توجه نحو حكومة وفاق.. وكل السيناريوهات واردة على خطى مسلسل التحوير الوزاري الذي استمر على مدى سبعة أشهر أو تزيد لينتهي إلى سراب، يسير مسلسل حكومة التكنوقراط وما أثاره من تجاذبات ومن عواصف ضربت بيت «النهضة» ودفعت رئيس الحكومة إلى التلويح بالاستقالة في حال فشل مبادرته في المرور والتجسد على أرض الواقع.
مبدئيا كان مقررا أن يشهد هذا المسلسل (الثاني) نهايته اليوم السبت بأحد احتمالين: إما حصول مبادرة السيد حمادي الجبالي بتشكيل حكومة تكنوقراط على الدعم السياسي اللازم لعبورها في المجلس التأسيسي واما تقديم استقالته.. لكن هذه الحلقة التي كان يفترض أن تكون الأخيرة أبت إلا أن تلد حلقة أخرى سيتابعها التونسيون بكثير من الترقب والقلق يوم الاثنين القادم.. وذلك لاستكمال المشاورات التوفيقية بين مبادرة الجبالي ورؤية النهضة والتي من شأنها نظريا أن تسحب «فيتو» الحركة من أمام مبادرة أمينها العام.
فقد دعا الجبالي وفق السيناريو الذي كان موضوعا للحلقة الأخيرة لليوم السبت 13 حزبا سياسيا ومنظمات وطنية إلى جلسة في دار الضيافة بقرطاج للتشاور حول مبادرته.. جلسة انطلقت في حدود الرابعة من بعد ظهر أمس وتواصلت على مدى أكثر من أربع ساعات.. وكان يفترض أن يعرض فيها رئيس الحكومة تشكيلته الجديدة على الأحزاب والمنظمات الوطنية على أن يعلن اليوم نتيجة المشاورات مع هذه الأطراف. لكن الجلسة التي حضرها اهتم فرقاء الساحة والتي جمعت للمرة الأولى «الغريمان» راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة والباجي قايد السبسي زعيم نداء تونس في إشارة إلى دقة المرحلة وخطورها، شهدت حوارا ثريا ومشاورات بنّاءة يبدو أنها نجحت في تحقيق اختراق كبير قد يفضي في حال اكتماله بنفس الروح الايجابية والبنّاءة إلى طي صفحة هذه الأزمة الحكومية التي طالت أكثر من اللازم.
وتفيد الأخبار التي رشحت عن هذه الجلسة بأن تقاربا ملحوظا حصل بين مقترح السيد حمادي الجبالي بتشكيل حكومة تكنوقراط ومقترح النهضة والمؤتمر بالخصوص القاضي بتشكيل حكومة تجمع خليطا بين التكنوقراط ووزراء سياسيين.. ويبدو أن عقدة تحييد وزارات السيادة وبالخصوص الداخلية والعدل قد حكمت على المشاورات بالتمطّط وجعلتها تصطدم بنوع من الصعوبات التي حكمت بتغيير سيناريو الحلقة الأخيرة لمسلسل الحكومة والذي كان يفترض أن نتابعها اليوم.
وبالنتيجة فقد أعلن السيد حمادي الجبالي اثر نهاية جلسة أمس عن تواصل الحوار التشاوري مع رؤساء الأحزاب إلى يوم الاثنين القادم (18 فيفري) على أن تعلن نتائج المشاورات في نفس اليوم.
هل نشهد اليوم نهاية هذا السلسل الجديد الذي يعطّل البلاد ويشغل العباد وبذلك ينزع فتيل أخطر أزمة تشهدها تونس منذ شهور وعرفت أوجها إثر اغتيال الهشيد شكري بلعيد؟ سؤال ينتظر التونسيون اجابته بكثير من التفاؤل.. والقلق.. تفاؤل وقلق ليت الساسة يستحضرانهما وهم يتشاورون ويتجاذبون على تقسيم ما وصفه رئيس الدولة المؤقت ب«الكعكة». أحزاب حضرت وأخرى قاطعت حضر الاجتماع بالخصوص راشد الغنوشي (حركة النهضة) والباجي قايد السبسي (حركة نداء تونس) وكل من مية الجريبي وأحمد نجيب الشابي وياسين إبراهيم (الحزب الجمهوري) ومحمد الحامدي (حزب التحالف الديمقراطي) ومحمد عبو (حزب المؤتمر من أجل الجمهورية) وجنيدي عبد الجواد (المسار الديمقراطي الاجتماعي) ومصطفى بن جعفر (حزب التكتل من أجل العمل والحريات) ومحمد الابراهمي (حركة الشعب) ومحمد القوماني (حزب الاصلاح والتنمية) ولزهر بالي (حزب الامان) وعلي رمضان (حزب العمل التونسي).
وقد سجل غياب كل من حزب العريضة الشعبية للحرية والعدالة والتنمية والجبهة الشعبية عن هذا الاجتماع التشاوري بعد أن كانا أعلنا في وقت سابق رفضهما المشاركة فيه.
اجتماع هيئة الدفاع عن الشهيد شكري بلعيد
بناء على الدعوة الصادرة عن عميد الهيئة الوطنية للمحامين عقدت هيئة الدفاع عن الشهيد الأستاذ شكري بلعيد مساء أمس الجمعة 15 فيفري 2013 بدار المحامي بتونس، اجتماعا تنسيقيا تم التأكيد عند افتتاحه على أن تركيبة الهيئة قد تمت بناء على تكليف صادر عن كل من:
عائلة الشهيد حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحّد الاتحاد العام التونسي للشغل الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان
وتحت الاشراف الشخصي لعميد الهيئة الوطنية للمحامين بتونس. هذا وعلى اثر نقاشات مستفيضة أتت على مختلف الجوانب السياسية والقانونية والاجرائية المتصلة بملف اغتيال الأستاذ شكري بلعيد الذي يبقى مفتوحا على كل الفرضيات وطنيا ودوليا، تم الانتهاء إلى تشكيل لجان فرعية مختصة وتحديد أعضائها ومشمولات عملها وكيفية تسييرها.
وبعد التأكيد على خصوصية هذا الملف وما يقتضيه من ضوابط الحرفية والتأطير والفاعلية التي تطلبت حصر تركيبة الهيئة، فقد تم التأكيد على أن ذلك لا يحول دون اسهام عموم المحامين في أعمال اللجان بدعمها بمختلف الوسائل الممكنة وذلك اعتبارا لما توليه المحاماة التونسية لملف الشهيد الأستاذ شكري بلعيد من أهمية قصوى ترتقي إلى مستوى الأولويات، وقد انتهت الهيئة إلى التشديد على احترام الضوابط المهنية في التعامل مع الملف والتقيد بمشمولات اللجان المحدثة والتزام منتهى التحفظ في التعاطي الإعلامي مع الملف.
وللغرض المذكور فقد تم تكليف الأستاذين فوزي بن مراد ونزار السنوسي بصفتهما ناطقين رسميين عن هيئة الدفاع بصورة حصرية. وتقرر أن تعقد هيئة الدفاع ندوة صحفية وسط الأسبوع المقبل لبيان جميع المسائل المتعلقة بتكوينها ومشمولات عملها.