علمت «الشروق» ان لقاءات أولية تمت في الأيام القليلة الماضية بين ممثلين عن «النهضة» ووجوه معروفة من «الدساترة» قد تتوج بالاعلان عن تحالف قريب. اطلق الاعلان عن تشكيل الجبهة الدستورية شرارة التنافس بين عدد من الوجوه التاريخية للدساترة وهو ما دفع عددا منها للقيام بمساع حثيثة لايجاد نقاط التقاء مع بعض الاحزاب الفاعلة وعلى راسها حركة النهضة.
هذه الاطراف باتت تطرح نفسها كبديل جدي يحمل الثقل الجماهيري لجهة الساحل خصوصا وهو ما يشير الى بداية ظهور تنازع حاد حول الرصيد القاعدي الدستوري خاصة ان منطقة الساحل تتمتع بثقل هام في المعادلة السياسية ومازالت تبحث عن المرشح الأقدر على تجميع الصفوف وحصد اكبر عدد من الاصوات الضامنة للنجاح في الانتخابات القادمة ولم تستطع ان تحسم امرها بعد حول الوجوه المتصدرة للساحة السياسية الحالية .
فرغم الانطلاق المبكر للسيد الباجي قايد السبسي في اعلان رغبته في تصدر الجبهة الدستورية فان منهجه التجميعي الشامل الذي لا يقوم على فرز واضح على اساس المبادئ والافكار لم يكن موضوع ترحيب كبير ولم يلق الحماس المنتظر خاصة في ظل وجود سيطرة واضحة لوجوه يسارية في المواقع القيادية مما يعني ان كل المكاسب الحقيقية ستصب في جرابهم ، كما يؤكد ذلك عديد الملاحظين من جانب آخر فإن الجبهة الدستورية التي تشكلت حديثا تطغى عليها الشخصيات الزعاماتية وهو مشكل حقيقي ستظهر حدته مع اقتراب الانتخابات وبداية التفاوض حول الوجوه التي ستتصدر القوائم الانتخابية .
حركة النهضة على الخط
كل هذه التحديات قد تكون هي التي دفعت بالكتلة الدستورية عبر عدد من رموزها الفاعلة إلى البحث عن سبل تمكنها من إعادة تموقعها على الرقعة السياسية في انتظار الانتخابات المقبلة. وكوّن التوجه إلى حزب حركة «النهضة» أحد هذه السبل.
«النهضة» من ناحيتها رأت في هذه «الدعوة» فرصة ذهبية لا يمكنها إضاعتها لذلك انطلقت خلال الايام الماضية لقاءات اولية تمهيدية عبر عدد من الاطراف التي تحظى بالثقة لدى الجهتين في انتظار ان تتبلور خلال الايام القادمة بعد عرضها على مجلس الشورى لحركة النهضة في نهاية الاسبوع الجاري خاصة في ظل قبول مبدئي من طرف النهضة للتحاور مع عدد من الشخصيات التي تحظى عندها بالاحترام والتقدير مثل السيد حامد القروي والسيد الهادي البكوش والسيد كمال مرجان .
حركة النهضة تبدو في وضع مريح باعتبار ان التنافس الحاصل بين الدستوريين سيؤدي حتما الى اضعافهم ويمنع تكتلهم في جبهة واحدة وعوض ان تصبح المعادلة تحالف الجميع ضد النهضة يتحول الامر الى النهضة مع من تختار ليكون حليفها المستقبلي خاصة في ظل التفتت التراجيدي لحزبي المؤتمر والتكتل الذي يوحي بالتخلي عنهما بسبب عدم قدرتهما على مجاراة النسق الكبير للساحة السياسية المتغيرة يوما بعد يوم علاوة على خيارات الجبهة الشعبية التي اختارت مسارا لا يؤدي الى السلم الوطنية مما سيؤدي حتما الى الابتعاد عنها من طرف جميع الاطياف ويساهم في عزلها عودتها الى حجمها الطبيعي كما يرى بعض المتتبعين للشأن السياسي الوطني وكما يتمناها خصوصا النهضاويون والدساترة على حد سواء.
الأيام القليلة المقبلة تبدو حاملة لتطورات جديدة في العلاقة التي بدأت تربط بين النهضويين والدساترة ينتظر أن تساهم في تثبيت ملامح المشهد السياسي بما يسهم في دعم المنحى العام نحو التوافق ودعم المسار النهائي الضامن للاستقرار السياسي والاجتماعي.