على غرار بقية بلدان العالم، تحتفل تونس باليوم العالمي للمسرح الموافق ليوم 27 مارس، وقد جرت العادة ان يكتب أحد رموز المسرح العالمي بهذه المناسبة رسالة. رسالة اليوم العالمي للمسرح كتبها هذا العام المسرحي الايطالي داريو فو، الحائز على جائزة نوبل للآداب وترجمها للعربية الدكتور يوسف عيدابي.. وهذا نص الرسالة:
من يخاف... المسرح؟
منذ زمن سالف بعيد حلت قوة التعصب عدم تحملها لممثلي الكوميديا الهزلية بطردهم الى خارج البلاد. واليوم يواجه الممثلون وجماعات المسرح الصعوبات في العثور على المسارح العامة ودور العرض وحتى المشاهدين... كل ذلك بسبب الانهيار الاقتصادي، لذلك لم يعد الحكام مهتمين بأمر السيطرة على أولئك الذين يعبّرون عن أنفسهم بالسخرية والتهكم، طالما لم يعد هناك من مكان للممثلين، بل ولا يوجد جمهور نظارة لمخاطبته.
على النقيض ففي أثناء عصر النهضة، وفي إيطاليا كان على أولئك الذين في الحكم ان يبذلوا جهدا مهما لكي يحملوا ممثلي الهزليات ليبعدوا بعيدا عن جمهور كبير استمتع بعروضهم كثيرا. لقد بات معروفا ان النزوح الجماعي الواسع للاعبي الكوميديا المرتجلة حدث في قرن الاصلاح الذي أمر بتفكيك كل خشبات المسارح خصوصا في روما حيث اتهم الممثلون بإهانة المدينة المقدسة. لقد أمر البابا الثاني عشر في عام 1697م تحت ضغط الطلبات الملحة من الفئة الأكثر محافظة من البرجوازية ومن الدعاة الرئيسيين لرجال الكنيسة بهدم مسرح توردينونا الذي طبقا لفلاسفة الأخلاق، قد نظم العدد الاعظم من العروض غير اللائقة. في عصر الاصلاح ألزم الكاردينال كارلو بروميو، الذي كان نشطا في شمال إيطاليا نفسه باصلاح «أطفال ميلانو» اذ فرق بوضوح بين الفن باعتباره الشكل الاعلى للتربية الروحية، وبين المسرح باعتباره مظهرا للتجديف والهباء.
وفي رسالة موجهة الى معاونيه، التي اقتبس منها الخلاصة يعبّر عما يدور في نفسه كما يلي: «في اهتمامنا باستئصال النبتة الضارة الشريرة بذلنا أقصى ما يمكن لحرق النصوص التي تحتوي خطابات سيئة السمعة لمحوها من ذاكرة الرجال، وفي نفس الوقت لمحاكمة أولئك الذين أباحوا طباعة مثل هذه النصوص ايضا».
من الواضح على أية حال، إنه بينما كنا نحن نياما، كان الشيطان قد عمل بالخداع من جديد، فكيف يكون اختراق الروح اكثر بكثير مما يمكن ان ترى العيون، ومما يكون قد تمت قراءته من مثل تلك الكتب؟! كيف يمكن ان يكون التدمير لعقول المراهقين والبنات الشابات بواسطة الكلمة المنطوقة والإيماءة الملائمة أكثر بكثير من كلمة ميتة مطبوعة في كتب؟! لذلك، فإنه من الضروري تخليص مدننا من صناع المسرح، كما نفعل بالأرواح غير المرغوبة».
وعليه، فالحل الوحيد للأزمة يكمن في الأمل بتنفيذ اقصاء واسع منظم ضدنا، وخصوصا ضد الشباب من الذين يرغبون في تعلّم فن المسرح: شتات جديد للكوميديا لصناع المسرح، الذين يستخلصون من مثل هذا العبء الثقيل منافع مستحيلة التصوّر بلا شك لأجل تمثيل وتشخيص جديد.