أدى السيد خوان مونداز المقرر الخاص التابع للأمم المتحدة لمناهضة التعذيب زيارة إلى تونس أمس وقد أعرب عن استعداد المنظمة الأممية للوقوف إلى جانب تونس من خلال دعم التعاون في مجال تبادل الخبرات والتجارب في مجال القضاء والسجون والإصلاح. وتجدر الإشارة إلى أن الحكومة الإنتقالية صادقت منذ يوم 19 فيفري 2011 على البروتكول الملحق بالإتفاقية الأممية لمناهضة التعذيب، كما تمّ منذ أيام إجراء حركة نقل لمديري السجون شملت 11 سجنا ونقلة أربعة مديري سجون إلى الإدارة العامة للسجون والإصلاح. وقد تكون هذه النقلة أُجريت على خلفية الأحداث التي جدّت ببعض السجون نتج عنها فرار مئات المساجين مع إلحاق أضرار مادية فادحة بالمباني من جراء الحرق والتخريب، أضف إلى ذلك تبعات هروبهم سواء على السجين نفسه أو المواطن التونسي والوضع الاجتماعي بصفة عامة. وقد توجهت وزارة العدل بمنشور إلى كافة مديري الوحدات السجنية لإحترام الحرمة الجسدية للمساجين إلى جانب تكوين لجنة للنظر في التعديلات الضرورية على القوانين الجزائية قصد ملاءمتها مع التزامات تونس الدولية. والإشكاليات المطروحة هل أن إجراء حركة نقل شملت المستوى الإداري فحسب كافية لإصلاح ما جرى أو ضامنا للحدّ من التجاوزات ومن فرار المساجين وضمان حقهم في قضاء العقوبة وسط ظروف آمنة وإنسانية في ظل ما تشهده السجون التونسية من اكتظاظ وإنخرام في البنية الأساسية، وهل يكفي تكوين لجنة للنظر في التعديلات الضرورية على القوانين الجزائية؟ وهل من الضروري وفي هذه الظروف الراهنة البحث في حلول عاجلة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه دون انتظار قيام دولة وحكم جديد؟ وهل أن الإصلاح السجني ملف مطروح على طاولة حكومة تصريف الأعمال؟ التنديد بالظروف السجنية لم تنتظر المؤسسات الحقوقية والجمعيات المختصة في الدفاع عن حقوق السجين بصفة خاصة وحقوق الإنسان بصفة عامة. هذا الطرح لتدخل في مواجهات مع السلط المعنية حتى في ظل النظام البائد بتعدد البيانات والاحتجاجات المنددة بالظروف اللاإنسانية في السجون شملت التنديد بالتعذيب والاكتظاظ وغيرها من المسائل. كما تعددت الندوات والملتقيات آخرها الندوة الوطنية التي نظّمها كلّ من المعهد العربي لحقوق الإنسان والمنظمة الدولية للإصلاح الجنائي حول "احتياجات وأولويات إصلاح نظام العدالة الجنائية في تونس" تطرّقت في إحدى محاورها إلى "الإصلاح السجني في تونس:واقعه، أولوياته وآليات تنفيذه" فقد أكد عبد الباسط بن حسين رئيس المعهد العربي لحقوق الإنسان أن "إصلاح السجون في تونس يجب أن يكون منظومة متكاملة تعتمد على الآليات الدولية لحقوق الإنسان والعدالة الجنائية والإصلاحات السجنية وذلك بمراجعة البنية التحتية للسجون وتوفير الرعاية الصحية والنفسية للمساجين وظروف الزيارة والإتصال بالأهل وإعادة النظر في النظام العقابي وعدم استسهال اللجوء المبالغ فيه للعقوبات السجنية في كل القضايا" تفعيل المراقبة كما شدّد رئيس المعهد العربي لحقوق الإنسان على "أنّه بات من الضروري كذلك تفعيل الرقابة على معاملة المساجين من خلال قاضي تنفيذ العقوبات والسماح إلى المنظمات غير الحكومية بزيارة السجون" وأضاف "يجب على أية سياسة إصلاحية أن تهتم بتفعيل قرار سلطة وزارة العدل على السجون إضافة إلى بلورة وتنفيذ برنامج لتدريب وتأهيل كل العاملات والعاملين في هذا القطاع حول قضايا مهنية وحقوقية باعتبار أن تحسين ظروف حياتهم وعملهم ستساعد على تحسين علاقتهم مع المساجين" "نعوّل على تدخل المجتمع المدني" من جهته قال نورالدين الشعباني مدير عام السجون والإصلاح بوزارة الداخلية أنه "لا يمكن للإدارة ولا السلط المعنية والمشرفة أن تتكبد عناء الإصلاحات وحدها فالمسؤولية مشتركة بين الجميع أي المشرفين على السجون من جهة والإدارة من جهة أخرى وأهالي المساجين ومكونات المجتمع المدني من جهة ثالثة، فالدعوة مفتوحة إلى كل المنظمات والجمعيات غير الحكومية للنهوض بالأوضاع السجنية بتنظيم مثلا قافلات صحية توجه إلى السجون، أو تنظيم احتفالات وزيارات في الأعياد والمناسبات بمشاركة الأهالي" وأضاف الشعباني أن "مهمة إصلاح البنية التحتية للسجون يتطلب القليل من الوقت والكثير من العمل بتضافر جهود الجميع وذلك يتطلب إمكانيات كبيرة"