لم تمر جنازة المرحوم شكري بلعيد دون الوقوف والاستغراب من خطاب متطرف لم نعهده في تونس... تكفير ودعوة لنبش القبر... وتحميل حتى المشيعين للجثمان إثما... واستكثار لقب الشهيد على مناضل اخترقته رصاصات غادرة فقط لأنه كان حرّا شديد المراس في الدفاع على قيمه. تزامن تشييع جثمان المناضل شكري بلعيد مع وجود أصوات ضد التيار السائد المؤكد على نضال الفقيد وإيمانه بقيم العدل والحريّة ومساندته للفقراء. بعض الأصوات السلفية تهكّمت من الجنازة وأخرى قالت انه لا يتسحق حتى الدفن في مقابر المسلمين ونعتته بالكافر... فيما ذهب آخرون الى اعتبار من ذهب لتشييعه آثما وكافرا!
لا للتكفير
تحدّث الدكتور ابراهيم الهادفي المختص في البحوث الاسلامية عن عدم جواز تكفير المسلم لأخيه، واعتبر أن الايمان في القلب ولا يعرف القلوب الا ا&. وقال إن اثم من يكفر الآخر وذلك غير صحيح يقع على من يكفّر...
وكانت حملات التكفير لشخصيات سياسية قد انطلقت منذ أشهر على صفحات الفايس بوك... واتهمت بعض الأطراف وقوف حركة النهضة وراءها فيما أنكرت حركة النهضة ذلك؟ مؤكدة أن «المكفرون» وأصحاب الصفحات هم من يتحمّلون مسؤؤلية «التكفير» وما يقولونه... وأن الحركة منهم بريئة. وأن الحركة تعمل في مجال سياسي مدني وكل أبناء الحركة لا يكفرون أبناءها مهما كانت مواقفهم.
وكانت رابطة حقوق الانسان قد أصدرت بيانا تؤكد فيه استهجانها للحملات التكفيرية والاعتداءات المتكررة على نساء وفنانين وتورّطت فيها بعض التيارات الدينية.
الربيع مهدد
الواضح أن حملات التكفير لم تكن استثناء في تونس حيث يتشابه السيناريو في تونس مع نظيره في اليمن وفي مصر. وكان البرادعي قد ردّ على حملات التكفير للثوار والرموز النضالية في مصر.
واعتبرت أصوات خبيرة في مصر بأن «التكفير» تهدّد الربيع العربي والثورة المصرية خاصة مع طغيان الافواه هناك ووجود تشدّد أكبر فيما اعتبرت أصوات من اليمن أن التكفير يهدّد «ربيع» اليمن الديمقراطي، وكانت نقابة الصحفيين اليمنيين قد دعت الصحفيين اليمنيين والحقوقيين بحضور وقفة تضامنية من أجل حوار متمدّن فا يستعمل لغة التكفير والتشهير التي يتعرض لها الناشطون في مجال حقوق الانسان.
في المقابل اعتبر عدد من الأئمة وأساتذة العلوم الشرعية أنه لا مجال لتكفير الآخر... وأن حرمة الحي كحرمة الميت ولا يجوز نبش القبور والاعتداء عليها. وأن تونس دولة مسلمة ومعتدلة لها جذور تعليم زيتوني معتدل... وأن الاسلام في تونس ليس الاسلام الوهابي ولا المتطرف والدخيل على المجتمع التونسي.
وكانت وزارة الشؤون الدينية في تونس قد دعت في أكثر من مناسبة الى تحييد المساجد عن السياسة والاختفاء بالجانب الديني والابتعاد عن اشاعة الفتن واستغلال بيوت ا&. في المقابل تقف جهات حقوقية متعددة متهمة تواصل الخطاب الداعي للعنف والفتنة في بعض المساجد وخروج بعض الخطب عن المنهج الديني وتسييسها. كما لاحظ عدد من التونسيين أن الكثير من الخطب والدروس الدينية لم تعد تبعث بالطمأنينة والسكينة في نفوس المصلين والباحثين على خلوة دينية وفسحة روحية بل إنها أصبحت تحرّض على العنف وتنفّر لا ترغب.
وأكّد عدد من الفقهاء التونسيين أن الاسلام بريء من الفتنة وأنه دين تسامح وتحابب لا دين كره وضغينة.