أكد الاستاذ عبد الرزاق الهمامي رئيس حزب العمل ان تحالفه مع نداء تونس جاء على قاعدة تكوين جبهة مدنية واسعة حول الادنى الجمهوري الديمقراطي المدني. وأشار الهمامي في حوار مع «الشروق» الى ان نداء تونس لم يقدم برنامجه بعد لكنه قدم توجهاته و»ارفقها بممارسات ميدانية تتوافق مع الطابع الديمقراطي العام»، معتبرا في الوقت ذاته ان الجبهة الشعبية يمكن ان تنضوي تحت الجبهة المدنية التي تسعى الاطراف المكونة للاتحاد من اجل تونس الى تأسيسها وفي ما يلي نص الحوار: الوضع داخل حزب العمل؟
الحزب مقبل على مرحلة تجسيد مقررات مؤتمره العام الأخير الذي انعقد بنجاح في 22-23 ديسمبر وانتخب الهيئة السياسية والمكتب السياسي واللجنة المركزية وذلك في مستويين، المستوى السياسي بلورة المقررات السياسية في خطط عمل تفصيلية تضبطها مختلف الاقسام والقطاعات في الحزب، والمستوى التنظيمي المتمثل في تجديد الهياكل الجهوية والقطاعية وفي هذا الاطار تنطلق المؤتمرات الجهوية للحزب وستكون البداية بمؤتمر الفرع الجهوي ببنعروس يوم السبت المقبل ومؤتمر
الفرع الجهوي بالقيروان يوم الاحد وستتواصل المؤتمرات طوال شهري مارس وافريل.
كما عقد الحزب يوم 15 مارس ندوة نسائية تمهيدا لمؤتمر القطاع النسائي وسيعقد كذلك ندوة شبابية خلال الفترة المقبلة استكمالا للمؤتمرات القطاعية وسيناقش كل مؤتمر جهوي او قطاعي جملة من الاوراق السياسية والاقتصادية والاجتماعية وخطة عملية ميدانية يتم من خلال كل هذه المواد تنزيل السياسات العامة للحزب على واقع الجهات والقطاعات وصياغة اجراءات عملية لتنفيذها ميدانيا.
كيف تقيّم الوضع العام في الساحة السياسية اليوم خاصة بعد تشكيل حكومة العريض؟
بعد تشكيل هذه الحكومة التي طال مخاضها مازالت البلاد تواجه استحقاقات ضاغطة فالملفات السياسية والامنية والاقتصادية مازالت تراوح مكانها فإلى الآن ليست هناك خارطة طريق واضحة ومتوافق حولها تتعلق بآجال نهائية لصياغة الدستور وتحديد ملزم للمواعيد الانتخابية المقبلة وتشكيل الهيئات التعديلية الضرورية في الاعلام والقضاء والانتخابات. مازال الملف الامني كذلك يشغل بال التونسيين فقضية الشهيد شكري بلعيد لم يكشف عن مرتكبيها وقد بات ذلك مطلبا شعبيا لا تقدم في الملف الامني دون تحقيقه ومازالت قضية الاطراف التي تستعمل العنف في التعاطي مع الشأن السياسي متفاقمة ولم يقع حل الروابط والاجهزة الموازية للدولة ونحن نسمع كل يوم عن تزايد شبكات التهريب واعمال العنف والارهاب رغم الجهود الوطنية المشكورة في مقاومة ذلك من قبل الاجهزة الامنية وقوات الجيش التي قدمت تضحيات جسام ولكن
الناس يتطلعون الى قرار سياسي حاسم لإحلال الامن وقطع دابر العنف والارهاب.
مازال الملف الاقتصادي ايضا يتفاقم ترديه باستمرار فليس هناك تقدم في حل معضلة البطالة والغلاء متصاعد ونسبة التضخم قاربت ال6٪ والعجز التجاري يقدر بما يقارب الألف مليار شهريا والمديونية الفاسدة تكلفنا تسديد خدمة دين بأربعة آلاف و800 مليار مقابل خمسة آلاف مليار ما ينفق على التنمية.
ما هو تأثير الازمة الاخيرة التي مر بها نداء تونس على احزاب الاتحاد؟
الاتحاد من اجل تونس هو جبهة ديمقراطية واسعة تضم أحزابا مختلفة المرجعيات ولكن بينها اتفاق سياسي مضمونه الدفاع عن الجمهورية ذات الطابع المدني الديمقراطي وعن المكاسب المجتمعية التونسية والسعي إلى تدعيمها وتطويرها في اطار الانسجام مع اهداف ثورة الحرية والكرامة، وهذه الجبهة تتأثر ولا شك بمختلف الاوضاع التي تعيشها الاحزاب المكونة لها لذلك فإن هناك هاجسا عاما لديها من اجل تماسك كياناتها الحزبية خدمة لتماسك البناء الجبهوي العام وحزب نداء تونس هو حزب رئيس في جبهة الاتحاد من اجل تونس وككل الاحزاب الحية في المجتمع تعيش تفاعلات ايجابية في دلالتها ونحن واثقون من قدرة هذا الحزب وسائر احزاب الاتحاد من اجل تونس على توظيف المقاربات المختلفة داخلها لما يخدم الاهداف العامة المشتركة واعتقد ان النداء تجاوز تلك التباينات في وجهات النظر ولعل تفعيل الاتحاد وخوضه لمعارك سياسية وميدانية بمستوى افضل من الاداء سيقلل من صرف طاقات مكوناته في التفاعلات الجانبية.
على أي أساس تحالفتم مع نداء تونس وهو لم يقدم برنامجه بعد، كما انه يحتوي على تجمعيين او دساترة مثلما صرح عدد من قياداته خاصة مؤخرا؟
نحن نعتقد ان بلادنا تمر بمرحلة تاريخية تقتضي تجميع كل القوى الديمقراطية الملتقية حول الادنى الجمهوري الديمقراطي المدني ونحن نعتقد كذلك ان تنقية الساحة السياسية من الذين تورطوا في جرائم الاستبداد والفساد تكون عبر القضاء وحده ولهذا السبب نحن من دعاة تسريع آلية العدالة الانتقالية حتى لا يبقى مذنب دون محاسبة ولا يظلم اي مواطن وتمارس عليه اجراءات اقصائية تعسفا. حزب نداء تونس يضم قوى عديدة توجهاته العامة ديمقراطية مدنية وقد اعلن عن هذه التوجهات وارفقها بعديد الممارسات الميدانية المتوافقة مع الطابع المدني والديمقراطي العام، لذلك نحن معه في جبهة مدنية الى جانب الحزب الجمهوري والمسار الاجتماعي الديمقراطي والحزب الاشتراكي، ونحن في حزب العمل لا نقبل المزايدة علينا في مواجهة استبداد «التجمع» فقد كانت قياداتنا ضحية للمحاكمات والقمع في زمن بورقيبة وبن علي ورفض المخلوع السماح لنا بالعمل السياسي القانوني واضطهدنا وحرمنا من حقنا ست سنوات كاملة ولم نظفر بتأشيرة العمل القانوني الا بعد هربه بأربعة ايام وكنا من اوائل الاحزاب التي نالت التأشيرة بعد الثورة.
ألا ترون ان موقعكم ايديولوجيا أقرب الى الجبهة منه الى الاتحاد من اجل تونس؟
حزب العمل الوطني الديمقراطي هو حزب تقدمي تجمعه قناعات وطنية ديمقراطية وهو يدرك سياسيا حدود واكراهات المرحلة التاريخية التي تمر بها البلاد نحن نعيش ازمة حقيقية ناتجة عن مسار ثوري غير مكتمل ومهدد بالانتكاس.
القراءة السياسية الواعية تتطلب حشد كل القوى المستعدة فعلا للالتقاء السياسي الواسع حول اهداف إنقاذية نريد انقاذ النظام الجمهوري ونريد انقاذ الطابع المدني للدولة ونريد تطوير المكتسبات الثورية المتعلقة بالحريات العامة والفردية ونريد مضمونا اجتماعيا يلبي تطلعات ثورة الكرام، كل من يلتقي حول هذه الاهداف نحن في وارد الالتقاء معه، هذا هو اطار الجبهة المدنية الواسعة التي ندعو اليها والجبهة الشعبية يمكن ان تكون في هذا الاطار الا اذا اختارت هي طريقا آخر نحن نحترم اختيارها لكننا واعون بأن الحس السياسي العملي الناجع هو في تجميع القوى وليس في تشتيتها وفي لم الشمل وليس في التفريق، انتهى بالنسبة لنا خطاب العزلة التي دفعنا ثمنها باهظا في انتخابات 23 أكتوبر.
عدم الاحتفال رسميا بعيد الاستقلال؟
نحن نأسف لعدم احياء هذه الذكرى وكأنه يراد شطبها من الذاكرة الوطنية وهذا موقف سلبي وغير مسؤول ازاء حدث وطني هام مثل 20 مارس، نحن نعرف ان هذا الحدث لم يكن ليتحقق لولا التضحية الكبيرة لأجيال من الوطنيين التونسيين الذين قارعوا الاستعمار الفرنسي ولم يكن من السهل ان تتخلى فرنسا الاستعمارية عن سيادتها المطلقة على تونس ونحن ندرك ان اتفاقية الاستقلال كانت في الحقيقة مرورا من وضع الى آخر، من وضع الاستعمار المباشر الى وضع الهيمنة غير المباشرة ومن حق التونسيين ان تكون لهم مواقف متباينة من هذا الحدث التاريخي ونحن في حزب العمل الوطني نعتبر ان ذلك الاستقلال كان منقوصا وان واجب كل الوطنيين والديمقراطيين في تونس هو العمل على استكماله وتطويره لنرتقي بوضع بلدنا الى مستوى السيادة التامة سياسيا واقتصاديا على وجه الخصوص. وهذا لا يتحقق الا بالوعي والجهد الدؤوب على استكمال ثورتنا الوطنية الديمقراطية وليس بإلغاء ذاكرتنا الجماعية.