من مبعوثتنا فاطمة بن عبد الله الكرّاي كان اللقاء الأخير في جملة اللقاءات التي واكبتها «الشروق» أو تفرّدت بها هنا في نيويورك مقرّ الأممالمتحدة، غير اللقاءات السابقة: الأمين العام للأمم المتحدة فتح قلبه لأسئلة شديدة النّقد وكان متفهّما وربما كان ينتظر مثل ردّ الفعل هذا من صحفيين عرب، لم يروا بدّا من طرح اشكالية الأممالمتحدة والقضايا العربية. وبعد أن ذكّر بشدّة أن مجلس الأمن لم يعط تصريحا للحرب على العراق، وأن بريطانيا وأمريكا قاما بها دون موافقة المجموعة الدولية، شدّد عنان على أن مجلس الأمن الدولي الذي أقرّ بأن الحرب لا تتماشى مع الميثاق، اضطرّ الى أن يتعاطى مع نتائج هذه الحرب. وأفصح عنان في شيء من المرارة بخصوص نتائج تلك الحرب: نعم العراق تحت الاحتلال الأجنبي وهذا وضع غير عادي نتعامل معه. مضيفا بالقول: إن الأممالمتحدة تعرّضت الى صدمة شديدة، مبيّنا أن المنتظم الأممي وتحديدا الأمانة العامة، وجدت نفسها في وضع يشبه ما بين المطرقة والسندان، فلا الرافضون للحرب تفهّموا موقف الأممالمتحدة ولا المساندون لها كفّوا عن نقد المنتظم الأممي. وبخصوص مصداقية الأممالمتحدة شدّد عنان بل كشف النقاب عن أن هذا السؤال ما فتئ يُلقى عليه في كل بلد عربي يزوره سواء من الصحافة أو من الحكام، قائلا إن هذه الرؤية تكاد تكون حقيقة، مبيّنا كيف ان قرارات العراق، بخصوص مسألة المكيالين والوزنين، تتخذ وفق الفصل السابع والقرارات تجاه اسرائيل تكون وفق الفصل السادس الذي يدعو للتفاوض عند التنفيذ وليس لاستعمال القوة كما الشأن في الفصل السابع. عنان الذي أعلن بعد أسئلة «الشروق» أنه سيأتي الى تونس مشاركا في القمة العربية رفض أي منطق للتغيير من الخارج مثلما يوحي به المشروع الأمريكي للشرق الأوسط الكبير. وأكد عنان مرة أخرى التزام الأمانة العامة بالدفاع عن الضعفاء والمقهورين، رافضا هذا الخلط المقصود والذي بدأ يتنامى داخل الأممالمتحدة بفعل ما تروّجه اسرائيل هنا، من أن أي نقد لسياستها هو معاداة للسامية. وبخصوص الازدواجية في التعامل مع مسألة التسلّح في المنطقة. وكيف أن اسرائيل تبقى الوحيدة بلا مساءلة، قال عنان إن القرار 687 الذي استصدر ضدّ العراق في التسعينات، تضمن فقرة واضحة فيه، وهو أن اخلاء العراق من أسلحة الدمار الشامل إنما هو مقدّمة لاخلاء كل المنطقة منه قائلا: أتمنى أن يقع تناول القرار مرّة أخرى، رغم أن اسرائيل لم توقّع ولم تعترف بحيازتها الخيار النووي. من جهة أخرى كشف عنان النقاب عن أنه على اتصال دائم بالأطراف العراقية بعد عودة الابراهيمي من هناك موفدا خاصا له، وأنه على إثر اتفاق سوف ترسل الأممالمتحدة فريقا الى هناك، يشارك في «العملية الانتقالية».