بعد ارتداء بعض التونسيات للنقاب على خلفية أن أجسادهن عورة أقدمت فتاتان على تعرية جسديهما في سابقة لم تعرفها تونس من قبل تحت شعار «جسدي ملكي وليس مصدر شرف لأحد».
والسؤال من يحمي المرأة التونسية من شباك التطرف الديني والتطرف الأخلاقي؟ وماهي ردة فعل الجمعيات النسائية من هذه الظاهرة؟ بعد ثورة 14 جانفي أصبحت المرأة التونسية مستهدفة من قبل مشاريع عديدة تريد أن ترمي بجميع مكتسباتها عرض الحائط وعوض التفكير في قضاياها الهامة كالمساهمة في التنمية والتشغيل وتحقيق مكاسب جديدة أصبح جسدها هو الشغل الشاغل لدى أصحاب هذه المشاريع المتطرفة. وباسم الحريات واحترام تعاليم الدين رأى بعض المتشددين في الدين أن جسد المرأة كله عورة وبالتالي وجب إخفاؤه كله واختلفوا حتى في حدود وضع النقاب على الوجه حيث يرى بعضهم أن النقاب يغطي كامل الوجه بينما يرى الأقل «تشددا» منهم أنه بإمكان المنقبة تعرية العينين. وواجه هذا الزي اعتراضا كبيرا من قبل الكثير من التونسيين الذين اعتبروه إهانة للمرأة كإنسان وكمواطن وعقل فاعل في هذا المجتمع على خلفية أن إخفاءها كمرأة فيه احتقار كبير لهويتها واستنقاص من قيمتها. واعتبره البعض الآخر حرية شخصية اكتسبتها المرأة بعد الثورة لا سيما وأنه في العهد السابق تم حرمانها من الحجاب لفترة طويلة.
التعري
وبعد هذا الزي الدخيل على بلادنا استفقنا خلال الأسبوع الماضي على حدث آخر تمثل في إقدام فتاة تدرس بأحد المعاهد الثانوية على تعرية الجزء العلوي من جسدها بينما خطت علية «جسدي ملكي وليس مصدر شرف لأحد». وكشفت الفتاة عن ارتباطها بجمعية «فومن» للإحتجاج بالصدورالعارية التي تأسست في أكرانيا وانتقلت إلى فرنسا وبعض البلدان الأخرى. وقالت أن ما اقدمت عليه هو ردة فعل على حرية النقاب في تونس. وكانت الحادثة بمثابة الصدمة لعائلة الفتاة من جهة وللمجتمع التونسي من جهة أخرى.
وبخصوص العائلة تبرأ منها الأب والأم والأخ ورأوا أنها تعرضت لعملية غسيل دماغ وبالنسبة للمجتمع تم تناولها باستنكار كبير معتبرين أنها لا تمثل الفتاة ولاالمرأة التونسية التي ترعرعت في محيط له تقاليده وله ضوابطه الأخلاقية ودينه شأنه شأن المجتمعات الغربية التي رغم اختلافها عنا في العقيدة وثقافة العيش إلا أنها رفضت شكل التظاهر والإحتجاج الذي توخته جمعية «فومن» في التظاهربل شاهدنا كيف أن الأمن تدخل لتغطية جسد المتظاهرات أمام المركز الإسلامي بفرنسا. وبعد حوالي أسبوع من القنبلة الأولى أقدمت فتاة أخرى على التعري ونشر صورها على «الفايسبوك» مما يحيلنا إلى وجود شبكات تزج بالتونسيات وسط دوامة التطرف من أقصى اليمين إلى اقصى اليسار. ضرب للهوية
واتصلنا ببعض النساء الناشطات صلب المجتمع المدني والأحزاب للوقوف عند هذه الظواهر الدخيلة ورصد ردة فعل الجمعيات النسائية فأفادت الأستاذة راضية الجربي رئيسة اتحاد المرأة أعارض فكرة تعرية الجسد ورغم أنه ملك خاص إلا أن تعريته تمس المجموعة. واعتبرت أن تبليغ الرسائل لا يكون بهذه الطرق بل بالنضال اليومي والفكر المتطور. ورأت أن تعرية الجسد فعلا هو تطرف بشكل آخرلأن التي ترتدي النقاب تريد أن تقول أنها كلها عورة. ومن يتبنى ذلك يريد تبليغ رسائل سياسية وإيديولوجية وقالت: «نحن لسنا بضاعة بما يعني ان واحدة تغطي جميع جسدها والأخرى تعريه بل المرأة التونسية هي مواطن وإنسان وحاملة فكر والجمعيات النسائية وعلى راسها اتحاد المرأة سوف تتصدى لأشكال التطرف ولمن يدعون له في تونس نقول لهم: «لن تمروا».
يمينة الزغلامي عضو بالمجلس التأسيسي عن حركة النهضة قالت: «الناس لم تنزل إلى الشارع لتقوم بثورة وتنادي بالتعرية أو النقاب أو تعدد الزوجات». وهذه المواضيع صغيرة جدا مقارنة بحجم التحديات التي تواجهها المرأة التونسية اليوم الفاعلة في جميع الميادين وبالتالي فهي مسائل شاذة والشاذ يحفظ ولا يقاس عليه. وأشارت إلى أن تعرية الجسد هي مسائل ممنهجة لإبعاد المرأة عن قضاياها الحقيقية والمرور بها من النقاب إلى التعري. وختمت بأن المرأة التونسية ينظر إليها كإمرأة عظيمة وإن شاءالله سوف تحصل على مكتسبات اكبر. وذكرت ابتهال عبداللطيف رئيسة جمعية نساء تونسيات أن موضوع المرأة التونسية في شباك التطرف من النقاب إلى تعرية الجسد يحتاج إلى فتح حوار كبير في شأنه لأن النقاب ربما نجد له مبررا ويمكن قبوله فحتى في المجتمعات الغربية صمتت عنه ولكن التعري لم نجد له أي مبرر فحتى اتفاقية «سيداو» التي يدافع عنها العلمانيون تتضمن بندا يمنع الإستغلال الجنسي للمرأة في الأماكن المغلقة بما بالك بالتظاهر في الشارع.
ضحايا
واعتبرت أن العملية لها علاقة بتوجهات سياسية تعمل على ضرب الهوية التونسية ونحن كجمعية لنا اتصال بجمعيات كثيرة وسنتصدى لكل أشكال استغلال الفتيات والزج بهم في هذه المتاهات. وختمت بأن هاتين الفتاتين هما ضحية في حاجة إلى الأخذ بيديهما وإنقاذهما من التطرف الأخلاقي . نزيهة بوسعيدي الخلفاوي.