أجمع العديد من السياسيين والخبراء في القانون الدستوري على أن صياغة الدستور تقتضي في هذه المرحلة الحساسة اعطاءه صبغة توافقية. ودعا العديد من المشاركين في المؤتمر الوطني حول صياغة الدستور الذي نظمه مركز دراسة الاسلام والديمقراطية يوم أمس بالعاصمة وبحضور البعض من رؤساء الأحزاب ووزير حقوق الانسان والعدالة الانتقالية سمير ديلو وممثلي المجتمع المدني ، دعوا الى ضرورة التوافق والاسراع باتمام الدستور في أسرع وقت.
كمال مرجان (رئيس المبادرة ) أكد على أن الدستور الجديد يجب أن يرتقي الى مستوى عال يضاهي دساتير البلدان التي سبقتنا في الديمقراطية وقال: «نحن في حزب المبادرة نعتبر أنه يجب أن يتوفر حد أدنى من التوافق على المبادئ الأساسية للقانون والقواعد ويجب أن تكون مؤسسات الدولة قائمة ولها الحرية التامة وتحرص على تطبيق القانون».
من الضروري كذلك أن يكون الدستور ضمانة لصيانة استقلال البلاد ويحافظ على هويتها ويكرس سيادة الشعب في ظل نظام جمهوري وتفادي التركيز على صلاحيات رئيس الجمهورية كمؤسسة رئيسية».
واعتبر أن الأهم أن يتم التركيز على صلاحيات رئيس الحكومة وتجنب تحديد السن لأن الدساتير الديمقراطية لا نجد فيها أي تحديد للسن ثم انه بعد تطور الخدمات الصحية لم يعد تحديد السن ضرورة كما أن الحكومة يجب أن تنبثق من الأغلبية والحرص على استقلالية القضاء والتمسك بمجلة الأحوال الشخصية وضمان حقوق الانسان بما يتماشى مع الاتفاقيات والمواثيق الدولية. بدوره أفاد عبد الوهاب الهاني(رئيس حزب المجد): «الدستور عقد ينظم التعايش دون تخوين أو تكفير ويحسم نزاعاتنا بطرق سلمية».
تأكيدات والتزامات
واعتبر أن الفصل الأول من دستور 1959 يمكن أن يكون اليوم دستورا ولا يجب أن نهول الأمر كما أن حوارات الأحزاب خارج المجلس التأسيسي يسهل بناء الوفاق داخل المجلس .
وكشفت فريدة العبيدي (نائبة بالمجلس التأسيسي عن حركة النهضة) عن أنه لا يمكن لأي صياغة دستور أن تكون ناجعة دون مشاركة مختلف الأطراف والتوافق أصبحت ضرورة حتمية وواقعية لأن تركيبة المجلس متنوعة ولم تعط الأغلبية لأي طرف .
كما ذكرت بتدخل حركة النهضة في مسألتين لحسم الخلافات القائمة أولا عندما حسمت في مسألة التمسك بالفصل الأول وثانيا عندما قبلت بنظام برلماني رغم أنها لا تتحمس له .
وخلصت الى ضرورة تفعيل الحوار والتوافق للاسراع باتمام الدستور . زياد العذاري (نائب بالمجلس التأسيسي) أكد: «الوفاق ينطلق من الحوار والانفتاح على مختلف الجمعيات ومكونات المجتمع المدني ومن الضروري أن ينطلق الدستور من القيم الأساسية للتونسيين وأن نعمل على الحسم في قضية الكونية حتى تكون اضافة هامة للتوطئة للقطع مع كل المزايدات التي رافقت صياغة الدستور فالشعب صاحب السيادة ومصدر السلطات وهذا جوهر الدولة المدنية .»
الأستاذ عمر الشتيوي قال بدوره: «نحن في منعطف تاريخي فبعد سنوات من الاستبداد نريد من دستورنا الجديد أن يقطع مع الانظمة الاستبدادية وأن تتمكن الثورة من تحقيق أهدافها وفي حزب المؤتمر نؤكد دائما على النظام المختلط الذي يأخذ الايجابيات من النظام البرلماني والنظام الرئاسي ولكن هذا يتطلب أن تحسم الأحزاب السياسية أمرها في المسائل الخلافية».
ملاحظات ومحاذير
بعض المشاركين في المؤتمر توجهوا ببعض ملاحظات منهم من اعتبر أن الفصل الرابع من باب المبادئ العامة باب مفتوح لكل التجاوزات ويعود بنا الى سياسة العهد السابق وطالب بضرورة التنصيص على تحييد دور العبادة من التجاذبات الحزبية مع امكانية الحوار داخليا في مسائل سياسية. وحذر آخر من الكونية معتبرا اياها: «لعبة ملغومة مقصودا بها تحريف مسار الثورة».
ملاحظ آخر أفاد: «ينبغي مزيد الوضوح في التوطئة والتأكيد على مسار العدالة الانتقالية كضامن حقيقي للانتقال الديمقراطي وفي ملحق الدستور ينبغي التنصيص على حقوق الضحايا ورد الاعتبار اليهم» .