رغم ما تزخر به جهة باجة من مخزون وثروات طبيعية هائلة فإنّ استغلالها لم يوظّف بالشّكل المطلوب حيث بقيت الجهة محافظة على طابعها الفلاحي التّقليديّ. وفي ظلّ غياب قطب تنموي تكنولوجي فإنّ نسق ومؤشّرات التّنمية بها بقيت ضعيفة. ولئن طرحت فكرة مشروع إحداث هذا القطب بعد الثورة بعد أن تأكّد حاجة المنطقة إلى مثل هذه المشاريع الاستثمارية الهامة التي قد تساعد على الحدّ من تفاقم نسب البطالة بها ورغم تحمّس مكوّنات المجتمع المدني بالجهة استنادا إلى المراسلات العديدة المساندة لهذه الفكرة فإنّ استجابة السّلط المركزية لم تكن بمثل حماس الجمعيات والمنظّمات ليبقى المشروع حبرا على ورق بالرغم من سعي مركز التفكير الإستراتيجي لتنمية الشمال الغربي ومركز الأعمال بباجة إلى تنظيم حصص تحسيسيّة للتعريف بالقطب التنموي التنافسي الجديد الذي أطلق عليه اسم «جنان مجردة» وما يمكن أن يحققه هذا المشروع من دور فعّال خاصة على مستوى التشغيل وبعث المؤسسات الصغرى والمتوسطة إضافة إلى إدماج الجهة في دورة اقتصادية كبرى.
آفاق واعدة وطاقة تشغيليّة عالية
قدّم السيد محمد إقبال البلطي مدير مركز أعمال باجة خصائص هذا المشروع وهو يمثّل رؤية حديثة لتهيئة ضيعة غرّة جوان بمنطقة وادي الزرقاء لاستقطاب مركب تنموي متكامل يتشكّل من 5 مكوّنات يقع إنجازها على أقساط ثلاثة في مدّة تقارب 20 سنة وسيعتمد أساسا على تركيز مدينة جامعية خاصّة ذات مستوى عالمي تابعة لجامعة «ESPRIT» تحتوي على 10 مؤسّسات ذات اختصاصات مختلفة قادرة على استيعاب 20 ألف طالب ومبيتات تستوعب 5000 سرير ومراكز تكوين ذات اختصاصات نموذجية تعنى بالتكوين في الانجليزية لفائدة المهندسين والفنّيين والمتصرّفين وفي مجال التكنولوجيا المتقدمة وتوفّر احتياجات القطب من الخبرات في جميع الاختصاصات إلى جانب إحداث قطب للمشاريع الفلاحية البيولوجية المتطورة من قبل شركة التنمية الفلاحية «صديرة» غير ملوّثة للبيئة وذات مردودية وقيمة مضافة عالية كالحليب والزّيوت والغلال وموادّ الصيدلية والتجميل بالاعتماد على الموارد المائية ونوعية التربة وهي موجّهة كليّا نحو التّصدير ويتوفّر هذا القطب على مراكز للتكوين في هذه المجالات لفائدة الباعثين والتّقنيين بالإضافة إلى تركيز قطب سياحي بيئي وذلك باستغلال بحيرة سد سيدي سالم للسياحة البيئية والترفيه والصحة وتحويل الجزر الموجودة داخله إلى موانئ ترفيهيّة وربطها بالموقع الإستراتيجي للضيعة وقربها من الطريق السيارة وخط السكة الحديدية. كما يحتوي المشروع على إحداث 40 مؤسسة صغرى ومتوسطة بقيمة 50 مليون دينار تمكن من خلق قرابة 800 موطن شغل قارّ بين عملة وإطارات من حاملي الشهائد العليا في مرحلة أولى ليصل العدد إلى حدود 10 آلاف في نهاية المشروع مع بلوغ رقم معاملات يقارب 25 مليون دينار سنويا. وأضاف السيّد محمد إقبال البلطي أنّ تعطّل هذا المشروع راجع إلى إجراءات إدارية عقّارية ذلك أنّ شركة «جنان» تطلب الحصول على وعد لمدة سنة من وزارة الفلاحة لإسنادها ضيعة 1 جوان وذلك للقيام بالدراسات المعمقة والتفصيلية لمختلف مكونات المشروع والسماح لها باستغلال كمية من مياه سد سيدي سالم للري وإنجاز التجهيزات الأساسية اللازمة وتغيير صبغة الأرض لبناء المدينة الجامعية مع الأخذ بعين الاعتبار حماية البيئة والمحيط ورغم ما أبدته عدة مؤسسات تمويل استعدادها للاستثمار في مشروع «جنان مجردة» من خلال مراسلاتها فإنّ المشروع ظلّ حبرا على ورق لتبقى الجهة تتطلّع لرؤية القطب التنموي مجسّدا على أرض الواقع.