الشاعر الراحل رضا الجلالي كان أحد أبرز الأصوات الشعرية في تونس خلال فترة منتصف الثمانينيات حيث عبّر من خلال قصائده المنشورة في الصحف والدوريات التونسية والعربية والتي كان يقرأ بعضها في الفضاءات الشعرية والملتقيات، عن هذا الشّجن الانساني والوجداني حيث تلتقي الذات الشاعرة بعناصر هذا الكون وتفاصيله في ضروب من الحوار والتفاعل... رضا الجلالي لم يترك مدونة بحجمه بل ان الهيئات المعنية بالأدب مطالبة بجمع أعماله ونشرها وقد سبق أن صدر للشاعر كتاب شعري عن دار دمدون للنشر بعنوان «خطايا لم يرتكبها أحد وذلك قبيل وفاته. نقول هذا على سبيل حفظ الذاكرة الشعرية التونسية وقد بدأت في مسقط رأس الشاعر الراحل الجلالي بوادر هذه المهمة ونعني بذلك المجهود الذي تبذله اللجنة المحلية للثقافة بالراب من سيدي بوزيد بدعم من المندوبية الجهوية للثقافة والمحافظة على التراث بسيدي بوزيد حيث بعث منذ سنوات الملتقى الشعري الذي يحمل اسم الشاعر ولعلّ النصوص والدراسات التي قدمت خلال مختلف الدورات قد تشكّل مادة مهمة اضافة الى نصوص الشاعر والدراسات التونسية والعربية التي كتبت ونشرت عن تجربته فالشاعر يستحق كتابات مهمّا عنه بالنظر لتجربته المميزة في سياق القصيدة التونسية الحديثة. في هذا الاطار اختتمت بمدينة الراب منذ أيّام قليلة فعاليات ملتقى رضا الجلالي للشعر التونسي الحديث في دورته التاسعة وذلك عن محور شعرنا الحديث أزمة نص أم أزمة تلقّ؟ وقد اشتغلت الندوة العلمية وفق ورقة عمل على مستقبل الشعر في ظلّ ما يسمّى أزمة التلقّي وموقع الشعر التونسي الحديث وبوادر المصالحة بين الشعر والجمهور. خلال يومين كانت هناك مداخلات نقدية وقراءات شعرية حيث واكب الجمهور في الراب هذه الدّورة بحضور عائلة الفقيد الشاعر رضا الجلالي. القراءات الشعرية شارك فيها الشعراء يوسف رزة والمنصف الوهايبي والمنصف المزغني وعبد الجبار العش وسميرة الشمتوري ومبروك عبد المولى ومحمد الملوح باللطيف. كما قُدّم عرض مسرحي بعنوان دات لجمعية فسيفساء للمسرح هذا وقد انتظم معرض عن تجربة الشاعر الجلالي اضافة الى وثائق وصور عن الدورات السابقة للملتقى. المداخلات النقدية شارك فيها محمد صالح بن عمر الذي قدم مقاربة نموذجا عن تجربة المنصف المزغني وحسني العوري الذي قدم مداخلة عن الشعر الحديث: أزمة شعر أم أزمة مكتوب... الشاعر المنصف الوهايبي قدّم مداخلة في أفق التوقع في تلقّي الشعر التونسي، وممّا جاء فيها «الكثير من الناس يتصوّر أنّ المشكلة قائمة في النص... النصوص على اختلافها تتفاوت في مستوى البناء والمعنى واللغة، والفهم ليس ضروريا في نظر البعض حيث يولون الشعر جمالية خاصة فهو حسبهم مسألة جمالية تتجاوز مسألة الفهم لذلك ترى صورا يمكن ان تحيل على السّريالية.. نصوص فتحي النصري أقرب إلى مفهوم القصيدة الموضوعية فهناك مسافة بين الشاعر وخطابه لكأنّ صوت الشاعر صوت ثان خصوصا في رؤيا الغراب والصّرصرة: يتوفران على خيبة أفق الانتظار لدى القرّاء ربّما لأنّ النصوص تخاتلهم ولا تطربهم لأهمية اشتغالاتها.. أمّا نصوص الغزي فهي معتدلة وهادئة وصافية اللغة باستثناء قصائدئه العمودية التي فيها تمسّك بالماضي في تلاعب بالأشياء..؟ الشاعر فتحي النصري كانت مداخلته بعنوان «الشعر الحديث بين منطق الابداع وشروط التلقي» واهتمّ فيها بالتحوّل في فهم اللغة الشعرية الذي يسمح لنا بأن نفهم التحولات التي طرأت على تجربة الشاعر عبد الوهاب البياتي ورأى أنّ مفهوم الشعر والشعرية غير من مفهوم التلقي حيث أصبح الغموض مفهوما جماليا بل لعلّ المتلقي أُقصي بنزوع الشعر الحديث الى التجريب كما يقول أدونيس فالشعر الحديث تجاوزي ولا يمكن ربط القيمة الشعرية بمدي الانتشار الجماهيري بل بمدى القدرة علي زلزلة السائد والتجاوز الى معان جديدة. هذا وقد شفعت المداخلات بنقاش كما اقترح البعض نشر المداخلات والنصوص في كتاب وهو ما تعمل عليه اللجنة الثقافية بادارة