مؤلف هذا الكتاب هو الباحث مارك غولد شميت المولود عام 1967 والمتخرج من قسم الفلسفة في جامعة باريس. وهو هنا يقدم للقارئ صورة عامة عن فكر واحد من اصعب الفلاسفة المعاصرين جاك دريدا. ومعلوم ان اسم دريدا ارتبط بمصطلح اساسي واحد هو: التفكيك ولكن الواقع هو ان صاحب المصطلح هيدغر قبل دريدا. نقول ذلك على الرغم من ان هيدغر كان يستخدم مصطلح التدمير، ولكن بنفس المعنى. وفلسفة دريدا التفكيكية هي احدى المحاولات الأكثر راديكالية لنقد العقل العربي منذ ان كان قد تأسس لدى الاغريق قبل الفين وخمسمائة سنة. وقد اخذ المفكرون الآخرون مصطلح التفكيك عنه واصبحوا يطبقونه على تراثات اخرى كالتراث العربي الاسلامي، والتراث الهندي او الياباني او الصيني، الخ... باختصار فإن مصطلح التفكيك اصبح مصطلحا علميا يصلح لكل المجتمعات والازمان. والتفكيك يعني بالمعنى العربي العريض الدراسة النقدية لتراث متراكم معين ومحاولة فهم كيفية تشكله لاول مرة. فكما اننا لا نستطيع ان نفهم بنية جهاز ما او آلة معينة اذا لم نقم بتفكيكها،فإننا لا نستطيع ان نفهم التراث العربي او العربي اذا لم نفككه الى عناصره الاولية. يتألف الكتاب من مقدمة عامة وعدة فصول ويتوقف المؤلف طويلا عند المحطات التالية: كيف فك دريدا نص افلاطون؟ كيف نقده من المداخل وفهمه؟ ثم كيف فكك نص جان جاك روسو؟ وبعدئذ كيف فك نص كلود ليفي ستروس؟ فالنص الفلسفي بحاجة الى تفكيك ايضا، وليس فقط النص الادبي او الديني او الشعري. وقد انتقلت منهجية دريدا بعدئذ الى النقد الادبي. ثم يكرس المؤلف فصلا كاملا للتحدث عن تفكيك الميتافيزيقيا الغربية على يد هيدغر، والمقصود بالميتافيزيقيا هنا العقلانية الغربية. وبعدئذ يبين لنا كيف جاء دريدا وقام بنفس العمل ولكن بطريقة أخرى. وذلك لان دريدا على الرغم من اعجابه بهيدغر واستفادته منه الا انه قام ايضا بتفكيك نصه الفلسفي ونقده. وهكذا انقلب التلميذ على استاذه واستخدم نفس سلاحه لنقضه. ثم يتحدث المؤلف بعدئذ عن المعارك الفلسفية التي خاضها دريدا مع فلاسفة عصره وبخاصة مع ميشيل فوكو، وويرغن هابرماس، وبيير بورديو وآخرين عديدين. ويردف المؤلف قائلا: من المعلوم ان دريدا انخرط في معركة فلسفية حادة مع استاذ ميشيل فوكو. وقد دارت المعركة حول تفسير نص قصير لديكارت. فكل واحد منهما فهمه بطريقة مختلفة عن الآخر. وقد اثر هذا الخصام الفلسفي على علاقتهما الشخصية التي كانت ودية في السابق. فأصبحت بعدئذ سيئة جدا، بل وأصبحا يتحاشيان بعضهما البعض وانقطعت اللقاءات بينهما. كما وحصلت مشادة فلسفية بين دريدا ويورغن هابرماس الذي يتربع الآن على عرش الفكر الفلسفي في المانيا. فقد اتهم هابرماس دريدا بالنيتشوية والعدمية ومحاولة تدمير العقلانية الغربية بحجة التفكيك والنقد الداخلي. وقد انزعج دريدا كثيرا من هذا النقد الصارم لانه يعرف قيمة هابرماس ويقدره. ولكن يبدو انهما التقيا بعدئذ وتصالحا على الاقل شخصيا وظاهريا. الكتاب: جاك دريدا مدخل الى فكره تأليف: مارك غولد شميت الناشر: لاديكوفيرت باريس الصفحات: 253 صفحة من القطع الصغير Jacques Derrida Une Introduction Marc Goldshmit La Découverte - Paris 2003