كثيرا من الآباء والأمهات يحلمون باعداد ابنائهم اعدادا مثاليا ليصبحوا في المستقبل رجالا ونساء مبدعين، الا ان الكثير من أولياء الامور اختلطت عليهم المفاهيم وراحوا يفرضون على ابنائهم نظريات لا تتفق وميولهم وقدراتهم الذاتية، ويجتهدون في اعداد ابنائهم ليكونوا نسخة من الاب او الأم دون ترك مساحات من الحرية لهم للاختيار الشخصي. ويحاول الاباء جعل ابنائهم متفوقين في مجالات معينة ربما كانت هي الامال السابقة لهم والتي فشلوا في تحقيقها وهم يرون الان انه جاء الدور على الابناء ليحققوها لهم، ربما هي مجال عمل الاباء والامهات ويريدون ان يسلك الابناء نفس مسلكهم، والمهم ان جميعها تصب في مجرى واحد يتمحور حول دفن حرية الابناء من اجل تحقيق حلم الوالدين. وصحيح أن مسؤولية رعاية الطفل والاهتمام به تقع على عاتق الوالدين لكن تظل هناك حقوق يجب ان تعطى للطفل ابرزها حقه في الاختيار والمشاركة والتعبير بمجرد ظهور شخصيته والسؤال الذي يطرح نفسه هو هل بالفعل فرض الوالدين قراراتهم على الابناء يجعلهم فارغين من المعاني الطيبة والاساليب والمهارات والقدرات المبدعة؟ «استشاريو الطب النفسي» يقولون ان بعض الآباء والامهات يحاولون اجبار ابنائهم على خوض مجالات معينة في الحياة او تنفيذ رغباتهم الذاتية وذلك بدافع غريزي ورغبة منهم في ان يصبح ابنهم شخصا ايجابيا في هذه الحياة وينال اعجاب كل من حوله. فالمعروف ان الابناء امتداد للاباء في كل شيء وعندما يجبر الاب ابنه بهذه الطريقة نجد ان العقل الباطن للاب ورغباته الدفينة يشدانه لاجبار ابنه على تحقيق حلم لم يتمكن هو من تحقيقه في حياته وبناء على ذلك يتولى الابن هذه المهمة ويحقق حلم والده. وهذه الطريقة بحد ذاتها غير مجدية لتفوق الابناء وتميزهم خاصة اذا كانت غير متفقة مع طموحات ومواهب الابناء فيحدث تصادم بين مطالب الوالدين ورغبات الابن يرافقه العناد والتمرد وفي النهاية ينهزم الطفل في هذا الصدام ويصبح شخصا سلبيا لا يفكر الا في مخالفة الاوامر او تنفيذها عنوة. ويقول الاستشاريون انه في بعض الاحيان يرى الابن في الاب قدوة حسنة له وعلى الاب او الام استغلال ذلك في توجيه الطفل، وفي دراسة حديثة تناولت شريحة كبيرة من أولياء الامور والابناء، تبين ان سياسة فرض اختصاص علمي ومهني على الابناء لم تعد منتشرة في المجتمع العربي الا في بعض العائلات التي توارثت مهنة الطب والسياسة حيث مازال الاباء يحثون ابناءهم لخوض غمار المهن التي يزاولها هؤلاء الاباء. الابناء من جانبهم قالوا ان مسألة فرض الرأي عليهم. وتقييد حريات اختياراتهم لم تعد موجودة في ظل الانفتاح العصري الذي يشهده العالم. لكن بين رأي الاباء ورأي الابناء تبقى الحقيقة الواقعة في ان غالبية اولياء الامور يؤهلون ابناءهم منذ الصغر ليكونوا صورة مكررة عنهم.