استفادت بعض حركات التحرر وضحايا الاضطهاد في العالم من الاختصاص العالمي للقضاء في بعض البلدان على غرار بلجيكا. وكلنا يتذكر كيف ارتعدت فرائص «الجزار» بمجرد تقديم ضحايا فلسطينيين شكاوى ضدّ شارون، ووصلت المسألة إلى حد وقوع أزمة سياسية بين «بروكسال» و»تل أبيب»، والمهم ان المبادرة البلجيكية بتطوير اختصاص قضائها على ذلك النحو صفقت لها شعوب العالم إلى الحين الذي بدأت معه المراجعات تحت ضغط اليمين. والحقيقة ان هذه المراجعات لم تقف عند هذا الحدّ إذ تقول آخر الأخبار ان بلجيكا قامت الثلاثاء المنقضي باجلاء المهاجرين غير المرغوب فيهم عن أراضيها بواسطة طائرة عسكرية وستعتمد هذا الحلّ «العسكري» في كل عمليات الترحيل القادمة. أما السبب في اتخاذ هذه المبادرة أو بالأحرى «النادرة» فهو كثرة صراخ المبعدين عند ترحيلهم في طائرات مدنية. وهذه محاولة للجم احتجاجاتهم في طائرات «الهيركول» و»الجمبو» المعدة لنقل الجند حتى تكون صرخاتهم مجرد عواء في «السماء السابعة» و»لا من شاف ولا من درى». انهم سيعادون إلى الجنوب الفقير الذي استنزفت خيراته عقود طويلة من الاستعمار وعقود أطول من النهب.. سيعادون إلى الجنوب المعتل بالصراعات العرقية و»السيدا» وحمى المستنقعات ووصفة صندوق النقد الدولي لتنمية أوطان الجياع. قد تتلاشى أصوات المبعدين في أزيز الطائرات.. وقد لا تعير السلط اهتماما لمظاهرات جماعة «Sans papiers» في أوروبا.. ولكن مع ذلك ستظل شفاه الناس في الجنوب تردّد تميمة ال»دين الاستعماري» الذي لا يموت بالتقادم ما لم تكن علاقة الشمال بالجنوب أكثر عدلا.