تونس (الشروق) نواصل في هذا العدد تقديم ثلاث حالات سلوكية ونفسية جديدة تهتمّ بالمشاكل التي يتعرض لها أو يعيشها الطفل أو المراهق أو تواجهها الأسرة ككل .. هذه الحالات يجيب عنها الأستاذ منذر جعفر. * الحالة الأولى : إبني يبلغ 12 سنة ولد بإعاقة ذهنية نتيجة لخلل جيني وهو ما يسمّى ب (كريزومي 21) أدمجناه في صغره بمدرسة تعتني بهذا الصنف من الأطفال لكن لم نلاحظ تقدما كبيرا.. أنا خائفة كثيرا على مستقبله فمُستواه الذهني والاجتماعي لا يسمح له بالاندماج لا في الحياة الاجتماعية ولا المهنية. * زهرة (تونس) * الرد الأول : إبنك مصاب بنوع من الإعاقة المسماة ب»الكريزومي 21» والتي تسبّب بعض التشوّهات الخلقية والذهنية وهي نتيجة لخلل في مستوى التركيبة الجينية في مستوى الخلية رقم 21. ويمكن تصنيف هذه الاعاقة الى ثلاثة أنواع ولا ندري الى أي صنف منها ينتمي إبنك. يجب الاعتناء بهذا الصنف من الأطفال منذ الطفولة المبكرة عناية مركزة تهتم أولا بتنمية الحواس لدى الطفل، ثم يجب ادماجهم في مدارس خاصة تتوفر فيهم جميع المرافق البيداغوجية المتطورة والتأطير المحكم. وبإمكانك إلحاق إبنك بمدرسة عادية شريطة تخصيص بعض الحصص التدعيمية ويكون هذا العمل فرديا لا جماعيا. يجب إدماج هؤلاء المعوقين في بعض المراكز المهنية لتلقينهم بعض المهن التي تتماشى مع امكانياتهم الذهنية والحركية مع العمل على تخصيص بعض الأنشطة الرياضية والثقافية والترفيهية لمساعدتهم على الاندماج الاجتماعي، كما أنه بإمكانك مساعدته على تحسين نضجه الاجتماعي وذلك بتحميله بعض المسؤوليات التي تتماشى وامكانياته. حذار من الافراط في رعاية إبنك الناتج عن شعور بالذنب بل اعتبري إبنك طفلا عاديا وعامليه مثل بقية اخوته لأن ذلك سيساعده على الاندماج في محيطه أكثر. وأخيرا، سيدتي، لا خوف على إبنك لأن هذا الصنف من المعوقين يمتازون علي الأصناف الأخرى من المعوقين بخفّة دمهم وقابليتهم الكبيرة للاندماج الاجتماعي السريع. * الحالة الثانية : إبنتي تبلغ من العمر 17 سنة تزاول تعليمها بالسنة الثالثة ثانوي، نتائجها متوسطة وقد أجمع جميع أساتذتها أن نتائجها لا تعكس بالمرة مستواها الذهني.. مشكلتها الخوف الشديد من الامتحانات، فقبل بداية الأسبوع المغلق تشعر بآلام متعددة في أماكن مختلفة من جسمها، يتغير مزاجها وتصبح عنيفة، عرضناها على بعض الأطباء الذين أجمعوا أنها لا تعاني من أي مرض. * سالمة (القيروان) * الرد الثاني : يبدو أنّ إبنتك تشكو من خلل في تركيبة شخصيتها، وقلّة النضج الاجتماعي فهي غير قادرة على تحمّل المسؤولية التي تثقل كاهلها. وهذا الخلل هو نتيجة حتمية سواء من جرّاء بعض المؤثرات السلبية الداخلية في المحيط العائلي ربما تكون بعض الضغوطات النفسية التي تمارسها العائلة على بعض أبنائها خلال فترة الامتحانات قد أثّر على نفسية هذه الفتاة. فالآلام التي تشكو منها ابنتك خلال فترة الامتحانات هي أعراض نفسية جسدية يعبّر بها الجسد عمّا يخالجه من مشاعر الخوف والقلق النفسي وهي ناتجة عن الخوف من الاخفاق والفشل وبالتالي الهروب اللاشعوري من المسؤولية. ننصحك سيّدتي بعرض إبنتك على معالج نفساني وسلوكي لدراسة حالتها دراسة علمية معمّقة وإيجاد الحلول الناجعة لتقويم بعض سلوكاتها وإعانتها نفسيا لمجابهة الامتحانات وذلك بتخصيص بعض الحصص للتحضير النفسي. * الحالة الثالثة: إبني عمره 8 سنوات كثير اللّعب بالكمبيوتر، حاولنا منعه وإبعاده عن هذه الهواية لكننا لم نفلح، مع العلم أن نتائجه الدراسية متوسطة.. فما هي الطريقة التي يجب أن يتوخاها للتقليل من اللّعب والاهتمام بدراسته بدلا عن ذلك؟ * فاطمة (باجة) * الردّ الثالث : يمكن اعتبار إبنك سيّدتي مدمنا على الاعلامية لأن عدم الإقلاع عن ذلك والإكثار من الجلوس أمام الحاسوب لوقت طويل يصبح نوعا من الإدمان. وهذا الإدمان له مخلّفاته السلبية العديدة ليس فقط على الجانب الدراسي بل انه يتسبب أيضا في ضعف البصر واضطراب التركيز وغير ذلك. لذلك ننصحك بتغيير سلوكه تدريجيا كعملية الفطم عن الرضاعة وذلك بتخصيص أوقات معينة لممارسة اللعب على الحاسوب وهذا الوقت يجب أن يقلّ تدريجيا، والعمل على تعويضه بأنشطة مدرسية بديلة أو رياضية. أخيرا حاولي سيّدتي ارشاد إبنك الى الطريقة المثلى لتوزيع وقته بين اللعب والدراسة وبالتالي دعوته الى أن يكون أكثر وعيا بمخاطر الإدمان على مجالسة الحاسوب.