في الإسقاط الثقافي...! أحيانا تصلنا دعوات لمواكبة تظاهرات ثقافية مرفقة بالبرنامج الذي كثيرا ما يثير فينا الأسئلة والاستغراب. فبعض المثقفين في القرى الصغيرة في الشمال والجنوب يعودون الى قراهم بعد تكوين جامعي مشرّف وانفتاح على الفلسفة والأدب وقراءات نهمة لدريدا وفوكو وتشومسكي والجابري والعروي.. فتدفعهم هذه الكتابات والقراءات التحديثية والتفكيكية للعقل العربي التي شغفوا بها في الدراسة الجامعية الى تأسيس ملقتيات أدبية وفكرية مسقطة على المحيط والبيئة فتكون ملتقيات فاشلة لأنها خارج سياقها. وإذا كنّا نحيي ونحترم كل هؤلاء الذين يحاولون بإمكانيات بسيطة غالبا في تنشيط الحياة الثقافية في القرى والمدن الصغيرة فإنه لا بدّ من الانتباه الى أن الدراسة الجامعية شيء والتنشيط الثقافي شيء آخر. أكتب هذا بعد أن لاحظت وجود ملتقيات مسقطة على واقعها الاجتماعي فهل يعقل أن ننظم ندوة عن ما بعد الحداثة أو التفكيكية ووجود سارتر في قرية ثقافتها الوحيدة الفن الشعبي والغناء البدوي والشعر أن عظمة هذه الفنون لا تخفى على أحد ولكن بإمكان هؤلاء أن ينظموا ملتقيات في محاور تتماشى مع طبيعة البيئة التي يعيشون فيها من أجل النجاعة الثقافية وحفظا للجهد والمال.