أصدرت صباح أمس الدائرة الجنائية الحادية عشرة بمحكمة الاستئناف بتونس قرارا اعتبر سابقة تدخل ضمن فقه القضاء التونسي، عندما استجابت لطلب المتهم بمحاكمته دون حضور محاميه. الامر الذي أثار جدلا قانونيا لدى أهل القضاء. القضية تورط فيها خمسة شبان من أجل السرقة الموصوفة باستعمال التسور والخلع والمشاركة في ذلك. وتفيد وقائعها أن المتهمين اتفقوا على السطو على منزل كائن بجهة السيجومي بعدما تأكدوا من غياب أصحابه، وقد ترأس أحدهم المجموعة وهو من قام بتوزيع الأدوار وتكليف كل منهم بدور معيّن كما أفادت ملفات الأبحاث التي ودر فيها أيضا أن المتهم الرئيسي هو الذي اقترح على أصدقائه تنفيذ عملية السرقة. وبالفعل فلقد تم تنفيذ المخطط اذ تسوّر ثلاثة الحائط الخارجي للمنزل ثم تعمدوا خلع الباب الرئيسي والولوج الى الداخل حيث تمكنوا من الاستيلاء على كمية من الأدباش والمال، فيما ظل المتهمان الأخران يحرسان المكان من الخارج. وبعد اتمام عملية السرقة اقتسموا ما غنموه الا ان أعوان الامن الذين تمكنوا بعد جملة من الابحاث والتحقيقات من القاء القبض على كافة عناصر المجموعة وبجلبهم الى مركز الشرطة والتحرير عليهم اعترفوابما نسب اليهم كما اعترف كل فرد بدوره في القضية، فتمت احالتهم على أنظار أحد قضاة التحقيق بالمحكمة الابتدائية بتونس حيث تمسك جلهم بما صرّح به أمام باحث البداية فيما تراجع أحدهم ليتمسك بخلو ذهنه من وقائع القضية وبأنه بريء ولا علاقة له بباقي أفراد هذه المجموعة كما أفاد بأنه تم ادراج اسمه ضمن لائحة المتهمين خطأ. اثر ذلك أصدرت النيابة العمومية بطاقة ايداع بالسجن ضد كل منهم بعد ان وجهت لهم تهم السرقة الموصوفة باستعمال التسوّر والخلع والمشاركة في ذلك، وهو ما ساندته دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف بتونس التي أبدت قرار ختم البحث ولائحة الاتهام ثم قررت احالة كل المتهمين على الحالة التي هم عليها على أنظار احدى الدوائر الجنائية المختصة لمقاضاتهم من اجل ما نسب اليهم. وبمثولهم أمام هيئة المحكمة تمسك المتهمون بما كانوا أدلوا به لدى قلم التحقيق فيما تمسك أحدهم ببراءته، وساندهم في ذلك لسان الدفاع الذي طلب من هيئة المحكمة القضاء بأخف العقوبات الممكنة قانونا والقضاء بعدم سماع الدعوى في شأن المتهم الذي أنكر تورطه ضمن باقي المجموعة فيما تمسك ممثل النيابة العمومية بالمحاكمة طبقا لفصول الاحالة ولائحة التهم لتقرر المحكمة اثر ذلك حجز القضية للمفاوضة والتصريح بالحكم ثم تحكم بالادانة والقضاء ضد المتهمين الثلاثة الاوائل بالسجن لمدة أربع سنوات وبعامين سجنا ضد المتهمين الآخرين. المتهمون طعنوا في هذا الحكم بالاستئناف ليمثلوا صباح امس امام هيئة الدائرة الجنائية الحادية عشرة للمرة الرابعة، اذ حضر محامو كافة المتهمين باستثناء محامي أحد المتهمين الذي تغيّب رغم علمه، وسألت المحكمة عن رأي النيابة العمومية الذي طلب ممثلها بتسخير محام للمتهم المعني فيما فوّض باقي المحامين أمرهم للمحكمة، الا ان المتهم تمسك بالمحاكمة بصرف النظر عن حضور محاميه من عدمه. مجلة الاجراءات الجزائية تنص على ان إنابة المحامي وجوبية أمام المحكمة الجنائية، لذلك وقعت المحكمة في معضلة، مما دفعها لرفع الجلسة للمفاوضة الحينية لترى اثر ذلك ان المتهم تنازل عن حقه في إنابة محام، وكان على علم بموعد الجلسة وان المتهم تمسّك بالمحاكمة دون التوقف على حضور محاميه لذلك قررت مواصلة النظر في القضية دون التوقف على ضرورة انابة المحامي واستجابت بذلك لطلب المتهم. قرار المحكمة هذا أثار نقاشا قانونيا واعتبرت فقه قضاء. ثم واصلت استنطاق المتهمين وسماع مرافعات الدفاع فيما دافع المتهم المعني عن نفسه.