جامعة الثانوي تدعو الى وقفة احتجاجية    مقتل شخص وإصابة 3 آخرين في إطلاق نار بحفل في نيويورك الأمريكية    تونس تشارك في المعرض الدولي 55 بالجزائر (FIA)    سعيد يشدد على ضرورة وقوف العالم الإسلامي صفا واحدا نصرة لفلسطين    برنامج تعاون مع "الفاو"    استرجاع مركب شبابي بعد اقتحامه والتحوّز عليه    مع الشروق .. خدعة صفقة تحرير الرهائن    الاعتداء على عضو مجلس محلي    اليوم الدخول مجاني الى المتاحف    لتحقيق الاكتفاء الذاتي: متابعة تجربة نموذجية لإكثار صنف معيّن من الحبوب    بنزرت الجنوبية.. وفاة إمرأة وإصابة 3 آخرين في حادث مرور    تدشين أول مخبر تحاليل للأغذية و المنتجات الفلاحية بالشمال الغربي    هند صبري مع ابنتها على ''تيك توك''    شيرين تنهار بالبكاء في حفل ضخم    تونس العاصمة : الإحتفاظ بعنصر إجرامي وحجز آلات إلكترونية محل سرقة    انعقاد ندوة المديرين الجهويين للنقل    بداية من الثلاثاء المقبل: تقلبات جوية وانخفاض في درجات الحرارة    وفاة 14 شخصا جرّاء فيضانات في أندونيسيا    غدا الأحد.. الدخول إلى كل المتاحف والمعالم الأثرية مجانا    4 ماي اليوم العالمي لرجال الإطفاء.    عاجل/ أحدهم ينتحل صفة أمني: الاحتفاظ ب4 من أخطر العناصر الاجرامية    روسيا تُدرج الرئيس الأوكراني على لائحة المطلوبين لديها    صفاقس :ندوة عنوانها "اسرائيل في قفص الاتهام امام القضاء الدولي    عروضه العالمية تلقي نجاحا كبيرا: فيلم "Back to Black في قاعات السينما التونسية    إنتخابات الجامعة التونسية لكرة القدم: لجنة الاستئناف تسقط قائمتي التلمساني وبن تقية    قاضي يُحيل كل أعضاء مجلس التربية على التحقيق وجامعة الثانوي تحتج    الرابطة الأولى: برنامج النقل التلفزي لمواجهات نهاية الأسبوع    نابل: انتشار سوس النخيل.. عضو المجلس المحلي للتنمية يحذر    منع مخابز بهذه الجهة من التزوّد بالفارينة    بطولة الكرة الطائرة: الترجي الرياضي يواجه اليوم النجم الساحلي    عاجل/ تلميذة تعتدي على أستاذها بشفرة حلاقة    لهذا السبب.. كندا تشدد قيود استيراد الماشية الأميركية    الثنائية البرلمانية.. بين تنازع السلطات وغياب قانون    القصرين: حجز بضاعة محلّ سرقة من داخل مؤسسة صناعية    هام/ التعليم الأساسي: موعد صرف مستحقات آخر دفعة من حاملي الإجازة    القبض على امرأة محكومة بالسجن 295 عاما!!    "سينما تدور".. اول قاعة متجوّلة في تونس والانطلاق بهذه الولاية    التوقعات الجوية لليوم    فتحي عبدالوهاب يصف ياسمين عبدالعزيز ب"طفلة".. وهي ترد: "أخويا والله"    قتلى ومفقودون في البرازيل جراء الأمطار الغزيرة    بطولة القسم الوطني "أ" للكرة الطائرة(السوبر بلاي اوف - الجولة3) : اعادة مباراة الترجي الرياضي والنجم الساحلي غدا السبت    الرابطة 1- تعيينات حكام مقابلات الجولة السادسة لمرحلة التتويج    كأس تونس لكرة القدم- الدور ثمن النهائي- : قوافل قفصة - الملعب التونسي- تصريحات المدربين حمادي الدو و اسكندر القصري    رئيس اللجنة العلمية للتلقيح: لا خطر البتة على الملقحين التونسيين بلقاح "أسترازينيكا"    القصرين: اضاحي العيد المتوفرة كافية لتغطية حاجيات الجهة رغم تراجعها (رئيس دائرة الإنتاج الحيواني)    المدير العام للديوانة يتفقّد سير عمل المصالح الديوانية ببنزرت    فيلا وزير هتلر لمن يريد تملكها مجانا    إنه زمن الإثارة والبُوزْ ليتحولّ النكرة إلى نجم …عدنان الشواشي    حجز 67 ألف بيضة معدّة للإحتكار بهذه الجهة    بطولة افريقيا للسباحة : التونسية حبيبة بلغيث تحرز البرونزية سباق 100 سباحة على الصدر    مواطنة من قارة آسيا تُعلن إسلامها أمام سماحة مفتي الجمهورية    قرعة كأس تونس 2024.    التلقيح ضد الكوفيد يسبب النسيان ..دكتور دغفوس يوضح    دراسة صادمة.. تربية القطط لها آثار ضارة على الصحة العقلية    خطبة الجمعة ..وقفات إيمانية مع قصة لوط عليه السلام في مقاومة الفواحش    ملف الأسبوع .. النفاق في الإسلام ..أنواعه وعلاماته وعقابه في الآخرة !    العمل شرف وعبادة    موعد عيد الإضحى لسنة 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من الحرب الشاملة على الارهاب الى حروب متعددة
11 سبتمبر 2001 - 11 سبتمبر 2011
نشر في الصباح يوم 11 - 09 - 2011

تونس الصباح عشر سنوات تمر اليوم على هجمات الحادي عشر من سبتمبر التي استهدفت أمريكا في عقر دارها وأذهلت العالم وأثارت أكثر من نقطة استفهام لا تزال تبحث لها حتى اليوم عن أجوبة مقنعة لدى مسؤولي الاستخبارات الامنية والسياسيين والعسكريين كما لدى الرأي العام الذي لا يجد في الرواية الامريكية الرسمية على تلك الاحداث ما يمكن أن يدفعه للاقتناع بصدقها...
عشر سنوات كانت حصيلتها حرب على الارهاب انطلقت في مرحلة أولى من أفغانستان وسلطت الاضواء على واقع شعب يعيش خارج التاريخ على نمط أهل الكهف بعيدا عن كل أنواع الحضارة باستثناء الأسلحة المتراكمة لدى المقاتلين ومزارع الأفيون التي جعلت أفغانستان المروج الأول في العالم من المخدرات، كل ذلك قبل أن تمتد الحرب الى العراق بدعوى ملاحقة أسلحة الدمار الشامل وانتهت قبل أسابيع بمقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن في باكستان... تعود هذه الذكرى التي تحولت الى حدث سنوي يتوقف عنده العالم لبحث وتأمل ما يمكن استخلاصه من دروس لا يبدو أن أحدا أيا كان موقعه قد استوعبها رغم الزخم الهائل من الكتب والتقارير والافلام والوثائقيات التي وجدت في تلك الاحداث ما يلهمها ويدفعها لاعادة رسم وقراءة ما حدث في الحادي عشر من سبتمبر 2001.
ولعل ما لا يذكره كثيرون ممن لم يسقطوا من ذاكرتهم تفاصيل هجمات الحادي عشر من سبتمبر التي تابع العالم أطوارها مباشرة على مختلف القنوات الفضائية أن تلك الهجمات لم تكن الاولى من نوعها وأن العالم قد شهد من قبل 11 سبتمبر آخر.
طبعا الأمر لا يتعلق بهجمات بيرل هاربير التي شنتها القوات اليابانية على أمريكا والتي كانت وراء هجمات هيروشيما ناكازاكي ولكن بما حدث صباح الثلاثاء 11 سبتمبر 1973 في الشيلي عندما هاجمت القوات المسلحة القصر الرئاسي بسان دياغو معلنة بذلك انقلابا عسكريا على الرئيس المنتخب سلفاتور الندي. ومن المفارقات أنه وبعد 28 عاما يوما بيوم يشهد العالم هجمات الحادي عشر من سبتمبر التي يفرض على الجميع في ذكراها العودة الى نقطة الانطلاق لاعادة طرح ما خفي من حقائق وملابسات سبقت أو تزامنت مع تلك الأحداث التي لم يدفع الامريكيون ثمنها وحدهم بل أنه كتب على أغلب الشعوب أن تتحمل بدورها نصيبها من تلك الاحداث وتتحمل كرها تداعياتها الامنية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية وحتى الانسانية لاسيما وأن مجرد حمل هوية عربية أواسلامية كان سببا كافية ليجعل من صاحبها ارهابيا محتملا ومتهما حتى يثبت العكس ليتحول أصل القاعدة من أن كل متهم بريء حتى يثبت العكس الى أن كل مسلم أو عربي ارهابي حتى يثبت العكس... والأرجح وبعد مرور عشر سنوات على هجمات الحادي عشر من سبتمبر أن الحرب الشاملة على الارهاب لم تطوى نهائيا ولكنها تحولت من حرب مفتوحة في افغانستان الى حروب متعددة حيثما يكون بامكان تنظيم القاعدة التجمع والتحرك تحت أي شعارأوهدف كان...

إعداد: آسيا العتروس

علية العلاني الباحث في التاريخ السياسي والتيارات الاسلامية المغاربية
"ليس بن لادن أو الظواهري من أسس قاعدة المغرب الاسلامي "

تونس الصباح

عشر سنوات تمر على هجمات الحادي عشر من سبتمبر هل أصبح العالم أكثر أمنا وهل هي نهاية الحرب على الارهاب أم أن العالم سيدخل فصلا اخر من هذه الحرب ؟

يعيش العالم هذه الايام على وقع أحداث الحادي عشر من سبتمبر2001 وهي أحداث غيرت وجه العالم وأصبح قانون الارهاب سيء الذكر يطبق بحق وبغير حق حسب رغبات الحكام وحسب لعبة المصالح. في أمريكا وأوروبا اشتعلت تداعيات أحداث الحادي عشر من سبتمبر لعقد صفقات ضخمة وبيع السلاح، لكن غرق أمريكا والحلف الأطلسي في أتون حرب أفغانستان والعراق جعلها تغير تكتيكها 180 درجة.
وبالرجوع الى خطب جورج بوش الملتهبة بعد أحداث سبتمبر انخدع العالم بوجاهة الحرب على أفغانستان والعراق لأنها ستكون في رأيه الوسيلة المثلى للقضاء على الارهاب أولا، والسبيل الوحيد لنشر الديموقراطية في العالم العربي ثانيا.
ماذا بقي اذن من هذه الوعود بعد عشر سنوات ؟ النتيجة عكسية تماما لكل الوعود فالقضاء على الارهاب لم يتحقق بالكامل لأن أسبابه ما زالت قائمة. كما أن نشر الديموقراطية بالعالم العربي لم يكن بالشكل الذي تصوره جورج بوش انذاك وبالتالي هل نقول أن العالم أصبح الان أكثر أمنا بعد مرورعشر سنوات عن أحداث الحادي عشر من سبتمبر خاصة بعد القضاء على بن لادن؟ ان مسألة تحقيق الأمن مسألة نسبية ففي أمريكا أظهر اخر استطلاع للرأي أن 46 بالمائة من الأمريكيين يرون أن الأمن تحقق بعد موت بن لادن و42 بالمائة يرون عكس ذلك. ولكن المثيرهو أن عمدة نيويورك المدينة التي وقعت فيها تفجيرات 11 سبتمبر الشهيرة أكد في تصريحه أمس أن التهديد الأمني في أمريكا أمر داخلي ولم يعد مسألة خارجية وقدم مقاربته في القضاء على الارهاب حيث يقول "لكي ننجو من مشاكل الارهاب عاينا الاهتمام بتطوير التعليم في أمريكا ورفع نسبة النمو الاقتصادي "ويضيف أن سقوط الامبراطوريات القوية يتم عادة نتيجة عوامل داخلية "وهذا الموقف وان كان يختلف جزئيا مع موقف الادارة الامريكية فانه يؤكد ما قلناه سابقا من أن تحقيق الامن لن يتأتي الا بالقضاء على جذور الارهاب لا مظاهره فحسب فجذورالارهاب تكمن داخليا في التقارب في التنمية وغياب الديموقراطية وخارجيا في عدم احترام الشرعية الدولية والتعامل بسياسة المكيالين خاصة في مسألة الصراع العربي الاسرائيلي. وفي اعتقادي أن أمريكا والغرب سيكونون في حرج ازاء الوضع الجديد في المنطقة مع الثورات العربية وتطلعات الشعوب للديموقراطية.

الى أي مدى يمكن القول أن الحرب على الارهاب في أفغانستان أدت الى تصدير أمريكا خطر القاعدة الى افريقيا والى أجزاء أخرى من العالم ؟

ان الحديث عن أن أمريكا صدرت للعالم مشاكل الارهاب بحربها في أفغانستان والعراق فيه جوانب صحيحة وأخرى خاطئة، فظهور تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي لم يأت صدفة بل كان نتيجة تفاعلات قطرية واقليمية ودولية فالكل يعلم أن تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي تشكل في البداية من تسعين في المائة من الجماعة الاسلامية المسلحة بالجزائر، وهذه الجماعة ظهرت نتيجة الصراع بين السلطة والاسلاميين في الجزائر منذ بداية التسعينات من القرن الماضي ثم تطور هذا التنظيم ليضم شرائح الغاضبين من أنصار تيار الاسلام الراديكالي في المنطقة المغاربية. ورغم محاولات الحكومة الجزائرية في عهد بوتفليقة بارساء سلم مدينة كان لها تاثير ملموس في التقليص من حوادث الارهاب الا أنها لم تتمكن من القضاء على جذوره لأن القضاء على الارهاب ليس من مشمولات دولة واحدة وليس بالوسائل الامنية فحسب. فالارهاب جذوره فكرية واقتصادية، فالتنمية الاقتصادية العادلة واقرار الديموقراطية الحقيقية على المستوى المغاربي هو الضمانة الحقيقية لتجفيف منابع الارهاب. وماعدا ذلك اضاعة للوقت وهدرللاموال وضحك على الذقون. ان التحذيرات الاخيرة التي أطلقتها الحكومة التونسية من خطر القاعدة نتيجة العثورعلى أسلحة ومعدات يجب أخذه مأخذ الجد لكنه لا يجب أن يتحول الى فزاعة.
فما عثرعليه من أسلحة كان من نتيجة مخلفات الحرب في ليبيا وربما تكون هناك بعض الخلايا النائمة في تونس ولكنها في رأيي لن تكون لها فعالية نظرا الى أن التربة الفكرية والسياسية في تونس لا توفر مناخا خصبا لعمل القاعدة فخطر القاعدة حاليا يبقى منحصرا في منطقة المثلث الصحراوي التي عقد حولها مؤتمرأمني مؤخرا وهو خطر نابع من تهريب أسلحة خفيفة وشبه ثقيلة من ليبيا عبرحدود النيجر ومالي، وهنا يصبح التنسيق الأمني مسألة ضرورية بين البلدان المغاربية والافريقية مهما حصل من خلاف، والحقيقة أن الامن والديموقراطية في بلدان المغرب العربي مسألتان متلازمتان وهما الكفيلان باجتثاث الارهاب من جذوره كما أن ما نشرته الصحف البريطانية مؤخرا من أن الربيع العربي سيكون أحد العوامل الأساسية في تقليص ظاهرة الارهاب على المستوى الدولي فيه جزء كبير من الصحة لأن الربيع العربي جاء من أجل التنمية العادلة والديموقراطية الحقة وحفظ كرامة الشعوب.

ولكن ماذا عن المخاوف التي ارتبطت بظهورنشطاء من القاعدة في ليبيا وهم الذين يتولون ادارة المعركة ضد القذافي وهل نحن أمام جيل جديد من المجاهدين التائبين ؟

يمكن القول ان ليبيا كانت المكان الوحيد الذي انفتح على تونس نتيجة الحرب والواقع أن أغلب الدراسات تؤكد أن الجماعات الاسلامية المقاتلة في ليبيا ذات طابع محلي وليست ذات طابع له علاقة بالقاعدة. استذكر كتاب كامل الطويل "القاعدة وأخواتها " الذي يؤكد على الطابع المحلي للمقاتلين في منطقة المغرب الاسلامي وهنا أشير الى تصريحات رئيسة المخابرات البريطانية التي ذكرت أن هناك مساع لفتح حوار مع القاعدة وهذا يؤشرالى أن بعض التنظيمات المسلحة الاسلامية في ليبيا يمكن أن تكون الوسيط في هذا الحوار في محاولة لاحتواء الرؤوس الكبرى. الخطر الأكبر كان قائما عندما كانت الحرب دائرة في ليبيا ولكننا اليوم في وضع تداعيات الحرب.
القاعدة في المغرب الاسلامي ليست الابن الشرعي لتنظيم القاعدة ليس الظواهري أو بن لادن من كون القاعدة في الجزائر بل ان الجماعات الاسلامية في الجزائر جاءت نتيجة اندماجها اثر المسار الانتخابي في الجزائر وعندما أصبحت تلك الجماعات مخترقة من طرف النظام حاولت الأجهزة الراديكالية أن تربط نفسها بقدرة عالمية، شخصيا كان لي فرصة اللقاء بعدد من المساجين السابقين في بريطانيا وكانوا يقولون أن تنظيم القاعدة لم يفدهم بشيء بل بالعكس كان التنظيم يطلب منهم المدد كلما أمكن لهم الحصول على أموال تأتي من الفدية.
وفي اعتقادي أن بلاغ وزارة الداخلية ينبئ بأن هناك بقايا من الأسلحة المنتشرة بين أيدي بعض الخلايا النائمة في تونس وفي رأيي فان هؤلاء قد يفكرون في أعمال محدودة وهم على الأرجح يبحثون عن العبورالى أماكن أخرى. نحذر من استعمال الفزاعة الأمنية للحد من الحريات والديموقراطية وأخشى ما أخشاه أن تتحول هذه الفزاعة الى مبرر لدى القوى المحافظة في النظام لتقليص الحريات التي بدونها لا يمكن بناء الدولة الديموقراطية.


محمد دلبح المحلل السياسي الأمريكي-الفلسطيني
«الفزاعة الأمنية تحولت إلى صفقات تجارية لتبرير النفقات»

عشر سنوات تمرعلى الهجمات التي غيرت في حينها وجه العالم كيف تغير المشهد في أمريكا والى أين تتجه الحرب الشاملة على الارهاب ؟

بعد عقد كامل على هجمات الحادي عشر من سبتمبرلا يبدو أن المشهد الأمريكي تغير كثيرا في المنطقة العربية وجوارها بما في ذلك أفغانستان وباكستان وحتى الان فان هذا المشهد يقوم على الاحتلال والعنف، واحتلال العراق وأفغانستان لا يزال قائما وليس هناك من بوادر تشير الى التخلي عن احتلال البلدين قريبا، أما بالنسبة لتداعيات 11 سبتمبر فهي لا تزال موجودة على الصعيدين السياسي والقانوني وعلى الكثير من مظاهر الحياة اليومية ولكن السؤال الذي يجب طرحه ماالذي تغير في تطبيق القوانين والحريات المدنية والامن؟ يمكن القول أن مجموع القوانين التي جرى اقرارها بعد 11 سبتمبرعلى صعيد الادارة والكونغرس قوانين تحد من الحريات المدنية ومن حقوق الانسان وتتعارض مع نصوص الدستور وقانون الوطنية أو patriotic act يتعارض صراحة مع الدستور وهو يعد تدخل غير مشروع في شؤون الافراد، من ناحية أخرى هناك تركيز أمريكي اليوم على الحروب حيث جرى انفاق المليارات وهذا ما تسبب في تعميق الازمة المالية والاقتصادية في البلاد وقد قدر حجم ما أنفقته واشنطن فيما تسميه بالحرب على الارهاب 80 مليار دولار في السنة وهذا الامر الى جانب النفقات على الحرب في العراق وأفغانستان جعل المشهد اكثر تعقيدا.
في هذه المرحلة وبعد عشر سنوات على أحداث سبتمبر بدأ ما يسمى الثورات العربية في المنطقة وهذه الثورات الشعبية التي أطاحت بأنظمة استبدادية كانت مدعومة منذ سنوات من الولايات المتحدة ماديا وعسكريا، وما نلاحظه أن هذه الثورات نشبت من أجل اعادة الاعتبار لسيادة القانون ومن أجل اعادة الاعتبار للقانون الذي انتهك سواء في تونس أو مصر أو غيرها ولكننا ننسى في المقابل أن سيادة القانون أكثر ماانتهكت في أمريكا خاصة في عهد الرئيس بوش.
وقد كشفت التقارير والأخبار من داخل المعتقلات السرية وغوانتانامو وأبوغريب الكثير من الفواجع بشان حريات وحقوق المعتقلين بما في ذلك الذين اعتقلوا من دون سبب وحتى الان ليس هناك أدلة بشأن بعض هؤلاء تثبت تورطهم في اعمال ضد الولايات المتحدة والاغرب أن اعتقال هؤلاء كان يتم في أحيان كثيرة على الحدود بين أفغانستان وباكستان حيث كان يتم تسليم الموقوفين الى القوات الامريكية مقابل خمسة الاف دولارعن الشخص.

وماذا بشأن مسلمي أمريكا والتضييقات التي حاصرتهم بعد تلك الهجمات وإلى أين يتجه المشهد الان؟

حتى الان يمكن القول أن الجالية العربية والاسلامية تتعرض للتخويف والارهاب. صحيح أن الامور خفت عما كانت عليه من حدة وتقييد للحركة، أذكر أنه في البداية كان العرب والمسلمون يخشون الذهاب الى المساجد التي تحولت الى مراكز للتنصت على الافراد ولكن الوضع اليوم أفضل مما كان عليه في عهد بوش وقانون الوطنية يقضي بالتنصت على خصوصيات الناس بدون اذن قضائي وبعد ان انكشف الأمرللعموم عبر الصحف وعندما أصبح الشعب الامريكي جزء من هذه التهديدات بدأت الادارة الامريكية تتذرع بعوامل السرية للتسترعلى المسؤولين وعدم معاقبة الذين خرقوا القوانين وقد ارتفعت أصوات كثيرة تطالب بتعديل أو الغاء الكثير من القوانين التي فرضت لحماية الامن الداخلي ولكنها تحولت الى انتهاك لحقوق الافراد وتضييق على حياتهم.

العقد الاخير شهد تخمة من الروايات والافلام حول الطرف أوالاطراف التي تقف وراء تلك الهجمات وهل تغيرت الرواية الرسمية لتلك الاحداث ؟

عندما وقعت هجمات الحادي عشر من سبتمبر كانت المعلومات التي ترد تأتي بشكل تدريجي ومجزأ وكانت الحكومة الامريكية تبني روايتها الرسمية التي اكتملت بعد أكثر من ستة أشهر واتفقت التقارير الرسمية على ان هذا العمل من صنع القاعدة وما عزز هذه الرواية اعترافات التنظيم ولكن في المقابل كانت استطلاعات الرأي تشير الى أن 30 بالمائة من الامريكيين مقتنعين بأن الدولة لها علاقة بما حدث ولكن لم يثبت ذلك. هناك في التاريخ الامريكي الكثير من الاحداث والحكايات التي ثبت تورط الحكومة فيها من أجل تحقيق هدف معين ومثال كوبا قائم عندما وقع ارغام اسبانيا على الخروج منها تمهيدا لفرض مشروع امبراطوري في العالم، ولكن تحميل مسؤولية أحداث سبتمبر للحكومة أمرلا يخطر على عقل، وهذا التفسير لا يعدو أن يكون أكثر من مؤامرة غير مقبولة وأذكر أن وزير الدفاع رامسفيلد ومعه اشكروفت وهما من صقورالادارة الامريكية وقفا في مجلس الشيوخ وحذرا أعضاء الكونغرس المشككين في أحداث سبتمبر من أن من يعارض الرواية الرسمية لتلك الاحداث يعتبر غير وطني.

ولكن هناك استطلاعات للرأي تشير الى قناعة لدى شريحة واسعة من الامريكيين بأن هجمات الحادي عشر من سبتمبر نتيجة للخيارات السياسية الامريكية غير المنصفة وهو ما أظهره استطلاع لمركز بيو للابحاث فكيف ترد على ذلك؟

هناك من يعتبر أن تلك الهجمات انتقامية ومن هنا كان السؤال الذي طرح لماذا يكرهوننا؟ وقدمت تفسيرات بشأن السياسة الخارجية الامريكية وسياسة القمع والارهاب والنهب الاستعماري وعدم التوازن القائم بسبب الانحيازالاعمى لاسرائيل وهو ما جعل الكثيرين يكرهون أمريكا وعندما بدأت تظهر تداعيات هذه الاراء على الرأي العام الامريكي بدأ جماعة المحافظون الجدد بالرد مباشرة أن العالم يكرهنا بسبب حريتنا وديموقراطيتنا وبالتالي لا زالت السياسة الخارجية الامريكية معادية للتحرر ولقضايا الشعوب كما هو الحال بالنسبة لحق الشعب الفلسطيني في الحرية.

عشية الحادي عشر من سبتمبر تعود التهديدات لتطفو على السطح بشأن هجمات محتملة تستهدف أمريكا فهل أن الامر يتعلق بخطر حقيقي أم أن هناك مبالغة في الامر؟

أعتقد أنه بين فترة وأخرى يخرج المسؤولون ويتذرعون بهذه الامور وينشرون المخاوف وهي تتكرراليوم مجددا عشية الذكرى العاشرة لهجمات الحادي عشر من سبتمبر وقد بدأ الحديث عن وجود معلومات وصفت بأنها ذات صدقية ولكن في نفس الوقت غير مؤكدة وليس لدى أجهزة الامن من دلائل بشأنها. وهذا في اعتقادي محاولة لتبريرعملية الانفاق الامني الهائل في البلاد والتي جعلت من المسألة الامنية تجارة رائجة ونحن اليوم ظاهرة تكلف مليارات الدولارات استفحلت بوجود شركات أمنية خاصة تنتج وتصنع الاجهزة والخدمات الامنية ولا يمكن التخلي عنها ولذلك فانه لا بد من اختلاق بين الحين والاخرمعلومات وتقارير من شأنها تبريراستمرارهذه النفقات العملاقة.

هل من مؤشرعلى تغيير في هذا التوجه الامريكي وهل يمكن أن يغيب الفيتو الامريكي عن أشغال الامم المتحدة عندما يحين موعد تقديم طلب الفلسطينيين في اعلان الدولة الفلسطينية؟

القرار ملك للشعب الفلسطيني وحده ولا أحد من حقه التصرف أو بيع الاوهام بشأن حل الدولتين واعتراف الامم المتحدة بذاك ليس نهاية المطاف للقضية الفلسطينية وفي اعتقادي ليس هناك امكانية لاقامة دولة على حدود ال67 الا اذا جرى تغيير في ميزان القوى على الارض الجمعية العامة سبق واعترفت بالدولة الفلسطينية في 1996 ولا أدري لماذا يريدون اليوم استصدار قانون جديد والتفسير الوحيد لذلك هو قطع الطريق أمام الشعب الفلسطيني من النضال والمقاومة من أجل قيام دولته وحتى الان لا نرى تغييرا في ميزان القوى طبعا حق الفيتو سيكون جاهزا والمطلوب تغيير الواقع على الارض حتى تتغيرالامور.


دافيد أوتاوا مدير مركز وودرو وويلسون للدراسات الدولية بواشنطن
"القاعدة فقدت الكثير من قدراتها على الاستقطاب"

يقول دايفيد أوتاوا مدير مركز وودروو ويلسون للدراسا الدولية بواشنطن ان هناك احساس في الولايات المتحدة بأن موت بن لادن والثورات العربية من أجل الديموقراطية في العالم العربي جعلت توجهات التطرف الاسلامي في تراجع،هناك أيضا أمل يحدو الجميع بان العالم العربي سينجح في التوصل الى الحلول المطلوبة لكل القضايا العالقة من أجل اسلام معتدل يتقبل واقع الديموقراطية الحقيقية. في المقابل فان الانشغال الاكبر ليس بشأن انتشار تنظيم القاعدة في باكستان ولكن بشأن انتشار التنظيم في اليمن والسعودية والمغرب وعوض أن يكون هناك حرب واحدة وشاملة على الارهاب فان هناك حروب متعددة ضد القاعدة في العراق والصومال والجزائر واليمن. ولكن ما يمكن قوله أن القاعدة وبعد عشر سنوات على هجمات الحادي عشرمن سبتمبر قد فقدت الكثير من قدراتها الايديولوجية ومن قدرتها على استقطاب أعداد كبيرة من الناس في العالم العربي والاسلامي، ثم ان موجة الديموقراطية المستقبلية في العالم العربي من شأنها أن تجعل الولايات المتحدة أكثر أملا وأكثر احساسا بالأمن مما كانت عليه قبل عشر سنوات. وادارة أوباما تحاول دعم الديموقراطيات الجديدة ولكن ليس لديها الامكانيات المادية لتقديم أكثر في المستقبل القريب بسبب مشاكلها الاقتصادية وأزماتها الداخلية المتعددة. دورالولايات المتحدة سيكون محدودا في هذه المرحلة باستثناء ليبيا حيث يمكن للولايات المتحدة توفيرالخبراء والنصح بشأن بناء الدولة الجديدة وتنظيم الاحزاب وخلق مجتمع مدني وكما جاء في تصريح للرئيس أوباما في ذكرى مرور عشر سنوات على هجمات الحادي عشر من سبتمبر فان الولايات المتحدة ليست، ولن تكون أبدا، في حرب مع الإسلام. والصحيح هو أننا وحلفاءنا وشركاءنا متحدون ضد القاعدة التي هاجمت عشرات البلدان وقتلت عشرات الآلاف من الرجال والنساء والأطفال الأبرياء وغالبيتهم الساحقة من المسلمين. وفي هذا الأسبوع نتذكر كل ضحايا القاعدة والشجاعة والقدرة على التكيّف اللذين ثابرت عليهما أسرهم ومواطنوهم امتداداً من الشرق الأوسط إلى أوروبا فأفريقيا ثم آسيا.
وبعملنا معا عطلنا مؤامرات القاعدة وتخلصنا من أسامة بن لادن والكثيرين من قادته ودفعنا القاعدة على طريق الهزيمة. وفي غضون ذلك دللت الشعوب في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أن أضمن سبيل إلى العدل والكرامة هو القوة المعنوية وليس الإرهاب الأهوج والعنف. فمن الواضح أن المتطرفين العنفيين قد تخلفوا وراء الركب وأن المستقبل ملك لأولئك الراغبين في العمار وليس في الخراب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.