لم أقدر أن أتجاهل الموقف المحرج جدا...الذي وقع فيه شاب من خريجي الموسيقى, والذي تعرض لحوالي 10 دقائق من التأنيب والانتقاد اللاذع و التذليل, بتهمة غنائه للفنانة ذكرى محمد, وفشله في أداء أغنية « وحياتي عندك», فقد اجتهدت لجنة التحكيم لبرنامج «المواهب» على الوطنية 2, في إحباط هذا الشاب, وذلك دون أي رد فعل من هذا المتباري ودون تدخل المنشطة لنصرته, ودون رأفة الممثلة جميلة الشيحي التى نحترمها في مجالها الذي تستطيع أن تقول فيه الفتاوى...فإني أظن أنها لم تحسن اختيار النعوت و العبارات أو الأوصاف التي ليست لها أية صلة بالموسيقى, مثل «الغنايهْ كسرْتلها كرايمْها» التي أعتبرها عبارات يمكن أن تستعمل في مسلخ بلدي للحيوانات...هذه المصطلحات التي تحط من عزيمة المواهب والمتبارين في الغناء...فلا تقولوا لي إن هذا من باب خفة الروح أو التلقائية, حتى نخص فن الغناء بالأودية والمجاري لتعلق السيدة جميلة قائلة «إنت َ تْغني في وادْ والغنايهْ في وادْ» فإن النغم والتطريب وعلوم الموسيقى لها مصطلحات ومختصون...فهل سمعتم يوما بمختص في الموسيقى يناقش ويوزع الأحكام على المسرحيين أو السينمائيين, أو يقيم مواهب في هذه المجالات...؟ لماذا كل هذا الخلط, والتهكم على ميدان له أساتذة و دكاترة و باحثين في فن النغم والتطريب وباقي العلوم الموسيقية...؟ وماذا اقترفت الموسيقى من ذنب, حتى تحبطوا محبيها و مواهبها...؟أليسوا هم أجيال المستقبل, الذين تراهن عليهم مدارسنا ومعاهدنا الموسيقية...؟ كما أنني أسوق بعض المآخذ للفنان الراقي عدنان الشواشي عن تعاليه على هؤلاء المواهب رغم أنه عرف برقة ألفاظه وبأخلاق عالية ونحن نعلم أنه من بين خريجي أسابيع الفن وهو برنامج لاكتشاف المواهب في ذلك الزمن ...إذن بماذا نفسر كل هذا التقليل من شأن المتباري المذكور وإحباطه و بماذا نفسر كل هذا الحقد على أساتذة الموسيقى هذا إن ثبت أن المتباري في هذا البرنامج يعمل أستاذا للموسيقى...؟ فقد تعمد الفنان عدنان الشواشي تكراره للمتباري بأنه فشل في الأداء وهو أستاذ موسيقى وهذا ما سبب إحراجا لأساتذة الموسيقى...وهل توجد معاهد تسند شهادة ملحن أو مطرب أو مبدع...؟وهل أن تدريس الموسيقى يمنح صكا في الإبداع...؟ فإن هناك من خريجي الموسيقى من نجحوا في الغناء أو التلحين أو التوزيع الموسيقي...ولم ينجحوا في التدريس والأمثلة كثيرة لأسماء هجرت مهنة التدريس الشاقة التي ليست مقياسا للإبداع إلا بيداغوجيا وفي عمق العملية التربوية.......وهنا أقترح على « لجان حماية المواهب» إن صحت العبارة أن يسندوا أعدادا للمتبارين ويتركوا النصائح التي إن رغب فيها متباري في الغناء فمن الأجدر أن يتلقاها من معاهد الاختصاص وأثناء الدراسة وفي حضرة أستاذه الذي لا يمكن أن يكون إلا عالما بهذا العمل الفني وبشتى التقنيات والقواعد والخبرة الموسيقية...فإن شئتم قولوا خيرا أو.....أسندوا أعدادا, فأنتم القدوة...فإن الآراء الانطباعية أشياء بسيطة ولا تعبر عن المعرفة...فما هذا التهافت للجلوس على كرسي التحكيم لبرامج المواهب والتظاهر بإعطاء النصيحة...؟ أليس هذا التسابق لمجرد الظهور أمام الكامرا هو الإفلاس الفني بعينه....؟ وفي النهاية وأمام تفاقم ظاهرة حكام المواهب فإن عزائي الوحيد في ذلك أن أدعوهم بكل لطف إلى الامتثال لأغنية «أسألك الرحيل» للرائعة نجاة الصغيرة...وهنا حديثي موجه لكل برامج المواهب ودون استثناء...أو ربما من لم أذكرهم, هم الأسوأ..............