رغم تعدّد عناوين البرامج التلفزية على الفضائيات التونسية وتوالدها من يوم إلى آخر إلا أن هذه العناوين تبدو سطحية فارغة المضمون خالية من أي اجتهاد. شهد القطاع الاعلامي بعد الثورة انفلات على جميع الأصعدة ومن ذلك تناسل البرامج التلفزيونية التي أصبحت تنافس على الكم لا الكيف ولن نتحدث هنا عن مضمون هذه البرامج الذي أرهق وأضنى نفوس المشاهدين بل زادهم توترا وحيرة، لكن ما سنطرحه لا يمكن أن يختلف مع هذا بل أن هذه السطحية والاستسهال وعدم الالتزام بالمهنية والحرفية وخاصة عدم الاجتهاد في اختيار هذه العناوين.
عناوين سطحية
وعلى سبيل المثال «سياسة شو» الذي يبث على الوطنية 1عنوان مسرحي لا يعكس مضمون البرنامج سوى في ذاك الجانب التمثيلي الذي يضطلع به ضيوفه السياسيون، فعندما نتحدث عن «الشو» يعني ذلك أننا في حصة لعرض مسرحي بمعنى «الشو» المتعارف عليه وإن لم يصب منتج البرنامج في اختيار عنوان جاد لهذه الحصة فإنه أصاب وعن غير قصد في تقديم فكرة عن نوعية البرامج التي تملأ الفضائيات التونسية وهي أغلبها مجرد مسرحيات أبطالها سياسيون يريدون تضليل الرأي العام واستعراض قوتهم دون إيجاد حلول، فالمشاهد التونسي في حاجة إلى حلول لا إلى مجرد مسرحيات سياسية نشاهدها وللأسف في بعض «بلاتوهات» هذه البرامج التي تبحث عن السهولة دون خلفية مهنية وتحضير علمي وموضوعي لمحاور الحلقة وهو ما يؤدي إلى ضياع المشاهد بين أسئلة مسقطة وأجوبة مبعثرة وترتفع أصوات المتحاورين وتغلب لغة العيون والأيادي وتعم الفوضى وتحيد «الحلقة» عن هدفها وهذا المضمون يعكس الفراغ المضموني لعناوينها وهذا لا ينطبق على البرامج السياسية فحسب وإنما الاجتماعية والثقافية أيضا على غرار «Dimanche حنبعل» الذي يبث على قناة حنبعل. هذا العنوان لا يعكس أي مضمون أو معنى أو اجتهاد من صاحبه فهو خال من أية خصوصية أو ميزة تدلّ على هوية البرنامج.
ولماذا هذا المزج بين اللغتين العربية والفرنسية وكأن لغة الضاد خلت من مفرداتها؟! كان بالإمكان اختيار عنوان مقتبس من الأجواء التونسية خاصة وأنه يجمع بين الفن والثقافة والمسابقات والأجواء الاحتفالية.
عناوين خالية من أي اجتهاد
وعلى قناة نسمة يطل علينا برنامجها اليومي «ناس نسمة» وإن كان لا يختلف في مضمونه عن البرامج السياسية الأخرى فإن عنوانه لا يعكس مضمونه بل إن القراءات كثيرة في تحليل هذا العنوان ومن ذلك أن هذا البرنامج لا يخص إلا «النّاس» الذين يشاهدونه أو الذين يشاركون فيه أو من يتفقون معه وفي توجهه.. عنوان منفتح على كل الاحتمالات لكنه خال من أي دلالة أو عمق..
وقد خيّل لصاحب برنامج «لاباس» أن اللغة العربية الفصحة قد خلت من مفرداتها فالتجأ إلى «الدارجة» التونسية واختار عنوان «لا باس» لبرنامجه الذي يقدمه نوفل الورتاني وإن كان صاحب العنوان يريد أن يبعث التفاؤل في صفوف المشاهدين من خلال «ديما لاباس» إلا أن مضمون البرنامج المتنوع والشامل لا يعكس مضمون العنوان.
ولا يمكن أن نقف عند هذه العناوين لكن المطلوب هو قليل من الاجتهاد من المنتجين وأصحاب هذه العناوين في ابتكار وخلق عناوين برامج ذات دلالة وعمق يعكس هوية البرنامج.. فعنوان برنامج تلفزي هو شبيه بعنوان مقال صحفي قد يشدّ القارئ أو يدفعه إلى تغيير الصفحة.