قالها ولد الشرعية الأغلبي للشعب المغلوب على أمره والحائر في أمره من أمره، قالها بعظمة لسانه وإن كنا نعرف أن هذه «العظمة بلا فص» قالها ببنت شفته وإن كنا نعرف أن تلك البنت من ثمار زواج المتعة وأن أمها مختونة ختانا لوزيا مرّا، قال: إن الحكومة لا دخل لها في تنظيم الاحتفال بعيد الاستقلال وإنما هو من أنظار الشعب والمجتمع المدني.
هذا القول لا انبثاق له إلا من أربعة احتمالات توائم لاصقة لا تقبل الفصل وهي القطع مع الماضي القريب لأن الجماعة مازالوا في الزمن البعيد يتفاوضون على إدانة ناقة الأوس والخزرج بالتوافق وهم بعيدون كل البعد عن القرن العشرين ومطلع الألفية الثالثة ثم الضحك على الذقون في هذا الزمن الذي باتت فيه اللحية غطاء عند بعضهم لماء الوجه وقلة الحياة ثم النأي بنفس الجماعة عن الاستقلال لأنه يتعارض مع طاعة الشيخ ومُلك المشيخة على الشياع. ورابعا وأخيرا لا يعرفون الاستقلال فكيف اذن تحتفل الحكومة باستقلال لا تعرفه أصلا.
هذا عذري للحاكمين ولكن لماذا لم يحتفل الشعب بعيد استقلاله؟ كيف تريدون من شعب ان يحتفل بعيد استقلاله وهو مازال ينظر الى «اليد الحمراء» تقتل الرموز وتتوعد بالقتل وهي محمية؟
كيف يحتفل وهو يرى شباب البلاد يساق الى حروب وراء الحدود لا تعنيه تماما كما كان شباب الإيالة يساق الى حرب «الاندوشين» والحلفاء والمحور؟كيف يحتفل ورش الاستعمار و«ماتراكه» ولاكريموجانه مازالت تحكم الشعب الذي عاد به الزمان الى مرتبة «الانديجان» حيث بدأ القمل والبرغوث والفقر والخصاصة والجوع يطلبون العودة الى البلد مع العفو العام على الجرب والفرطس والسل؟ كيف يحتفلون وهم ينظرون الى من باعوا الهمّة و«الملمة واللّي ثمة» وأعلنوا البيعة وأصبحوا «بيّوعة» لمن جاؤوا من وراء البحار وارتدوا بدلة «سباييس القايد» و«هيدوق الشيخ» وعسكر زواوة، لا تزال البركة في التكتك البولوني والتشغيل الزيتوني ولطرد التابعة عن كتابة الدستور ولحماية الحكومة من حمى التكنوقراط وللعثور على القضقاضي ولحل النادي الافريقي، وديكي ديكي أنت صديقي ما دمت معي مسردكا لحماية الثورة. وشكرا لرئيسنا المفدى الذي احتفل بالاستقلال وإن كان لا يعرف بورقيبة ويعرف ريكوبا.