تونس «الشروق»: فتحي البجاوي كان أحد أشهر المطربين في تونس، ويكاد يكون مطرب الأفراح الخاصة بامتياز، نادرة هي البيوت التي لم يغن في أفراحها فتحي البجاوي... لكن وفي غفلة منه، خفت إشعاعه، وذلك بعد تعرضه لحادث مرور يصر فتحي على اعتباره محاولة قتل نجا من الموت بأعجوبة، وباصرار كبير عاد للساحة الغنائية ليجدها قد تغيّرت، لم يعد فيها مجال للطرب، والبقاء فيها للأتفه... ومع كل العراقيل تشبث فتحي البجاوي بفنه وواصل عمله، وهو الآن بصدد الاعداد لعرض موسيقي غنائي جديد يحمل عنوان «دار الفلك»... عن هذا العرض ومسائل فنية أخرى كان الحوار مع هذا الفنان. أين فتحي البجاوي طيلة هذه السنوات؟ أنا موجود وأعمل وأنتج أعمالا، ولكنني لا أظهر في التلفزة ولا تذاع أعمالي، وحتى أكون صادقا، فإنّ التلفزة تبث بعض أعمالي المسجلة، لكن ما أقصده هو استضافتي في المنوعات... كم مرّة تمّت استضافتك؟ طيلة أكثر من 20 سنة تمّت دعوتي مرّة واحدة، وكانت في منوعة «الليل زاهي»، وحتى هذه الاستضافة لم تكن في المستوى حيث تمّ تهميشي وابراز مطربة جديدة مازالت في بداية خطواتها الفنية.. غريب، في حين أنك ابن التلفزة؟ صحيح، كل الذي قدمته كان في التلفزة وفي المنوعات التلفزية، فأنا من خريجي برنامج «فن ومواهب» الذي كان يشرف عليه الأستاذ عزالدين العياشي، ومن الخريجين معي سمير العقربي ومحمد صالح الحركاتي والناصر صمّود. كل هؤلاء من الملحنين؟ وأنا ملحن أيضا، لكنني مسكون بالغناء وبدأت في هذا المجال منذ كنت في الابتدائي بمدرسة شارع الهادي شاكر، ثم في برنامج «بين المعاهد»، مرورا بالكورال، ودرست على خيرة الأساتذة مثل الدكتور صالح المهدي وعبد الكريم صحابو وخالد السدري وفتحي زغندة. كما كانت لي مشاركة متميزة في برنامج «نجوم الغد» مع المرحوم الأستاذ علي السريتي... وهل تشعر أنك أخذت حظك من الشهرة..؟! في وقت ما حققت شهرة كبيرة ولكن منذ تعرضت الى حادث مرور، الذي أعتبره الى اليوم محاولة قتل لم يكن حادثا عابرا... لم أعد أحظى بنفس النظرة، وخاصة من بعضهم مع أنني لم أفقد شيئا من طاقاتي الصوتية. ماهي الأغنية التي كانت سببا في شهرتك؟ هي أغنية «شغلتني». لكن هذه أغنية لعدنان الشواشي؟ لا، هي «أغنيتي» والمرحوم رضا القلعي منحني إياها وغنيتها في الكثير من المناسبات، لكنني لم أسجلها. أنا صاحب هذه الأغنية التي تم اختيارها ضمن أجمل 100 أغنية في تاريخ الغناء التونسي. تبدو غاضبا؟ لا، لست غاضبا ولكن يؤسفني أن أعامل بهذه الجفوة وهذا التجاهل، أنا المطرب التونسي الوحيد الذي غنى مع دليدا على نفس الركح، والفنانة سلوى محمد شاهدة على ذلك، كان ذلك عام 1978 في مدينة «كان» الفرنسية. غنيت في كل جهات الجمهورية من شمالها الى جنوبها ومن شرقا الى غربها، في تونس العاصمة غنيت في كل أنهج وأزقة المدينة... كنت نجم الأعراس والأفراح الخاصة... وهل تفتخر بذلك؟ طبعا، الغناء في الأفراح أصعب بكثير من الغناء في المهرجانات وأنا أعرف ما أقول، غنيت في المهرجانات وغنيت في الأعراس، والأعراس أفضل بكثير من بعض المهرجانات. متى بدأت مصاعب المطرب فتحي البجاوي؟ هي مجموعة من الأحداث التي جلبت لي المشاكل، البداية كانت عندما صرحت وقلت في احدى الصحف أن أغنية «من غير ليه» كانت قديمة عند طرحها في السوق، الكل كرهني لأنني قلت أن محمد عبد الوهاب خدعنا بأغنية قديمة، لكن مع مرور الوقت ظهرت الحقائق وكنت صائبا في قولي. بعد «من غير ليه»؟ ذات مرة كنت في صالون الماكياج، فقلت للمشرفة على الماكياج مازحا لا أريد ماكياجا ك... وذكرت إسم اعلامية كانت لها صولات وذات نفوذ قوي وقتها، ويبدو أن أصحاب الخير «ردّوا الخبر» مع الاضافات طبعا، وهو ما جلب لي الكثير من المتاعب. وماذا أيضا؟ كنت أدرس في معهد «الصادقية» وكان أستاذي وقتها عبد الحميد سلامة، وحدثت مناوشة بيني وبينه، والحقيقة كانت أيضا كلمة أردت منها المزاح، لكنه اغتاظ كثيرا، وبقي يكن لي الحقد، الى أن شاهدني يوما في التلفزة فطلب منهم منعي من الظهور... تخيّل حقد عشرات السنين، كنت تلميذا صغيرا ومع ذلك لم يشفع لي ذلك. وماهي علاقتك بالمهرجانات؟ صارت منعدمة تقريبا منذ سنوات، ولا أدري لماذا، انتاجي موجود وأقدم كل عام ملفا لكن لا أتلقى ردّا، ولو كان بالرفض!! ومهرجان المدينة؟ كانت لي فيه مشاركة وحيدة، قدمت وقتها عرضا يتضمن قصائد تتغنى بالورد وبعدها أقفل الباب. كانت لك أيضا تجربة في التمثيل؟ نعم كانت في شريط «الضياع» اخراج صلاح الصغيري وسيناريو المرحوم الحبيب حرّار، وشارك في الفيلم وقتها الأمين النهدي وليلى الشابي... كنت أول مطرب تونسي يقتحم مجال التمثيل، لكن لم أواصل التجربة. ولماذا؟ أولا، لأن التجربة في رأيي لم تكن في حجم انتظاراتي ثم أهل المهنة انزعجوا من وجودي كمطرب في عمل درامي، الممثلون المحترفون غضبوا. ما جديدك؟ عرض موسيقي بعنوان «دار الفلك» ويضم مجموعة من الأغاني الجديدة، اضافة إلى أغاني لكبار الفنانين التونسيين مثل علي الرياحي لم تسمع من قبل، أغاني نادرة جدا وغير مستهلكة. وأين سنشاهد هذا العرض؟ أنوي تقديمه لمهرجان المدينة، أعتقد أن أفضل اطار لهذا العرض هو مهرجان المدينة. آخر أغنية في رصيدك؟ أنا بصدد إعداد أغنية يقول مطلعها تونس تغني... وإلا تنين النبرة جميلة والنغم حزين.