مرة اخرى يعود الجدل الدائر حول الاسلام والارهاب وتاثيره على الغرب ليطفو على سطح الاحداث ويثير مجددا الكثير من نقاط الاستفهام العالقة بشان تداعيات الصراع بين الاديان والحضارات حاضرا ومستقبلا على العلاقات بين الامم والشعوب و بين الشرق والغرب ويدعو للتساؤل اكثر من أي وقت مضى حول حقيقة النوايا والاهداف والدعوات المفتوحة في مختلف عواصم العالم الاسلامي والمسيحي وغيرهما لدعم الحوار بين الحضارات والشعوب فقد جاءت التحذيرات التي اطلقها المساعد الخاص للبابا بالامس لتعيد فتح احد اكثر الملفات حساسية واثارة لاستفزاز مشاعر اكثر من مليار مسلم في العالم وتعيد الى الذاكرة بعضا من مشاهد دموية كثيرة سببتها تصريحات اطلقها البابا بينيدكت السادس العام الماضي وكان لها اسوا الاثر في نفوس ملايين المسلمين الذين اعتبروها اعتداء واهانة واستخفافا بدينهم. لم تتوقف تحذيرات المساعد الخاص للبابا جورج جينوسوين هذه المرة عند حدود التذكير بمخاطر القيم الاسلامية في المجتمعات الغربية ذات الجذور المسيحية والتي باتت تشكل تهديدا على هوية القارة الاوروبية على حد تعبيره ولكن تصريحاته امتدت الى اكثر من ذلك حيث عمد الى الدفاع عن موقف البابا العام الماضي الذي اقتبسه من كلام لامبراطور بيزنطي من العصور الوسطى حول توخي العنف والقوة في نشر الاسلام وهو الامرالذي اثار انذاك موجة غضب و ردود افعال عنيفة في مختلف الدول العربية والاسلامية ليستشهد مساعد البابا في نهاية المطاف بوجود متطرفين يعتمدون القران لتبرير استعمالهم للسلاح،،، والحقيقة انه عندما تصدر مثل هذه التصريحات عن ممثل للبابا زعيم المسيحيين في العالم فلا يمكن ان يكون الامر مجرد صدفة او زلة لسان اوخطا عفوي . وبعيدا عن الوقوع في البحث عن الاسباب والدوافع التي دفعت مساعد البابا الى مثل هذه التصريحات في مثل هذا التوقيت وذلك بالرغم من مختلف الازمات السابقة التي اثارتها تصريحات للبابا فان الاكيد ان الامر لا يمكن الا ان يجسد الرسالة الخطا في الوقت الخطا وان يفتح المجال لكل التاويلات والقراءات ويزيد في تفاقم الشكوك والمخاوف القائمة بين الشعوب ويوفر الارضية المطلوبة لتغذية التطرف بكل اشكاله. وفي كل الاحوال فان مثل هذه التصريحات لا يمكن الا ان تعكس جهلا واضحا بالاسلام وخلطا فظيعا في فهم القيم الاسلامية بل ومحاولة واضحة لتشويه الاسلام وتحميل المسلمين المسؤولية ازاء تفاقم ظاهرة التطرف والارهاب في العالم... صحيح ان في اعتماد بعض التنظيمات الاصولية المتطرفة العنف لتحقيق اهدافها او للقيام باعمال انتقامية كرد فعل على مايحدث من انتهاكات علنية لابسط حقوق الانسان في اكثر من بلد عربي واسلامي في العالم دوره في دعم مثل هذا الموقف و في تشويه الاسلام والحاق الاذى بالمسلمين و لكن الحقيقة ايضا ان مثل تلك المجموعات لايمكن ان تحظى باي نوع من انواع التاييد والقبول لدى طرف عاقل وهي تبقى مرفوضة ومنبوذة في اغلب المجتمعات العربية و الاسلامية التي ترفض «ثقافة» قطع رؤوس الرهائن و التنكيل بجثث القتلى وتنفيذ احكام الاعدام في حق المدنيين الابرياء باسم الشريعة الاسلامية اكثر الشرائع دفاعا عن حق الانسان في الوجود وعن قدسية الحياة وكرامة البشر وهذا ليس سوى جزءا من الحقيقة المغيبة في تصريحات مساعد البابا. اما الجزء الثاني من الحقيقة التي اختار مساعد البابا ان يتجاوزها تماما كما تجاوزها البابا من قبل هي ان التطرف ليس خاصية مرتبطة بالاسلام والمسلمين دون غيرهم من شعوب الارض ولو كان الامر مرتبطا بمقارنة حول الاديان والحضارات الاكثر دموية لامكن رصد مايكفي من الاحداث والحروب العرقية الدموية التي شهدتها اوروبا في العصر الحديث ناهيك عن العصور الوسطى وسجلات الحروب الصليبية الموثقة... اما عن خطر المهاجرين المسلمين على قيم الغرب ومبادئه فهي ليست سوى مبالغة اخرى لم يدرك مساعد البابا انعكاساتها السلبية وعدم نجاح عدد من هؤلاء في الاندماج في المجتمعات الغربية وحرصهم على التمسك بجذورهم و اصولهم الثقافية والحضارية والدينية فذلك ليس الا اثراء للمشهد الاوروبي و ليس تهديدا له طالما ظل في حدود القانون.