القوات الامريكية تستعد لاستعمال سلاح صوتي في العراق... والى حد علمي فإن العرب هم الذين اخترعوا القنابل الصوتية... خطب وشعارات وبيانات وندوات والمشكلة هي ان الانظمة جربت هذا السلاح الخطير على شعوبها ولا غرابة اذن ان تكون طبلات آذاننا مخرومة ويتحوّل الكلام عند العرب الى «حوار طرشان». لاحظوا كيف تتحول الحوارات الى مبارزة شديدة في الصراخ... من صوته اعلى على حق ومن صوته خافت لا يسمع ومن يسكت تدوسه الحوافر. عندها يعوزنا الكلام نستنجد بالسب... لغتنا تتكون من حروف هجاء أليس كذلك!.. واذا اعوزنا التعبير باللسان استنجدنا بالأيادي والسواعد اللكمة بدل الكلمة... التعيير بدل التعبير... انه اسلوب الهمج واسلوب المثقفين معا... انها مشكلتنا مع لغتنا ومع انفسنا ومع ثقافة الاستبداد بالرأي واعتبار الحوار الليّن تنازلا يساوي التنازل عن الكرامة والشرف... متى السياسة لا تسلم من الاذى... صحافة طرية رخوة مداحة شطاحة اذا كانت «العلاقات التاريخية جيدة ولوامة شتامة اذا ما جد اختلاف بسيط بين دولتين شقيقتين... بقدرة قادر تنطلق الحملة وبقدرة قادر تتوقف فيخسر الجميع من امام ومن خلف: صدق النوايا في السياسة وهشاشة العلاقات ومصداقية الاعلام في الجهتين. حضارة الكلام.. انها حضارة الكلام الذي يعوض الفعل... اذا قلنا يذهب في ظننا اننا فعلنا... ثم نعود لنقول كلاما على كلام... بيت شعر يلوث العرض وبيت شعر «يحرر الارض» جملة طائشة تقتل سكان مدينة في قبيلة سيتي... حرف جرّ يجرّ اخوة الى الحرب ويكسر اسس التآخي... الكلمة ملغمة اما الفعل فهو ناقص او اجوف... او معلول... اعداء العرب يعرفون هذا ويعرفون ان سلاح «القنابل الصوتية» ليس له مفعول الدمار الشامل ولا يحتاج الى تشييد المخابئ او الى صواريخ «باتريوت».. تكفي قطنتان في الأذنين الى حين مرور الغارة الكلامية... ثم يعود الصمت المريب..