ملف التسفير إلى بؤر التوتر: حجز القضية للمفاوضة والتصريح بالحكم    تطاوين: قافلة طبية متعددة الاختصاصات تزور معتمدية الذهيبة طيلة يومين    الرابطة الأولى (الجولة 28): صراع مشتعل على اللقب ومعركة البقاء تشتد    صيف 2025: بلدية قربص تفتح باب الترشح لخطة سباح منقذ    عاجل/ هلاك ستيني في حريق بمنزل..    القضية الفلسطينية تتصدر مظاهرات عيد الشغل في باريس    نسق إحداث الشركات الأهلية في تونس يرتفع ب140% مقارنة بسنة 2024    أعوان وإطارات المركز الدولي للنهوض بالاشخاص ذوي الاعاقة في اعتصام مفتوح    في سابقة خطيرة/ ينتحلون صفة أمنيين ويقومون بعملية سرقة..وهذه التفاصيل..    إيراني يقتل 6 من أفراد أسرته وينتحر    الصين تدرس عرضا أميركيا لمحادثات الرسوم وتحذر من "الابتزاز"    لي جو هو يتولى منصب الرئيس المؤقت لكوريا الجنوبية    سعر ''بلاطو العظم'' بين 6000 و 7000 مليم    الجولة 28 في الرابطة الأولى: صافرات مغربية ومصرية تُدير أبرز مباريات    الرابطة المحترفة الثانية : تعيينات حكام مقابلات الجولة الثالثة والعشرين    نهائيات ماي: مواجهات نارية وأول نهائي لمرموش في مانشستر سيتى    لأول مرة في التاريخ: شاب عربي لرئاسة ريال مدريد الإسباني    تشيلسي يهزم ديورغاردن 4-1 في ذهاب قبل نهائي دوري المؤتمر الاوروبي    عيد الاضحى 2025: الأضاحي متوفرة للتونسيين والأسعار تُحدد قريبًا    أبرز ما جاء في زيارة رئيس الدولة لولاية الكاف..#خبر_عاجل    زاراها قيس سعيد...كل ما تريد معرفته عن مطحنة أبة قصور في الكاف    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    عاجل/ أمطار أعلى من المعدلات العادية متوقعة في شهر ماي..وهذا موعد عودة التقلبات الجوية..    الأشهر الحرم: فضائلها وأحكامها في ضوء القرآن والسنة    وجبة غداء ب"ثعبان ميت".. إصابة 100 تلميذ بتسمم في الهند    "نحن نغرق".. سفينة مساعدات متجهة إلى غزة تتعرض لهجوم جوي (فيديو)    سقوط طائرة هليكوبتر في المياه ونجاة ركابها بأعجوبة    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة والأسعار ستُحدد لاحقًا وفق العرض والطلب    صفاقس ؛افتتاح متميز لمهرجان ربيع الاسرة بعد انطلاقة واعدة من معتمدية الصخيرة    رئيس الجمهورية: تونس تزخر بالوطنيين القادرين على خلق الثّروة والتّوزيع العادل لثمارها    توتنهام يضع قدما في نهائي الدوري الأوروبي بالفوز 3-1 على بودو/جليمت    بقيادة بوجلبان.. المصري البورسعيدي يتعادل مع الزمالك    مخاطر الاستخدام الخاطئ لسماعات الرأس والأذن    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    الوضع الثقافي بالحوض المنجمي يستحق الدعم السخي    المسرحيون يودعون انور الشعافي    أولا وأخيرا: أم القضايا    رئيس الجمهورية في عيد العمّال: الشغل بمقابل مع العدل والإنصاف    إدارة ترامب تبحث ترحيل مهاجرين إلى ليبيا ورواندا    بنزرت: إيقاف شبان من بينهم 3 قصّر نفذوا 'براكاج' لحافلة نقل مدرسي    الجلسة العامة للبنك الوطني الفلاحي: القروض الفلاحية تمثل 2ر7 بالمائة من القروض الممنوحة للحرفاء    الليلة: سحب عابرة والحرارة تتراوح بين 15 و26 درجة    الكورتيزول: ماذا تعرف عن هرمون التوتر؟    انتخاب رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة رئيسا للاتحاد الافريقي للصيادلة    لماذا يصاب الشباب وغير المدخنين بسرطان الرئة؟    ارتفاع طفيف في رقم معاملات الخطوط التونسية خلال الثلاثي الأول من 2025    بالأرقام/ ودائع حرفاء بنك تونس والامارات تسجل ارتفاعا ب33 بالمائة سنة 2024..(تقرير)    مصدر قضائي يكشف تفاصيل الإطاحة بمرتكب جريمة قتل الشاب عمر بمدينة أكودة    إقبال جماهيري كبير على معرض تونس الدولي للكتاب تزامنا مع عيد الشغل    وزير الصحة: لا يوجد نقص في الأدوية... بل هناك اضطراب في التوزيع    يوم دراسي حول 'الموسيقى الاندلسية ... ذاكرة ثقافية وابداع' بمنتزه بئر بلحسن بأريانة    نحو توقيع اتفاقية شراكة بين تونس والصين في مجال الترجمة    توقيع عدد من الإصدارات الشعرية الجديدة ضمن فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب    محمد علي كمون ل"الشروق" : الجمهور على مع العرض الحدث في أواخر شهر جوان    صادم: أسعار الأضاحي تلتهب..رئيس الغرفة الوطنية للقصابين يفجرها ويكشف..    توجيه تهمة 'إساءة استخدام السلطة' لرئيس كوريا الجنوبية السابق    أذكار المساء وفضائلها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



باسكال بونيفاس «للشروق»: الأمريكيون أعطوا حكومة اسرائيل صكا على بياض
نشر في الشروق يوم 18 - 06 - 2005

حوار راضية الزيادي enter enter enter تونس الشروق enter في حديث شامل خص به «الشروق» تحدث السيد باسكال بونيفاس عن التأثير الإسرائيلي على الاعلام الفرنسي، كما تحدث أيضا عن آفاق الصراع العربي الإسرائيلي، والعراق وقال أن الأمريكيين فشلوا في تحقيق أهدافهم في العراق، وأنهم تورطوا في هذا البلد وانهم لا يسيطرون على شيء في هذا البلد. بونيفاس قال أيضا أنه كان على الأمريكيين أن يستنتجوا دروسا عديدة من أحداث الحادي عشر من سبتمبر، كانت ستعود عليهم بالفائدة... enter والسيد باسكال بونيفاس هو مدير معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية (IRIS) بفرنسا وهو من الوجوه المألوفة على ساحة الحوار والجدل في فرنسا والعالم، باعتباره من أبرز المحليين في العلاقات الدولية، وضع العديد من الكتب، حوالي 20 كتابا بمفرده كما شارك في كتابة عدد مماثل من الكتب، التي تناولت المسائل الدولية والاستراتيجية والسياسية، من هذه الكتب Est-il permis de critiquer Israël أو La France contre lصEmprie ، Les sources du désarmement. وغيرها من الكتب والمراجع الهامة. enter والسيد باسكال بونيفاس، هو أيضا خبير في مسائل التسلح، وقد كان عضوا في المجلس الاستشاري حول مسائل التسلح التابع لمنظمة الأمم المتحدة كما عمل في المعهد الأعلى الفرنسي للدفاع الوطني... enter وقد كتب بونيفاس كتابه حول نقد اسرائيل بعد ضجة واسعة تعرض لها، أثارها سفير اسرائيل في فرنسا، وقد تعرض خلالها لمختلف التهديدات كما امتنعت بعض دور النشر عن التعامل معه... enter * اذا ما عدنا الى الأزمة التي أثارها نقدك لأداء حكومة اسرائيل والظروف التي حفت بصدور كتابكم : enter Est-il permis de critiquer Isarël enter هل يمكن القول أن هناك تأثيرا كبيرا لليهود الفرنسيين أو «لوبي» وإن كنتم ترفضون هذه العبارة. ثم كيف تفسرون موقف بعض المثقفين الفرنسيين، الذين يرفضون توجيه النقد لاسرائيل بصفة علنية؟ enter في سؤالك، سؤالان، فأولا نعم هناك يهود كثيرون يعملون في الاعلام بفرنسا وهذا لا يعني أبدا أن لكل هؤلاء موقفا موحدا البعض من هؤلاء الصحافيين اليهود مثل جان دانيال جون فرانسوا كان وغيرهما، ممن كانت لهم دائما مواقف ومبادىء كونية وإخلاقية داعمة للسلم، وبالتالي لا يمكن القول أن هذا الصحافي لأنه يهودي فإن انتمائه الديني يحدد موقفه من إسرائيل ولذلك أرفض دائما الحديث عن لوبي يهودي في الاعلام الفرنسي. ففي فرنسا وعلى مستوى 600 ألف يهودي يعيشون في فرنسا، فإن مواقفهم تختلف من هذه القضية، أي دعم اسرائيل في المطلق، وأعتقد أنه ينبغي أن نفرّق بين ممثلي المؤسسات اليهودية للطائفة اليهودية، وهم مدافعون متطرفون عن اسرائيل ولا يقبلون بأي نقد يوجه لها، مهما تكون ممارسات حكومة اسرائيل، فهؤلاء مثلا يرفضون الحديث عن «الجدار» ويقولون إنه «سياج أمني» ويدعمون هذا المشروع قائلين إنه سيوفر السلام، وهو موقف مضاد للحقيقة، اذن هناك أشخاص أعتبرهم ضمن اللوبي الداعم لاسرائيل، وليس «اللوبي اليهودي» وهؤلاء يدعمون اسرائيل مهما فعلت، من ضمن هؤلاء من ليسوا يهودا، وهناك كتاب افتتاحيات كبار، ممن يدعمون اسرائيل بهذا الشكل وربما يعود ذلك إلى شعور بالذنب ازاء اليهود عموما، بسبب الحرب العالمية الثانية وربما يعتبرون إنه عليهم تاريخيا، أن يدعموا اسرائيل، ازاء الدول العربية... الأسباب مختلفة جدا، وفعلا هناك من يتصرف إزاء اسرائيل مثل مساندين غير مشروطين لفريق كرة قدم، أي أنهم يدعمون موقف اسرائيل، حتى وإن أدى ذلك إلى تفسير الأمور بشكل مغاير للحقيقة، كالصمت على بعض الأشياء اذا كان الأمر يخدم موقفهم، ولكن أ عتقد أنه لا بد من التأكيد على أن المسألة لا تتعلق بالديانة، ففي فرنسا مثلا، يوجد ضمن جمعيات للدفاع عن الفلسطينيين يهود، يناضلون لفائدة هذه القضية. كما أن هناك يهودا، حتى وإن لم ينضموا الى هذه الجمعيات، فإنهم يتمسكون بموقف ثابت، منذ سنوات عديدة حيث يقولون إن شرف اسرائيل أن تكون أول دولة تعترف بالدولة الفلسطينية الحقيقية، وهنا اذكر خاصة ثيوكلاين. enter * ولكن ألا تعتقدون أن هذه المواقف وخاصة من قبل الفرنسيين غير اليهود، مبالغ فيها كثيرا، بالنظر الى المواقف الاسرائيلية الحالية؟ enter نعم، وكلما تدهورت الأوضاع على الميدان كلما أصبحت صورة اسرائيل سيئة جدا في العالم، هذه الصورة تتدهور باستمرار، ومؤخرا أظهر سبر للآراء أجري في دول الاتحاد الأوروبي الخمسة عشر، ان اسرائيل هي البلد الرئيسي الذي يشكل تهديدا للسلم فقد أكد 60 بالمائة هذا الموقف، وبالتالي فإنه من الطبيعي أن تتدهور صورة اسرائيل في كل العالم وليس في العالم العربي فقط الناس يعتقدون. وقد أظهر ذلك سبر الآراء الذي نظم في دول الاتحاد الأوروبي، ان ممارسات اسرائيل في فلسطين، هي عامل اضطراب، وطبعا لا يمكن أن أحمّل كل الأخطاء في حساب اسرائيل، ولكن أغلب الناس يعتقدون أنه من الضروري ان نفرّق، بين المحتلّ وبين القائم على الاحتلال، فالمسؤولية الأولى في هذا الوضع تعود إلى اسرائيل، وبالنسبة لتدهور صورة إسرائيل، فإن مثقفين كانت لهم مواقف كونية في السابق، أصبحت مواقفهم أكثر راديكالية، ويمكن القول أن تدهور صورة اسرائيل يؤدي الى أن تصبح مواقف هؤلاء المثقفين أكثر راديكالية وهم الذين كانوا يقبلون النقاش في بعض المسائل في السابق، ولكنهم اليوم يرفضون النقاش، ويعملون فقط على منع حدوث هذا الحوار أو النقاش، مثلا الحملة التي شنت مؤخرا في فرنسا ضد طارق رمضان لمنعه من الانضمام الى المنتدى الاجتماعي الأوروبي، وأنا على الرغم من أني لا أقاسم كل أفكار طارق رمضان إلا أني أعتقد أنني إذا كنت لا أتفق معه، فإنه عليّ أن أتحاور معه، حتى يمكنني أن أفند مواقفه، ولن أتمكّن من ذلك، إلا عبر الحوار، وليس عبر وسيلة أخرى وعادة الاحظ، إن هؤلاء لا يرغبون في النقاش مع الطرف المقابل، لأنهم يدركون أن مبرراتهم ضعيفة جدا، وليست قادرة على الدفاع عن موقفهم، أو على التأثير في حوار ثقافي، من خلال احكام المنع التي يطلقونها من خلال الأحكام «الأخلاقوية» التي يصدعون بها، ولكن دون أن يكون أمامهم محاور حقيقي لأن مبرراتهم أصبحت غير مقبولة من طرف الفرنسيين. enter * فعلا ألا تعتقدون أن هذه الوضعية تتناقض عما هو عليه وضع الحوار الثقافي في فرنسا الحريات والمبادىء؟ enter نعم حرية الأفكار والمبادىء موجودة دائما في فرنسا، حتى وان كان من السهل جدا أن تعبر عن مواقف داعمة لاسرائيل فإنه سيكون أمامك فرص أوسع، مقارنة مع ما اذا كنت تريد انتقاد إسرائيل. وإذا ما أخذت حالتي الشخصية، على سبيل المثال فقط، فإن سبعة ناشرين رفضوا نشر كتابي، قبل أن أنجح في ايجاد ناشر يقبل بذلك، وأقل كتاب، داعم لإسرائيل، حتى وإن كان قد كتب على عجل، فإنه يلاقي النجاح. والنشر، والاقبال من طرف وسائل الاعلام، بمجرد أن تشير مثلا في الغلاف الى «مقاومة معاداة السامية» فوسائل الإعلام تلك تخشى أن يتم القول أنها «تعادي السامية» أما كتابي، فإن العديد من الصحف رفضت الكتابة عنه، بل انها رفضت بعد ذلك الكتابة عن كتابي اللاحق، الذي وضعته حول الحرب على العراق، والذي لم يكن له أي علاقة باسرائيل، ولكنهم كانوا بذلك «يجتهدون» بفرض عقوبات اضافية على كتاباتي لأني تجرأت على انتقاد إسرائيل. enter * فعلا، وانطلاقا من ممارسات الحكومة الاسرائيلية حاليا، لا يبدو أن آفاقا للحل واضحة أو قريبة، وحسب رأيكم، ما هي نتائج هذا المأزق؟ enter فعلا الوضع يسوء جدا بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وأوافقك الرأي حول وجود هذا المأزق، عمل حكومة شارون لا يؤدي فعلا الى السلام، ولكنه يؤدي الى إنشاء دولة فلسطينية «بانتوستان» في أحسن الحالات، ستكون على جزء من الضفة الغربية وربما غزة، وربما خاصة لأسباب ديمغرافية، حيث لا تريد الحكومة الإسرائيلية أن يصبح اليهود أقلية في اسرائيل والاراضي الفلسطينية المحتلة، كما أنه ليس هناك أمل من قبل الأمريكيين الذين بدؤوا مشوار الحملة الانتخابية، بوش قرر، بطبيعة الحال، أن يستوعب الناخبين اليهود في الولايات المتحدة وبالتالي فلن يقوم بأي شيء من شأنه أن يغضب اسرائيل، أما جون كيري، منافسه، فقد أكد، أنه لن يسمح أبدا بصدور قرار يدين اسرائيل اذن هناك التزام مسبق باستعمال الفيتو ضد أي قرار يدين اسرائيل ومعنى ذلك اعطاء حكومة اسرائيل صكّا على بياض، وللأسف ففي الولايات المتحدة الأمريكية، لا يتحدد موقف الناخبين اليهود، إلا انطلاقا من موقف المرشحين ازاء اسرائيل وليس مثلا حول المسائل الاجتماعية أو الاقتصادية عدد هؤلاء الناخبين ليس هاما اذ لا يمثل اليهود إلا 2 بالمائة من عدد السكان، ولكنهم يشكلون نسبة 4 بالمائة من الناخبين، لأنهم ناشطون جدا، ولهم وزن هام في هذه الانتخابات اذن هناك انعدام الرغبة لدى الحكومة الإسرائيلية للتوجه نحو السلام. وكذلك غياب للإرادة من قبل الحكومة الأمريكية للدفع باتجاه السلام، وبالتالي فإننا سنواجه تدهورا للوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وللأسف، فإن النتيجة يمكن أن نتكهن بها منذ اليوم، وهي تصاعد لمظاهر وأعمال الإرهاب في العالم، وإن ذلك سيخدم من ناحية، شارون وبوش، اللذان سيقولان أن الارهاب يتطور وينبغي مقاومته وبذلك ندخل حربا لا نهاية لها! لأنه اذا أردنا فعلا أن نقاوم الإرهاب، فإن القرار الاستعجالي الأول الذي ينبغي اتخاذه، هو ايجاد حل للصراع العربي الإسرائيلي، وليس ارسال القوات العسكرية إلى العراق، وهذا الحل ينبغي أن يتم على أسس وقواعد منصفة للشعبين، أي حق اسرائيل في الوجود وحق الشعب الفلسطيني في اقامة دولة مستقلة يمكن العيش فيها. enter * الأمريكيون والأوروبيون يستعدون لطرح مشاريع اصلاح على العالم العربي خلال اجتماعات مجموعة الثمانية، فلماذا العالم العربي تحديدا، ولماذا الآن، وهل أن أهداف الأوروبيين والأمريكيين تلتقي في هذا الموضوع؟ enter نعم، الأمريكيون والأوروبيون لا يقدمون نفس المشروع، كما أنه ليس لهم نفس الأهداف الأوربيون ومنذ فترة طويلة لهم مشروع تعاون مع العالم العربي، كما أن هناك السياسة العربية لفرنسا ثم أنه منذ اعلان البندقية 1979 فإن أوروبا ترغب باقامة سياسة خاصة ازاء الدول العربية، الموقف الأوروبي اذن يختلف تماما عن الموقف الأمريكي الأوربيون لا يرغبون بفرض نموذج وعلى العالم العربي ان ينفذه. enter * ولكنهم سيشتركون حسبما تقول الأنباء خلال اجتماعات جوان القادم لمجموعة الثمانية في توجيه هذه المشاريع مع الأمريكيين للعالم العربي؟ enter لا، لا أعتقد ذلك، نعم هناك اتصالات بين الأوروبيين والأمريكيين حول هذه المسألة ولكن فرنسا وألمانيا، قد أبدت احترازات ازاء هذه المسألة بعدُ، وخاصة ازاء مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي أطلقه جورج بوش. أما لماذا يطلقون هذا المشروع الآن، فأقول إن بوش يفشل في العراق، وهو لا يريد أن يقوم بأي شيء في فلسطين، ولأنه تورط في العراق، وطلب النجدة من الأمم المتحدة ومن الحلف الأطلسي والهند واليابان وكوريا، وهو الذي كان يريد أن يذهب للحرب بمفرده، يتفطن اليوم. انه ربح الحرب، ولكنه فشل في ايجاد السلام، وأنه بحاجة للآخرين، وأنه تورط في العراق، وسيكون ذلك لفترة طويلة. ولكل الأسباب التي ذكرنا في السابق، أنه لا يريد أن يقوم بأي شيء في فلسطين، اذن للتعتيم على هذا الفشل، فإنه يريد الخروج من أعلى باقتراح مخطط، لا يمس القضيتين الأساسيين أي العراق وفلسطين بل على كامل مسرح الشرق الأوسط، ولكن هذه المنطقة ليست متناسقة استراتيجيا، فلا شيء يجمع مثلا بين تونس أو باكستان، اضافة الى أنه اذا كان الأمر يتعلق بفرض نموذج سياسي على الدول العربية دون أن يقوم بأي شيء في فلسطين فإن ذلك محكوم بالفشل، واذا كان بوش جديا، فإن عليه أن يبدأ بحل القضية الفلسطينية أولا، ولكن لا يريد القيام بذلك، ولأنه يريد التغطية على عجزه، فإنه يسحب «ستارا من الدخان» ليعتم على هذا العجز واعتقد أن هذا المخطط سيفشل لأنه سيكون مرفوضا من العرب وسيتم انتقاده من الأوروبيين. enter * قلتم إن الأمريكيين قد فشلوا وتورطوا في العراق وربما يساندكم في ذلك كل الذين رفضوا الحرب ففي نهاية الأمر، هؤلاء يتمنون فشل الأمريكيين ولكن ألا يمكن القول أن الأمريكيين باحتلالهم العراق،
قد حققوا أهدافهم ربما بالسير بهذا البلد نحو التقسيم والحصول على البترول وهؤلاء عندما أرادوا احتلال العراق، كما يدرك الجميع، لم يكن هدفهم تحقيق الحرية والديمقراطية كما يدعون؟ enter لا لم ينجحوا انهم عاجزون عن السيطرة على العراق، وحتى اذا ارادوا تقسيم العراق الى ثلاث دول، فلا أعتقد أن الشيعة سيقبلون مطولا سيطرة الأمريكيين، كما لا أعتقد أن تركيا ستقبل باقامة دولة كردية وطبعا ندرك جميعا أن الأمريكيين لم يتوجهوا الى العراق للبحث عن أسلحة الدمار الشامل لأنه لو كانت هناك أسلحة للدمار الشامل لما حدثت الحرب. ولو كانوا يدركون أن العراق يمتلك هذا الأسلحة لامتنعوا عن القيام بتلك الحرب، خوفا من تعريض حياة جنودهم للخطر. انهم كانوا يعرفون انه لا توجد هذه الأسلحة ولذلك أقدموا على الحرب. وأمامنا مثلا كوريا الشمالية حتى الآن، وطبعا لم يتوجه الأمريكيون إلى العراق لارساء الديمقراطية وانما للسيطرة، استراتيجيا، على الشرق الأوسط. ولكننا نلاحظ الآن انهم فشلوا ببساطة، لأنهم لا يسيطرون على العراق، لا يسيطرون على أي شيء في العراق! enter * حتى البترول؟ enter حتى البترول لأن حجم الانتاج لم يعد الى سالف عهده بسبب الشكوك والاضطرابات في البلاد. وحتى ما كانوا ينتظرونه من «استقبال المحررين» الذي سيخصهم به العراقيون، فإن الأمريكيين تحولوا بعد 24 ساعة فقط الى قوات احتلال. enter * الأمريكيون أرادوا أن يكون هذا القرن قرنهم، فحسب رأيكم هل أن الامبراطورية أمر حتمى الآن؟ enter أبدا، الامبراطورية الأمريكية هي الآن في تنازل وتراجع هذه القوة هي قوة، ولكن أقدامها من طين وذلك يعود الى عدة أسباب، منها الاقتصادي، فالعجز التجاري الأمريكي وكذلك العجز في الميزانية، سوف يكون مؤثرا جدا، وسوف لن يكون العالم قادرا على تحمل هذا العجز طويلا، فوجود عجز مضاعف بحجم 400 مليار دولار أو 500 مليار دولار سنويا اضافة الى أن الصينيين واليابانيين وكذلك العرب يمتلكون جزءا هاما من الثروة الأمريكية، في الخزينة، انما يعد علامة هامة على عدم الاستقرار. ثم إنه اذا تحدثنا عن صورة الولايات المتحدة الأمريكية، فهناك أيضا تدهور فظيع في ذلك، لم تصل صورة الولايات المتحدة الأمريكية، أبدا، الى ما وصلت اليه اليوم من تدهور، وليس ذلك في العالم العربي فقط، بل في كل أنحاء العالم، في العالم الإسلامي في أوروبا وأمريكا اللاتينية، هناك رفض شامل لهذه الرغبة الأمريكية بفرض ارادتها على بقية العالم، وأعتقد أن تدهور صورة امريكا سيكون محددا في عمر هذه الامبراطورية واذا ما أخذنا مثال العراق، فهم كقوة عظمى قد ربحوا الحرب، ولكن بماذا عاد عليهم ذلك بالفائدة وكان من الأحسن بالنسبة ان يتم استقبالهم «كمحررين» ولكن ذلك لم يحدث. تدهور صورة أمريكا اذن هو «سمّ» لمستقبل هذه الامبراطورية ولقوة أمريكا. enter * من يتراءى لكم من الدول أو مجموعات الدول، التي يمكن أن تكون قادرة على ايجاد توازن ازاء هذه الامبراطورية؟ enter أرى في المستقبل القريب، أوروبا والصين في دورين مختلفين، وأعتقد أن روسيا واليابان أبعد قليلا عن القيام بهذا الدور الآن. فأوروبا التي تواصل بناءها وكذلك الصين هما أقدر على القيام بذلك، وهما قوتان صاعدتان، سوف يشكلان في مجالات مختلفة خلال العشر والعشرين سنة المقبلة، توازنا للقوة الأمريكية. enter * تعطون دروسا في معهد الدراسات السياسية بليل (Institut dصEtudes Politiques de Lille) عن خطوط تقاسم العالم، فكيف تتراىء لكم هذه الخطوط هل هي سياسية أم اقتصادية؟ enter العالم مقسم حسب خطوط تقاسم عديدة. هناك خطوط اقتصادية انطلاقا من مؤشرات الناتج القومي الخام حسب السكان... هناك أيضا خط تقاسم ثقافي، أو سياسي، وأعتقد أنه في هذا العالم المعولم الذي نعيش، فإن هناك حركات كبرى تجمّع، وأخرى على العكس... أوقات كبرى توحّد الجميع، فقد تابعنا مثلا، في فرنسا انتصار تونس في كأس افريقيا، وأعتقد أنكم تابعتم انتم قبل ذلك حصول فرنسا على كأس أوروبا... اذن كل طرف يعلم ما يحدث لدى الطرف الآخر... وفي نفس الوقت هناك تمسك ببعض الخصوصيات، وفي بعض الأحيان هناك العكس... ولكن ما يمكن أن نلاحظه أنه للأسف أن الثروة في العالم، لم يتم تقسيمها بصفة منصفة، سواء بين الدول، أو في البلد نفسه بين الأشخاص وأن هناك خلال الخمس عشر سنة الأخيرة نموا كبيرا في الثروات، وعلى العكس أيضا نموا كبيرا في انعدام التوازن والمساواة بين الشعوب والأفراد. enter * انطلاقا من خبرتكم في مجال التسلح كيف تفسرون، الحملة التي تشن حاليا لتعقب ما يمكن أن يكون تسرب من تكنولوجيا نووية من البرنامج الباكستاني؟ وهل تعتقدون أن ما يلوح به الأمريكيون من امكانية حصول الجهات الارهابية على السلاح النووي امر معقول؟ ثم كيف تفسرون تمسك الأمريكيين بتطوير أسلحتهم الدقيقة، في وقت تراجع فيه التهديد السوفياتي ولكل التهديدات الجدية عموما؟ ومن هو المرشح أن يكون عدوا لأمريكا، تعدّ له مثل هذا السلاح؟ enter بشأن الانتشار النووي، منذ البداية حرصت الدول التي ربحت الحرب على أن تحتكر التكنولوجيا النووية، عندما كانت أمريكا وحدها تمتلك النووي فإنها كانت تعتقد أنه من الجيد التوقف عند امتلاكها هي فقط وكذلك عندما أمتلك السوفيات ذلك... وفي نفس الوقت، فإن انتشار العلم والتكنولوجيا جعل ظاهرة الانتشار النووي يمكن أن تتعطل ولكن لا يمكن منع حصوله. وبالتالي فإن انتشار العلم والتكنولوجيا، أدى الى الاقتناع بأنه لا يمكن منع هذا الانتشار، إلا عبر الاتفاقات السياسية. ثم إن هناك تناقضا كبيرا فالولايات المتحدة ضربت في الحادي عشر من سبتمبر على أرضها كما لم يحدث لها ذلك في السابق أبدا على الرغم من أن الولايات المتحدة كانت تمثل 37 بالمائة من الموارد المخصصة للدفاع في العالم، اذن النتيجة المنطقية والاستراتيجية التي كان ينبغي أن تتوصلوا لها هي أنه لا يمكن ضمان الأمن، والحماية إلا عبر الوسائل العسكرية فهم قد تعرضوا للضرب في وقت كانوا فيه الأقوى في العالم» ولكن للأسف، فإن ردهم الوحيد ازاء ذلك كان بالترفيع في الموارد المخصصة للمسائل العسكرية ففي ثلاث سنوات تم الترفيع في هذه الموارد بما يعادل، مرتين ونصفا، حجم المساعدة الدولية العامة للتنمية. الرفع في الميزانية العسكرية الأمريكية في ثلاث سنوات يمثل 120 مليار دولار، يمثل سنتين ونصفا من المساعدة الدولية العامة للدول النامية! وربما يخطر على بالنا أن نقول أنه لو كان الأمريكيون أكثر فاعلية في التفكير، فإنهم بدل جمع وتكديس الصواريخ وحاملات الطائرات، كانوا اهتموا بمشاكل التنمية من جذورها، في الدول الفقيرة للقضاء على ذلك الشعور بالحرمان وعلى انعدام التوازن الاقتصادي... وذلك هو السبيل الأفضل للمساهمة في ايجاد حلول لمشاكلهم الأمنية والدفاعية (أي الأمريكيين) وهنا لا أتحدث من منطلق مصلحة شعوب العالم الثالث... enter أما من ناحية امكانية حيازة التنظيمات الإرهابية على السلاح النووي، فاعتقد أنه غير ممكن، قد يكون بالامكان الحصول على ما يعرف «بالقنبلة الوسخة» أو القنبلة المشعة التي تحدث خسائر نفسية أكثر منها مادية حاليا. القنبلة النووية، كما نتخيل مثلا قنبلة هيروشيما فليست في دائرة قدرة هذه التنظيمات الإرهابية... سواء على مستوى التصنيع أو مستوى القاء هذه القنبلة... ولكن الدرس الآخر من أحداث الحادي عشر من سبتمبر هو أنه في هذا العالم المعولم، فإن تلك الأحداث لم تكلف «القاعدة» أكثر من مائة ألف دولار، وهي كلفة ضئيلة أمام ما أحدثته وبالتالي فإن النتيجة التي كان ينبغي التوصل اليها لو كنا أذكياء، هي أنه في مثل هذا العالم ليس هناك واحة للسلام والهدوء والاستقرار اذا كان العالم مضطربا، وأن شعبا ما لا يمكن أن يعيش الأمان اذا كان غيره مهددا. والأمن والسلم معولم أيضا. وللأسف الشديد لم يتم التوصل الى هذه النتائج. enter

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.