في بداية سنة 2012 ولدت جمعيّة المسرح الحرّ بعقارب ونالت تأشيرة وزارة الثقافة ويوم 14 جانفي وعلى الساعة 14 عرضت للجمهور باكورة إنتاجها «قمر 14». ولكن بين هذين التاريخين في مسيرة هذه الجمعيّة المسرحيّة الفتيّة كمّ هائل من المعاناة والصعوبات انطلاقا من غياب الدعم المالي حيث عوّل رئيس الجمعيّة الأستاذ بلقاسم الجدي على الإمكانيات الذاتيّة الصرفة وصولا إلى منع هذه الجمعيّة من استغلال فضاء دار الثقافة للقيام «بالبروفات» في إعداد أوّل أعمالها، مع ملاحظة غياب الدعم أيضا من المندوبيّة الجهويّة للثقافة بصفاقس وحتى السلط المحليّة باستثناء التكريم الذي نالته هذه الجمعيّة من قبل المكتب المحلّي لحركة النهضة بعقارب بعد العرض الناجح لعملها المسرحي الأول «قمر 14».
وشهدت هذه المسرحيّة تكريما آخر من طرف إذاعة صفاقس عند استضافتها لكاتب المسرحية بلقاسم الجدي ومخرجها عادل الخياشي واثنين من الممثلين في برنامج إذاعي وطن القمر وشهد هذا البرنامج حلّة زيّنها الحوار الشيّق الذي دار على أثير هذه الإذاعة ليلا.
وقد مثّل عرض هذا العمل المسرحي حدثا ثقافيا بكلّ المقاييس ومفاجأة كبيرة لكلّ أبناء عقارب وخصوصا المهتمين بالشأن الثقافي، كما اعتبر بعض النقاد أن عرض «قمر 14» لبنة أخرى قوية تضاف إلى المشهد المسرحي لمدينة عقارب التي تتنفس مسرحا، قد غصت دار الثقافة يوم العرض بالجماهير مما اضطر العديد من المثقفين من مواكبة المسرحيّة وقوفا.
هذا الحضور فاجأ الجميع وخصوصا الممثلين الشبان الذين أدّوا أدوارهم ببراعة ممّا جعل بعضهم ينخرط في البكاء وكأنّ أعينهم لم تصدّق ما حدث، حيث لم تمنع الصعوبات وغياب الفضاء هذه الجمعيّة من إنهاء العمل في وقت قياسي داخل فضاء دار الشباب بعقارب التي احتضنت الجمعيّة ليتمّ عرضه في احتفالات الذكرى الثانية للثورة تناغما مع موضوع المسرحيّة الذي يلخّص مسيرة شعب ضدّ الظلم والاستبداد انطلاقا من مقاومة المستعمر وصولا إلى ثورة 14 جانفي، عن نصّ روائي للأستاذ بلقاسم الجدي بعنوان «لامعة» اقتبسه للمسرح عادل الخيّاشي ليتحوّل من حلم إلى عرض حقيقي بعنوان «قمر 14». وجسّد الأدوار كلّ من الهادي شلبي ومؤنس بوكثير وتيسير بالهويشات وأسماء بن عبد الله ومحمّد الرقيق وجواهر بوكثير وهيام بن ابراهيم ومنيار العقربي بينما تكفّل بالتوضيب العام سامي الهندوز والحبيب التريكي كتقني للصورة. و إثر نجاح العرض الأول طالب عديد الجماهير بإعادة عرض هذا العمل الفنّي من جديد وقد علمنا أنّه تمّ اختيار يوم 20 مارس المقبل لما لهذا اليوم من رمزية تاريخيّة. بقي أن نشير أنّ هذا العمل ساهم فيه تلاميذ وطلبة وأطّرهم مربّون أكفّاء إداريّا وفتيّا وما على الجهات المعنيّة إلّا مدّ يد العون معنويّا وماديّا حتّى تنال الثقافة المكانة التي تليق بها وتبقى مثل هذه الجمعيات منارات للثقافة في الجهات.