولة للسيطرة والهيمنة عليها وافتكاكها في تعدي صارخ على ضوابط وقوانين المنظمة وإحداث بلبة وصخب في محيط المقر المركزي للاتحاد والالتجاء إلى عقد "مؤتمر صوري" بين عدد من الكليات ثم الانتهاء إلى رفع أشغاله. ممّا لا شكّ فيه أنّ ضبابية ما حدث نهاية العام الجامعي الفارط وخطأ التقديرات في قدرة طرف طلابي واحد على الهيمنة على الاتحاد وان كان يتقوّل بأنّه مسنود من بعض "القوى الديمقراطية والتقدمية" ، أكّدت أهمية العودة إلى "الحوار" كقاعدة وحيدة لتحقيق هدف المؤتمر الموحّد والأهم المحافظة على كيان الاتحاد العام لطلبة تونس في المستقبل ، وأيقن الأمين العام للمنظمة المتخلي السيّد عز الدين زعتور مسؤوليته في ذلك المسار فعاد عن توجهاته السابقة ودعا هو الآخر إلى مبادرة حوارية للوصول إلى حل وفاقي يُنهي حالة الانسداد والجمود الحالية واستتبعت مبادرة زعتور بمبادرة ثانية ادعت مجموعة من قدماء الاتحاد العام لطلبة تونس أنّها تقف خلفها وتضمّنت عددا من المقترحات للخروج بالمنظمة من وضعها الحالي وتوفير الظروف الملائمة لها لاستعادة دورها الجامعي والوطني ، ولكن تصريح أحد ممن وردت أسماؤهم أسفل تلك المبادرة وما راج حول عدم أهلية البعض من الموقعين عن الدخول لمثل هذه المبادرات لجهلهم واقع وتاريخ المنظمة أعاد الأمور إلى حالة دنيا جديدة . يُضاف إلى ذلك أنّ انتصار "مبادرة قدماء الاتحاد" لأحد أطراف النزاع والمتهم ولفترة طويلة بعدم الجديّة في إنجاح مسارات الحوار وإفشالها مرّة واحدة عندما اندفع هذا الطرف إلى تحركات منفردة وشرع في عقد مؤتمر من جانب واحد انتهى إلى تعليق أشغاله وتعقيد الخلاف الدائر بين مختلف الأطراف الطلابية. وعلى الرغم من تضمّن مبادرة قدماء الاتحاد من بعض النقاط المهمّة بحسب أراء متابعين لشأن الاتحاد من مثل مقترح عقد مائدة مستديرة تشارك فيها الحساسيات التقدمية والديمقراطية المتمسكة بالإتحاد دون إقصاء وبحضور قدماء المنظمة وممثلي المجتمع المدني الديمقراطي والتقدمي حتى يتحمل الجميع مسؤولياتهم للخروج بالإتحاد من الوضع المتأزم والتوجه لعقد مؤتمر موحد على قاعدة الوفاق بين الجميع ، بالرغم من ذلك فإنّ سيناريوهات الخروج الفعلي من الأزمة لم تتوضّح بعد على اعتبار أنّ مستلزمات الحوار والأرضية الّتي سينطلق منها ما تزال غامضة وغير واضحة وتحتاج تدقيقات كبيرة جدّا ، على أنّ مطلعين على فسيفساء الأطراف المكوّنة للاتحاد يرون أنّ إمكانيات الحل المنطقية لا تخرج عن: إمّا العودة إلى تركيبة آخر مكتب تنفيذي قبل حدوث الخلاف والنزاع أو التوافق حول إطار يُجمّع كلّ الفصائل الطلابية دون إقصاء أو تهميش لأيّ طرف ، وبين الإمكانيتين أو السيناريوهين تتبدّى العديد من الصعوبات الّتي ربّما سيُزيح تحرّك طلابي مستقل منتظر للفترة المقبلة البعض من قساوتها وحدّتها. إنّ انجاح مسار الحوار يقتضي في ما يقتضي تخليص المنظمة من كلّ مكبلاتها الحزبية وترك هوامش التحرّك للطلبة بشكل مستقل. خالد الحداد