بإمكان الادارة الامريكية اليوم ان تحصي عدد الذين يحبّونها... ولكن من الصعب عليها ان تحصر عدد الذين يكنّون لها كل الكره والعداوة... غربا وشرقا. عندما اعلنوا «الحرب على الارهاب» كان هدفهم بن لادن و»القاعدة»... ارهاب بن لادن كان موسميا... والان صار هناك ألف بن لادن... صارت الخلايا تولد في البيوت المكيفة وتطرح غلالها في كل فصل وفي كل مكان... كان «الارهاب» محصورا في منطقة بعينها... واليوم صار متوزعا في أكثر الأماكن هدوءا وأمنا... اليوم يمكن للادارة الامريكية ان تفخر بأنها نجحت في عولمة العنف وكل يوم يمر تدعم بسياستها التي أعمتها الغطرسة صف الغاضبين... كلما طلع بوش وإخوانه وتكلموا غذّوا الحقد ودفعوا الاشد اعتدالا الى نهج المتشددين... كلما تفاخر جنرالاته بقوتهم النارية كلما زادت شعبية بن لادن... كلما جاء ذكر الهمجية والاجرام الاسرائيلي المدعوم أمريكيا تفاقم الشعور بالظلم ومعه النقمة والحقد... إدارة الرئيس بوش حولت وجهة نارها من أفغانستان الى قلب الامة... الى العراق... حتى العرب الذين ساندوها عام 91 وجدوا أنفسهم في التسلل... النار صارت في بيوتهم وصارت بعض العواصم تنام وتصحو على التفجير والعنف والتقتيل... كم مرّ من الزمن على إعلان بوش انتهاء الحرب على العراق!! وها هو اليوم في ورطة اما ان يحترق جنوده او ان تحترق تذكرة عبوره الى ولاية ثانية... الحلفاء بدؤوا ينسحبون وفي الجبهة المقابلة يتعاظم صف المتربصين به... صار المواطن الامريكي لا يأمن على نفسه في كل بقاع الدنيا... مع ان الشعب الامريكي لا ذنب له ولقد بينت الايام انه كان ضحية خطة اعلامية قبل ان يكون ضحية النزعة العسكرية... الاكاذيب صُممت باتقان لكنها ذابت ككرة الثلج تحت وهج شمس العراق... وكلما تفاقم الوضع كلما اقتربت الانتخابات وكلما اقتربت الانتخابات كلما صار من الصعب جدا الاعتراف بالاخطاء الفادحة... والهروب الى الامام معناه اصلاح الخطإ بخطإ آخر... مثل الحديث عن حق اسرائيل في الاغتيال وقبر الحق الفلسطيني... من من القادة العرب عدا من تعرفون يمكن له ان يفاخر أمام شعبه بصداقته وتقديره لما تفعله امريكا... جلهم مقتنعون بخطر التطرف وعملوا ما في وسعهم لمواجهته ولكن الادارة الامريكية خلطت الاوراق والمفاهيم فجعلت هؤلاء حذرين جدا حتى لا تحسب عليهم النظرة الكليانية للادارة الامريكية... من يقاوم الاحتلال ليس ارهابيا... هكذا يرون ولكن هذا صار في خانة اللا منطوق لان بوش قال «من ليس معنا أي تحتنا فهو ضدّنا»... ولا أحد يرغب في ان يكون في طريق ثور هائج... جل العرب لا يصوتون في بلدانهم ولو منحوا فرصة التصويت مرة واحدة في حياتهم لقالوا نريد التصويت في الانتخابات الامريكية القادمة... رغم علمهم بأنه لا فرق بين بوش الجمهوري وبوش الديمقراطي وبوش اللّيكودي...