منوبة: الانطلاق في تزويد المناطق السقوية العمومية بمياه الري بعد تخصيص حصّة للموسم الصيفي ب7,3 مليون متر مكعب    افتتاح مركز موسمي للحماية المدنية بفرنانة تزامنا مع انطلاق موسم الحصاد    الدورة 12 من الملتقى الوطني للأدب التجريبي يومي 21 و 22 جوان بالنفيضة    قافلة الصمود : الإفراج عن 7 من الموقوفين    فرصة عمل للتونسيين في السعودية: إليك التفاصيل    عاجل/ رئيس الدولة يفجرها: "لا أحد فوق المساءلة والقانون..ولا مجال للتردّد في إبعاد هؤلاء.."    أبرز ما جاء في لقاء رئيس الدولة بوزيري الشؤون الاجتماعية والاتصال..    6 سنوات سجنا لنائب سابق من أجل الإثراء غير المشروع    هيونداي 9 STARIA مقاعد .. تجربة فريدة من نوعها    مطار طبرقة عين دراهم الدولي يستأنف نشاطه الجوي..    درة ميلاد تدعو إلى تنويع السياحة وإنقاذ قطاع الفنادق في تونس    تحويلات التونسيين والسياحة تغطي أكثر من 80٪ من الديون الخارجية    121 حريق تسبّبت في تضرّر أكثر من 200 هك منذ بداية جوان: إقرار لجان تحقيق مشتركة للبحث في ملابسات اندلاع الحرائق    قائد عسكري إيراني: شرعنا باستخدام أسلحة جديدة ومتطورة    ترامب يهاجم ماكرون بعنف: ''لا يعرف سبب عودتي... ويُطلق تكهنات لا أساس لها''    اشتعال النيران في 36 شاحنة في برلين...تفاصيل    بعد السقوط أمام فلامنجو... الترجي في مواجهة هذا الفريق بهذا الموعد    كأس العالم للأندية : برنامج مباريات اليوم الثلاثاء    لاتسيو الإيطالي يجدد عقد مهاجمه الإسباني بيدرو رودريغيز حتى 2026    الطقس اليوم: حرارة مرتفعة..وأمطار مرتقبة بهذه الجهات..    موعد إعلان نتائج البكالوريا 2025 تونس: كل ما تحتاج معرفته بسهولة    عبدالله العبيدي: إسرائيل تواجه خطر الانهيار وترامب يسارع لإنقاذها وسط تصاعد الصراع مع إيران    سر جديد في القهوة والأرز... مادة قد تحميك أكثر من الأدوية!    عدد ساعات من النوم خطر على قلبك..دراسة تفجرها وتحذر..    إلى حدود 15 جوان: تجميع حوالي 3.51 مليون قنطار من الحبوب    انعقاد جلسة عمل اللجنة القطاعية للبيئة في إطار إعداد المخطط التنموي 2026-2030    طقس اليوم: خلايا رعية محلية مصحوبة ببعض الأمطار بهذه المناطق    كيف سيكون طقس اليوم الثلاثاء ؟    كأس العالم للأندية: الترجي الرياضي ينهزم أمام نادي فلامينغو البرازيلي    رونالدو يهدي ترامب قميصا يحمل 'رسالة خاصة'عن الحرب    ‌الجيش الإسرائيلي: قتلنا رئيس أركان الحرب الجديد في إيران علي شادماني    ملتقى تونس الدولي للبارا العاب القوى (اليوم الاول) : العناصر التونسية تحرز 9 ميداليات من بينها 5 ذهبيات    هجوم إيراني جديد على تل أبيب وأميركا تنفي المشاركة بالقتال    ماكرون.. ترامب أبلغ زعماء مجموعة السبع بوجود مناقشات للتوصل إلى وقف إطلاق نار بين إسرائيل وإيران    فوكس نيوز: ترامب طلب من مجلس الأمن القومي الاستعداد في غرفة العمليات    كأس العالم للأندية: التشكيلة الأساسية للترجي الرياضي في مواجهة فلامينغو    القيروان: إزالة توصيلات عشوائية على الشبكة المائية في الشبيكة    عاجل: أمر مفاجئ من ترامب: على الجميع إخلاء طهران فورا    كأس العالم للأندية: تعادل مثير بين البوكا وبنفيكا    في اصدار جديد للكاتب والصحفي محمود حرشاني .. مجموعة من القصص الجديدة الموجهة للاطفال واليافعين    الكوتش وليد زليلة يكتب .. طفلي لا يهدأ... هل هو مفرط الحركة أم عبقري صغير؟    يهم اختصاصات اللغات والرياضيات والكيمياء والفيزياء والفنون التشكيلية والتربية الموسيقية..لجنة من سلطنة عُمان في تونس لانتداب مُدرّسين    المندوبية الجهوية للتربية بمنوبةالمجلة الالكترونية «رواق»... تحتفي بالمتوّجين في الملتقيات الجهوية    تونس تحتضن من 16 الى 18 جوان المنتدى الإقليمي لتنظيم الشراء في المجال الصحي بمشاركة خبراء وشركاء من شمال إفريقيا والمنطقة العربية    تجديد انتخاب ممثل تونس بالمجلس الاستشاري لاتفاقية حماية التراث الثقافي المغمور بالمياه لليونسكو    تونس تدعو إلى شراكة صحّية إفريقية قائمة على التمويل الذاتي والتصنيع المحلي    "مذكّرات تُسهم في التعريف بتاريخ تونس منذ سنة 1684": إصدار جديد لمجمع بيت الحكمة    القيروان: 2619 مترشحا ومترشحة يشرعون في اجتياز مناظرة "السيزيام" ب 15 مركزا    عاجل : عطلة رأس السنة الهجرية 2025 رسميًا للتونسيين (الموعد والتفاصيل)    ابن أحمد السقا يتعرض لأزمة صحية مفاجئة    خبر سارّ: تراجع حرارة الطقس مع عودة الامطار في هذا الموعد    10 سنوات سجناً لمروّجي مخدرات تورّطا في استهداف الوسط المدرسي بحلق الوادي    صفاقس : الهيئة الجديدة ل"جمعية حرفيون بلا حدود تعتزم كسب رهان الحرف، وتثمين الحرف الجديدة والمعاصرة (رئيس الجمعية)    لطيفة العرفاوي تردّ على الشائعات بشأن ملابسات وفاة شقيقها    من قلب إنجلترا: نحلة تقتل مليارديرًا هنديًا وسط دهشة الحاضرين    قافلة الصمود فعل رمزي أربك الاحتلال وكشف هشاشة الأنظمة    ملف الأسبوع .. أحبُّ الناس إلى الله أنفعُهم للناس    طواف الوداع: وداعٌ مهيب للحجيج في ختام مناسك الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاستاذ خطّار أبو ذياب : العراق سوف يكون مأزقا، وفيتناما جديدا لامريكا
نشر في الشروق يوم 18 - 06 - 2005

الاستاذ خطّار أبو ذياب: enter العراق سوف يكون مأزقا، وفيتناما جديدا لامريكا enter enter حدث 11 سبتمبر كان نتيجة طبيعية لتطور الخلاف بين ايديولوجيتين راديكاليتين أمريكية صهيونية محافظة واسلامية راديكالية enter enter أمريكا الآن، هي امبراطوريات روما وأثينا واسبرطة ومقدونيا في آن enter enter النهج الامبراطوري حتمي، وهو نهج مؤسساتي enter enter الادارة الامريكية قررت السيطرة على منابع وممرات النفط enter enter بوش طلب من البنتاغون منذ ديسمبر 2000 ملف العراق واستبعد كل الملفات الأخرى enter enter كيف تمكّن التيار المحافظ الامريكي من استغلال احداث الحادي عشر من سبتمبر لتنفيذ أطروحاته المتطرّفة؟ enter بالفعل حدث الحادي عشر من سبتمبر يعتبر تحوّلا هاما في العلاقات الدولية، انه منعطف أتاح للتيار المحافظ الجديد، وأيضا للمؤسسة الامريكية، اعادة امساك الامور باتجاه تغليب التوجه العسكري الاحادي واعادة بسط سيطرتها على العالم وتأكيد نفوذها كقوة عظمى وحيدة. أحداث الحادي عشر من سبتمبر، كانت لها دلالات حتى قبل ان تحدث من ناحية التحوّل، فحوالي سنة 2000، خلال مسألة كوسوفو، وما جرى بعدها أخذ يتضح للمتابع ان الولايات المتحدة تريد أن تكون أحادية بشكل نهائي في النظام الدولي وتكرّس ذلك بشكل نهائي مع وصول ادارة بوش بفارق ضئيل الاصوات وبرز ايضا رفض لأدوات العمل الجماعي ابتداء من رفض اتفاقيات كيوتو وكل توجّه لاحترام القانون الدولي، وكانت هناك استراتيجيات عند هذا الفريق حتى قبل حدوث الحادي عشر من سبتمبر حول موضوع العراق أو محاربة ما سمي بالارهاب الاسلامي او اخضاع كل قوة كبرى يمكن ان تفكّر يوما بمنافسة الولايات المتحدة، وأتى حدث 11 سبتمبر دون الكلام عن تفاصيله ومعطياته وهل كان بالامكان تجنّبه ام لا، اتى فاستغل هؤلاء، الفرصة وخاصة على مستوى الرئيس الذي كان شعبيته ضعيفة، حيث قيل له انها فرصته لتعزيز شعبيته، فأخذ اسمه الان يرتبط بالحرب ضد الارهاب، وبالحرب ضد العراق... enter انها مراهنة كبيرة، ولكن حدث سبتمبر يشكّل منعطفا في العلاقات الدولية لأن نهاية التاريخ لم تتم كما قال فوكوياما في العام 1989، بل اصبح العالم اقل أمنا، واكثر صراعات في كل قاراته، ومن هنا أتت المحاولة الامريكية، ما بعد الحادي عشر من سبتمبر لاعادة الامساك بزمام العالم وتكريس القوة الاحادية العظمى في مثل لا سابق له في التاريخ. الولايات المتحدة الامريكية هي الآن روما وأثينا وأسبرطة ومقدونيا في آن معا، أي انها روما من حيث الامبراطورية الشاسعة والتي تحاول تصدير مثلها بالقوانين وبغير ذلك، انها ايضا أثينا من حيث جامعاتها العارمة وتفوّقها العلمي والتكنولوجي، انها ايضا اسبرطة بجيوشها وبقدرتها العسكرية الفائقة وميزانيتها التي لوحدها تشكل ثلاثة أضعاف الاتحاد الاوروبي مجتمعا، في المجال العسكري، وفي الاستخبارات والابحاث، ايضا الولايات المتحدة هي مقدونيا هذا العصر مع رغبتها في التوسّع، وما بعد 11 سبتمبر، حصل اصلا تحوّل في العقلية الامريكية، لانه بعد سقوط الحواجز وثبات امكانية ضرب الامريكيين في عقر دارهم انتهت نظرية »الصفر قتيل« في الحروب، لكن الآن يتم التعامل مع الجيش الامريكي كشركة تستثمر، ففي العراق مثلا يلعب هذا الجيش دور المحتل وكذلك دور اعادة البناء لتثمير ذلك لصالح الولايات المتحدة في ما بعد، اذن نحن امام تحول كبير وبشكل خاص ان الولايات المتحدة هي امبراطورية هذا العصر وهي قوية جدا عسكريا واقتصاديا وثقافيا، ولكنها ليست مرنة ولبقة، سياستها ليست سياسة امبريالية على طراز القرن التاسع عشر او الثامن عشر. enter هذا التوجه الامبراطوري اذن هل هو حتمي حسب رأيكم؟ enter نعم بالنسبة للامريكيين انه ليس في عقلية هذا الفريق المحافظ الجديد والقائمين في النتاغون، والعديدين في المؤسسة الامريكية، لأنه ليس من الأكيد انه اذا وصل رئيس ديمقراطي الى الحكم، فإن الوضع سيتغيّر، لأن هذا النهج هو نهج مؤسساتي، أخذ وقتا من الزمن، مع التيار المحافظ الجديد، نرى العصا الامريكية أكثر غلاظة، ولكن يمكن ان تكون اكثر مرونة مع الديمقراطيين، امّا العصا فستبقى عصا، بمعنى ان هذا التوجّه يقول حتى للحلفاء القريبين، مالنا، لنا وحدنا، وما لكم لنا ولكم، بمعنى او بآخر كما قال يوما رونالد ريغن، الذي كان له دور كبير في هزم الاتحاد السوفياتي في الحرب الباردة، فقد قال »ماذا هو هذا العالم الثالث، ليفتح لي أسواقه؟!« أي أن الولايات المتحدة ترى بقية العالم بشكل او بآخر سوقا لمنتجاتها، الثقافية والاقتصادية ولنماذجها، وهنا الرهان الكبير، فإذا تمكنت الولايات المتحدة من اخضاع ما تسميه »بقوس الازمات« في العالم الاسلامي فيعني ذلك رسالة قوية لكل متمرّد في اوروبا وفي آسيا، من الحلفاء الاقربين او من الخصوم وسيكون لهذه الرسالة مفعولها لأنه اذا كان النصف الثاني من القرن الماضي كان نصفا امريكيا بشكل او بآخر، فالولايات المتحدة الامريكية تعمل على أن يكون القرن الواحد والعشرون قرنا امريكيا بامتياز بينما ترى دوائر أخرى دولية، انه بالامكان من الآن لعقد من الزمن ان تكسر حدّة السيطرة الامريكية وان يقوم عالم متعدد الاقطاب مبني على اتجاهات اكثر عدالة وعلى تطبيق فعلي لقواعد القانون الدولي. enter المنطقة العربية الاسلامية، تبدو مستهدفة بصفة اساسية في هذه المرحلة من مراحل الامبراطورية ما هو رأيكم، بشأن هذه المسألة، وما هي الاسباب؟ enter هناك دائما اشكاليات من ناحية التسميات ومن ناحية التحديد: اي منطقة عربية؟ اي عالم اسلامي؟ اي شرق ا وسط؟ اي مشرق او مغرب؟... هناك جدل لغوي وجدل جغراسياسي ولكن بالفعل ما سمّاه احد المختصين في احد الايام بالشرق الاوسط الكبير الممتد من القوقاز الى المشرق، منطقة هي في عين العاصفة اي انها مستهدفة لسبب واضح. العالم العربي في البداية، ما يتوفّر له من ثروات طبيعية ومخزون، ومن موقع استراتيجي ومركزي، ومن وجود المتوسط والبحر الاحمر والخليج، وكل نقاط المرور هذه فيه، يجعله اصلا عرضة للعبة الأمم، وهذه اللعبة مستمرّة، ضدّه منذ ايام الصراع على طريق الهند، الى الصراع اليوم على ممرات النفط اذن بالنسبة للعالم العربي، ان وجدت حركات ارهابية او لم توجد، فهو مستهدف اساسا، نظرا لموقعه ولطبيعة هذا الموقع وفرادته. وبالنسبة للعالم الاسلامي الاوسع، او »قوس الازمات« فالموضوع أصبح مرتبطا بالطاقة ايضا، فالطاقة ليست موجودة في الشرق الاوسط والخليج، بل ايضا في القوقاز وبحر قزوين، ومن هنا فان الادارة الامريكية، عندما تمركزت اخذت خيارا واضحا بالسعي للسيطرة على منابع النفط وعلى ممرات النفط والطاقة في العالم، ومن هناك كان النجاح في افغانستان وجورجيا وفي اذربيجان عبر السيطرة على المخازن الهامة في بحر قزوين والقوقاز، وفي الشرق الاوسط والخليج وعلى الممرات بشكل كامل، وبقي على الامبراطورية الامريكية لتكتمل سيطرتها على المنابع بشكل عام، حتى من خليج غينيا... يبقى هناك فقط بحر الصين وخليج فرموزا، اذن بشكل او بآخر الاستهداف هو للموقع الجغرافي وللثروات الطبيعية وأيضا هناك عامل اضافي يحفّز الاستعداد، هو التحريض الدائم من قبل مناصري اسرائيل، لأن اسرائيل التي تعتبر نفسها جزءا من الغرب وجزءا من الولايات المتحدة المتحدة الامريكية ولا تريد الانصهار في محيطها، وهي أصلا التي رفضت الخيار الاستراتيجي للسلام مع العرب، وقامت بكل ما في وسعها منذ 1996 حتى اليوم لتدمير امكانيات السلام. اسرائيل ايضا تحرّض من أجل جعل العالم العربي الاسلامي في عين العاصفة باستمرار، ومن هناك كانت الزيارة الاخيرة لشارون الى الهند ومحاولته طرح فكرة التحالف الاستراتيجي بين اسرائيل والولايات المتحدة او الهند، ضد الارهاب، وفي ذلك نوع من اكمال تطويق العالم. enter هل يمكن القول أن الامبراطورية تسير في خط سيرها على منابع النفط، وفي تسطيرها للحدود المستقبلية؟ enter الحاجات الاستهلاكية الامريكية تتخطّى كل الحدود وفي مراحل معيّنة فقد فكروا في انتاج انواع جديدة من الطاقة، لكن اتضح لهم ان النفط يبقى من أرخص انواع النفط، وان السيطرة على مناطقه والتفتيش عليه، يكون اسهل لهم من اللجوء الى اختراعات جديدة. أصلا الولايات المتحدة، بحد ذاتها، مع احتياطها الكبير، ليست في حاجة لاستيراد أو ان اقتصادها يعيش تبعية لنفط الخليج او الشرق الاوسط، الاقتصاد الامريكي بحد ذاته يمكن له ان يستغني طويلا عن نفط الاخرين ويمكن له ان يجد مناطق استثمار في سبيريا او آلاسكا او مناطق عديدة في افريقيا لا تزال عذراء من هذه الناحية، (من هنا الاهتمام الامريكي بالسودان) لانه سيكون من البلدان الكبيرة للنفط خلال السنوات المقبلة. enter ... لكن الأهم من كل ذلك ليس النفط لامريكا بل من يحتاج النفط في العالم؟ اذا رأينا الخارطة فإن الدول التي ستكون اكثر حاجة للنفط خلال السنوات المقبلة الصين والهند، من الناحية الصناعية ومن الناحية البشرية، هما يمثلان اكثر من ملياري نسمة، والصين بالذات التي تسمى الان اكبر مصنع في العالم، وهي تمكّنت هذا العام من جلب استثمارات اكثر من الولايات المتحدة وأوروبا الغربية. نتيجة هذه المعطيات الولايات المتحدة ترى جيدا انه حتى بالنسبة لحليفتها اليابان، ان هذه الدول اي الصين او اليابان او الهند او حتى دول اوروبا الغربية مثل المانيا او فرنسا، بحاجة الى هذا النفط ولهذه الطاقة فإذا وجدت الولايات المتحدة امام مصادر النفط والطاقة وسيطرت على ممرّاتها، فهذا سيتيح المجال، بشكل او بآخر لتأمين سيطرتها الدولية حتى اشعار آخر وبقائها قوة عظمى غير معرضة الى منافسة الاخرين. enter اذا عدنا الى احداث الحادي عشر من سبتمبر هل يمكن القول انها احداث معزولة في التاريخ من حيث الاسباب التي أدت اليها او التداعيات التي آلت اليها؟ وهل يمكن ايجاد علاقة ما بين احداث الحادي عشر من سبتمبر، وما وقع لاحقا في العراق، بغض النظر عن العلاقة المباشرة، التي برّرت بها امريكا حربها ضد العراق؟ enter بالفعل مسألة الحادي عشر من سبتمبر لا يمكن أن تكون معزولة عن تطوّر العلاقات الدولية بشكل عام، وبشكل خاص العلاقة المبهمة والتي مرّت من التحالف الى العداء بين الولايات المتحدة والحركات الاسلامية. إذا استعدنا التاريخ، نرى انه منذ الخمسينات بشكل خاص، في القرن الماضي، بنت الولايات المتحدة تحالفا واضحا مع كل ما هو مرتبط بالاسلام السياسي نظرا لعدائها لليسار العربي وللقومية العربية ولاعتبارها عبد الناصر، خطرا عليها، ومن هنا كان دوما هذا الغزل هو السائد وتكرّس ذلك تحالفا ميدانيا، في افغانستان، وكلنا يدري اثر المختبر الافغاني السيء أساسا على العالمين العربي والاسلامي قبل غيرهما... في هذه العلاقة المعقدة هناك أيضا دول عربية واسلامية لعبت دورا داعما للتوجهات الامريكية... لكن كان هناك وهم لدى الحركات الاسلامية بأن بعد تحرير افغانستان سيكون بامكانها نيل شيء ما في فلسطين، وكان هناك تصورات بأن الحدود بعيدة ولكن من يحارب في افغانستان، سيحارب يوما في فلسطين وهكذا بعد نهاية الحرب الباردة وسقوط الاتحاد السوفياتي، بدل ان تكون الحركات الاسلامية نوعا من الدعم للسياسة الامريكية، أصبحت بشكل او بآخر عبءا على السياسة الامريكية وهذا التحول نتج عن تصوّر عند مستشار الامن القومي الامريكي، بريجنسكي، قال فيه: أي خطر سيشكله هؤلاء المئات او الالاف من الاسلاميين امام خطر الاتحاد السوفياتي، المهم في البداية ان ننتهي من الاتحاد السوفياتي!! enter اذن كان يدرك ان هؤلاء سيتحولون الى خطر عليهم؟ enter نعم، ولكن الوهم الكبير لدى الاسلاميين وخاصة لدى المتطرفين منهم انهم ساهموا في اسقاط الاتحاد السوفياتي وانه سيكون بامكانهم اسقاط الولايات. هم أصلا كانوا أداة صغيرة في اسقاط الاتحاد السوفياتي وأداة صغيرة جدا، وليست هامّة كما تصوّروا، بل لقد استخدموا، وما ساهم اكثر ان هؤلاء الافغان العرب لم يستقبلوا في بلادهم، بل اخذوا يلجؤون للتخريب، خاصة في بلدان مثل الجزائر ومصر وغيرها، وحصل كل ما حصل واخذت الولايات المتحدة تبتعد شيئا فشيئا، بالنسبة لهذه الحركات الاسلامية كان هناك اعتقاد بأنه بالامكان بعد انتهاء المسألة الافغانية ان تقوم الولايات
المتحدة بمبادرة ما تجاه فلسطين. enter حصل الخلل أيضا نتيجة لحرب الخليج الاولى والتواجد الامريكي المباشر في بلاد الاماكن المقدسة مما اعتبرته بعض المنظمات الاسلامية وخاصة تلك التي تكوّنت بعد ذلك مثل »القاعدة«، بما ان ذلك خرق لكل الاعراف وبأن رحيل القوات الامريكية اصبح اولوية لنضال هذه الجماعات، وهكذا تحوّل التحالف الى عداء، وهذا العداء المستحكم، تصاعد، حتى منتصف التسعينات ثم رأينا الضربتين الموجهتين للسفارتين الامريكيتين في كينيا وتنزانيا، الى أن وصل حدث 11 سبتمبر. اصلا، كلّ الذين كانوا يتابعون تلك الاحداث كانوا يتوقعون انه في صيف 2001، سيحدث كبير لكن الولايات المتحدة، لم تأخذ بعين الاعتبار التحذيرات التي وصلتها من امكانية تنفيذ هذا الحدث على ارضها، خاصة وانها تعرّضت عام 1993 لحدث مماثل من قبل جماعات مماثلة ولكن بالنهاية اذا تخطينا هذا اللغز في قبول التحذير او عدم قبوله لأنه حتى الآن التحقيقات مستمرة حول هذا الموضوع، ولذلك نفهم ان حدث الحادي عشر من سبتمبر كان نتيجة طبيعية لتطوّر الخلاف بين مشروعين جذريين: مشروع أمريكي مرتبط اصلا باسرائيل بشكل او بآخر، يهدف لقولبة العالم على الشكل الامريكي ويهدف لابقاء اسرائيل القوة العسكرية والسياسية الوحيدة المسيطرة على المنطقة، وقطب آخر اسلامي راديكالي متطرف يرى العالم مقسوما ما بين دار الاسلام ودار الاعداء، ويعتقد ان كل ما هو خارج دار الاسلام ينبغي ان يستهدف، خاصة ان من يأتون الى قلب دار الاسلام ليحتلوه، كما يفعل الامريكيون، عليهم ان يدفعوا ثمن ذلك. إذن هناك مبرّرات ايديولوجية وتتمات وهناك ايضا نوع من اللعب بالنار. حيث لعبت الولايات المتحدة بنار هذا التحالف، الذي كان تحالفا غير طبيعي من الناحية المنطقية بينها وبين هذه الحركات ودفعت الثمن لذلك نتيجة الحدث المؤلم الذي حدث في الحادي عشر من سبتمبر. enter وبالنسبة للعراق، فمن المبررات التي تطرحها »القاعدة« هو الظلم اللاحق بالفلسطينيين والعراقيين وغيرهم اصلا، ضرب الابرياء لا يشكّل ابدا سياسة ولا يعطي نتيجة، ولكن اذا راجعنا خطابات بن لادن وأيمن الظواهري فلهما منطقهما الذي يقول بأن هذا العالم الاسلامي يتعرّض للغزو وللاستعمار وآن الاوان للرد والارهاب كان اصلا سلاح الضعيف ولكن والمسألة الآن هل ان الارهاب والتحرر الوطنين يمكن ان ينجحا بهذا الشكل؟ الكارثة الكبرى ان موضوع العراق عقد اكثر مع 11 سبتمبر والادارة الامريكية التي ركّزت سنة 2001 لم تكن تنتظر حدثا مثل 11 سبتمبر لتقوم بما قامت به في العراق، فحسب المعطيات التي لدي، فان من بداية شهر ديسمبر سنة 2000، زار الرئيس بوش البنتاغون ليستلم الملفات كما هي العادة عند وصول رئيس جديد للسلطة، ولكنه قال لهم لا أريد ملفات إلا ملفا واحدا، هو العراق! enter وهذا يعني أن بوش الابن أتى ليكمل طريق بوش الاب واخذ خيارا بأن يربط اسمه بانهاء صدّام حسين وبحرب العراق، اذن حدث 11 سبتمبر، اتى ليبرّر للولايات المتحدة حروبها اللاحقة، اي انه ساعد في تبرير الحرب التي حصلت على العراق تجاه الرأي العام الامريكي، لكن المسألة الأهم ان الولايات المتحدة في دعايتها من اجل تبرير الحرب ركّزت على كذبة كبيرة جدا، ستكون نوعا من »عراق غيث« على المدى الطويل، وهي اسلحة الدمار الشامل غير الموجودة، ويبدو حسب هانس بليكس ان النظام السابق كان صادقا في ما يقول، والمسألة الاخرى التي ركّزت عليها هي ربط العراق بالارهاب ولأن السحر دوما ينقلب على الساحر قبل الحرب ضد العراق، لم يكن هناك اي علاقة منهجية بين العراق والقاعدة او جماعات الارهاب الاسلامي، ولكن الان تحوّل العراق الى نوع من ساحة وهذه الحركات اخذت تتواجد في العراق... لكن هذا التضخيم للارهاب، ولبن لادن، غير بريء لانه يحجب الانتباه عما يحدث في الشرق الاوسط. وكذلك الامر بالنسبة للقاعدة، التي تمثل مجموعة من الاشخاص، وهي رمز اكثر مما هي تنظيم بدون قاعدة مركزية او مواقع جغرافية، ولكن فكرة الارهاب المتنقل او الارهاب الجديد، كما قلت في السابق، ضمن هذا الصراع الايديولوجي بين، ايديولوجيتين شموليتين، الايديولوجية الامريكية الصهيونية المحافظة، والايديولوجية الاسلامية الراديكالية. هناك صراع موت او حياة، أعتقد ايضا بأن العراق سيكون بشكل او بآخر وان على المدى المتوسط، مأزقا او فيتناما جديدة للولايات المتحدة الامريكية. enter في هذا الاطار ما هي البدائل امام المنطقة العربية، ازاء هذا الطغيان وهذه الهيمنة؟ enter من الواضح ان الذي خسر ليس نظام صدام حسين فقط، خسر العراق كل شيء، كدولة وكمجتمع وحدته مهددة، ولكن كل العالم العربي خسر في المواجهة وربحت دول الجوار موقعا اقوى سواء اسرائيل او ايران او تركيا. ماذا يمكن الآن للعالم العربي ان يحد من الاضرار؟ enter مع الاسف، المراقبة الواقعية للعالم العربي، قبل الحرب على العراق وبعدها، لا يوجد فعليا من الناحية السياسية، شيء اسمه عالم عربي او وطن عربي، توجد بلدان عربية تتفاهم بعض المرات على حد أدنى وبعض المرات لا تتفاهم وليس هناك كتل اقتصادية، هناك تجارة بينية عربية لا تشكل اكثر من 2 بالمائة من التجارة الخارجية العربية. وضع العالم العربي مزر الانحطاط مؤكد. وما يمكن اليوم هو الحد من الاضرار، اي المطالبة والالحاح بتطبيق الشرعية الدولية وتطبيق القانون الدولي ان بشأن فلسطين او العراق، ليس هناك امكانيات اخرى. الخيار الاخر هو عدم اللجوء الى الاحباط والقول بأن الصحوة ممكنة. الاطروحات الاسلامية الراديكالية ليس لها مستقبل لأنها أطروحات طوباوية وخيالية ووهمية وأصلا هي ضد مجتمعاتها في نهاية المطاف وتشكّل خطرا على هذه المجتمعات. enter الاسلام يبقى دينا سموحا شريفا، وهو مصدر للتشريع وجزء من الحضارة العربية والاسلامية وهذا شيء طبيعي، ولكن فصل الدين عن السياسة مهم لأي تطوّر. ولتطوّر هذه المنطقة لابد من وجود رجال ونخب قادرة على النهوض بمشروع اتحاد فيدرالي عربي لا مركزي ديمقراطي فيه مواطنية، تشعر فيه الاقليات بوجودها، ويكون بامكانه ان يحاكي العصر، ويشكل سوقا عربية مشتركة يكون لها وزنها، عندما يصبح العالم العربي قادرا على انجاز مشروع كهذا يمكن ان يكون له موقع في التاريخ والجغرافيا، وإذا بقي عاجزا لن تحتل فلسطين والعراق فقط بل سيبقى مهمّشا وخارج التأثير والقرار.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.