رغم أن موعد الدورة القادمة لايام قرطاج السينمائية مازالت تفصلنا عنه أشهر عدة، أثيرت منذ أيام ولا تزال قضية من سيتولى ادارة هذه الدورة خصوصا وانها ستوافق في موعدها، حدثا سياسيا هاما، هو الانتخابات الرئاسية والتشريعية... وترددت في الغرض أسماء مثل المنتج طارق بن عمار، والمنتج أحمد بهاء الدين عطية... وتراوحت الأخبار المنشورة في الصحف الوطنية بين التأكيد والتكذيب ولكن دون تصريح رسمي يحسم المسألة... «الشروق» التقت المنتج والموزع السينمائي أحمد بهاء الدين عطية بوصفه واحد من الأسماء التي وردت في القائمة التي قد تدير الدورة القادمة لأيام قرطاج السينمائية... وقادنا الحديث في الاثناء الى مسائل أخرى خلفت بدورها نقاط استفهام كثيرة، مثل حصول مخرج سينمائي مؤخرا على دعم من وزارة الثقافة والشباب والترفيه دون عرض مشروعه على لجنة الدعم على الانتاج السينمائي، وتهرب الموزعين من عرض الافلام التونسية في القاعات التجارية... * كثر الحديث في الأيام الأخيرة عن الادارة التي ستتولى تسيير الدورة القادمة لايام قرطاج السينمائية، وكان اسمكم ضمن الأسماء المطروحة والتي تم تكذيبها او نفيها لاحقا في بعض الصحف... ما هو مدى ضجة هذه الأخبار ولماذا كل هذه الضجة؟ أنت تعلم ان موعد الدورة القادمة لايام قرطاج السينمائية يوافق هذه السنة حدثا سياسيا كبيرا وهو الانتخابات الرئاسية والتشريعي، اضافة الى ان المهرجان سيحتفل هذه السنة بالذكرى العشرين لتأسيسه... ومن هذا المنطلق ستكون الدورة استثنائية، وبالتالي تجلب اليها كل الاهتمامات... أما عن ورود اسمي في الهيئة التي ستتولى ادارة المهرجان، وهو ما ورد في بعض الصحف، فهذا في رأيي غير مهم لانني كما تعلم أترأس عشرات الجمعيات التونسية والعربية والاروبية ولا أظن ان تعييني في ادارة المهرجان سيضيف لي شيئا كبيرا... المهم في نظري هو تكاتف السلطة والمهنيين من أجل انجاح الدورة... فأنا منذ عودتي من الخارج في بداية السبعينات كان همي الوحيد المساهمة في انجاح ايام قرطاج السينمائية سواء من خلال عملي في اللجنة، او عندما ترأست ادارة المهرجان... * من ضمن الاسماء التي وردت في القائمة هناك ايضا اسم طارق بن عمار، ما هو سرّ هذا الربط بين اسمك واسم طارق بن عمار؟ ليس هناك أي سرّ... طارق بن عمار صديقي وزميلي وهو حريص بدوره على مساعدة المهرجان... ففي آخر لقاء جمعني به عبّر عن استعداده الكامل لمساندة المهرجان ودعمه سواء بالافلام او باستدعاء عدد من النجوم والمشاهير... أما عن موضوع رئاسته للمهرجان فلا أظن ان طارق بن عمار صاحب أكبر شركة في القطاع السمعي البصري في العالم، وشريك مردوخ والوليد بن طلال وبرلسكوني في العديد من المشاريع في حاجة الى رئاسة أيام قرطاج السينمائية؟! * هل نفهم من كلامك ان كل ما نشر في الصحف حول ادارتكم للمهرجان لا أساس له من الصحة؟ مثلما ذكرت أنا شخصيا لا تهمني ادارة المهرجان بقدر ما يهمني نجاح الدورة... * تردد منذ أيام ان مخرجا تونسيا حصل على دعم من وزارة الثقافة، دون ان يعرض مشروع فيلمه على لجنة الدعم، هل هذا صحيح، وما هو مدى شرعية هذا القرار؟ ليس لدي أي علم بهذا القرار، وحتى ان حدث فهي حالة استثنائية ولا أشنها ستؤثر في مسار السينما التونسية... وعموما اتمنى كل النجاح لهذا المخرج في عمله الجديد. * أنت منتج بالأساس ولكنك غيرت نشاطك في السنوات الأخيرة في اتجاه التوزيع واصبحت تقتني الافلام الامريكية والمصرية وتروجها في القاعات، هل ان انتاج الافلام لم يعد مربحا؟ هي ليست قضية ربح او خسارة وأنا الى حدّ الآن لم أنقطع عن الانتاج والدليل اقدامي على انتاج سلسلة صور متحركة عن قرطاج وعن حنبعل... أما بخصوص التوزيع فأنا كما تعلم احب المغامرة... فالسوق التونسية كادت تضمحل، ومن جانبي كمهني في السينما أردت ان أفهم اسباب هذا الاضمحلال بالممارسة... واكتشفت ان هناك مشاكل كثيرة في شبكة التوزيع التونسية... وبعد الدراسة والتحليل قررت مع مجموعة الموزعين والمستغلين الذين اعمل معهم القيام ببعض الاصلاحات القصيرة والطويلة المدى... فعلى مستوى المدى القصير قررت استقدام الافلام وعرضها في نفس الوقت مع مصر واروبا. كما قررنا استقدام الافلام الجيدة التي ظل الجمهور محروما منها، مثل «شيكاغو» و»ليلى الصغيرة» وتبقى سياسة دعم القاعات التي اقترحناها على وزارة الثقافة ووافقت عليها من أهم الاصلاحات من أجل توفير الظروف الملائمة للجمهور عند مشاهدة الافلام... وعلى المدى الطويل والمتوسط فكرنا في اقامة مركبات سينمائية في الاحياء السكنية والتجارية الجديدة على طريقة ما هو موجود في الغرب، لان العاصمة والمدن حيث توجد القاعات الآن، لم تعد تستهو الجمهور... وفي ظل ثلاث سنوات سيتم انشاء مركبين يضم كل منهما 06 أو 07 قاعات في منطقتي حين النصر وبرج الطويل. * قلت أنك انخرطت في التوزيع من أجل اصلاح هذا القطاع، ولكنكم مقابل الحرص على توزيع الافلام الاجنبية الحديثة والجيدة، اهملتم السينما التونسية الى درجة انكم بتّم ترفضون عرضها. أنت تعلم ان السوق التونسية ضيقة جدا، وليس فيها الا عدد قليل من القاعات التي تسمح بتوزيع وعرض كل الافلام، بما فيها التونسية... ومع ذلك أظن أن مشكل توزيع السينما التونسية هو في الاستراتيجيا... فالمنتج التونسي اليوم الذي هو في نفس الوقت المخرج لا يجيد فن التسويق، فهو يستهلك انتاجه في التظاهرات الاجنبية والمهرجانات المحلية غير المختصة مثل مهرجان قرطاج الصيفي وبعدها يطرح عمله في القاعات التجارية بحيث يبدو للمشاهد وكأنه انتاج قديم ومستهلك، هذا اضافة الى ان المواضيع التي يطرحها المخرجون في السنوات الأخيرة تفتقر الى الجرأة والاثارة... المخرج التونسي فقد الكثير من الجرأة وحرية الابداع، ليس بسبب السلطة، وانما طمعا في الدعم الذي تمنحه السلطة... فبقدر ما هو متوفر من حرية في الابداع والتعبير هناك عودة الى الوراء من لدن المخرجين... وكل ذلك كما ذكرت طمعا في الدعم... * هناك بادرة واضحة من السلطة لانشاء قنوات تلفزية خاصة، هل تعتقد ان هذه القنوات ستأتي بالاضافة؟ البادرة في حد ذاتها جيدة، ولكن السؤال هو ما ستقدمه هذه القنوات؟ المشاهد التونسي صعب، فهو واع وذكي... ولكي تستطيع هذه القنوات شدّه يجب ان تكون برامجها متميزة وتعكس واقعه مثل السينما بالضبط... هذا اضافة الى ان انشاء قناة تلفزية يتطلب ملايين الدنانير، وليس مئات الدنانير كما هو الشأن بالنسبة للاذاعات... فالبرامج التلفزية اليوم مكلفة جدا، وخصوصا الجيدة والمتميزة... وأتمنى أن تكون لاصحاب التلفزات الجديدة ملايين الدنانير لشد المشاهد.