أشرف الرئيس زين العابدين بن علي صباح أمس على موكب الاحتفال باليوم الوطني للجمعيات حضرته السيدة ليلى بن علي حرم رئيس الجمهورية التي تعنى بالنشاط الجمعياتي والانساني وترأس جمعية النهوض بتشغيل المعاقين. وألقى رئيس الدولة بهذه المناسبة كلمة في ما يلي نصها : لقد دأبنا على احياء اليوم الوطني للجمعيات تكريما للعاملين في المجال الجمعياتي ببلادنا وتقديرا لنشاطهم ولما تحلوا به من روح التطوع والمبادرة خدمة للصالح العام وترسيخا لدعائم التضامن في مجتمعنا. وأرحب بهذه المناسبة بالسيد ادواردو دي سانتيس وزملائه من أعضاء منظمة «قولد مركوري الدولية» معربا له عن خالص شكري للكلمة اللطيفة التي توجه بها نحو تونس وقيادتها ومقدرا مبادرة هذه المنظمة بإسنادها الي «جائزة السلم والتعاون والتضامن» لسنة التي تندرج ضمن جهودها النبيلة في تنمية التبادل الاقتصادي والتجاري والثقافي بين الامم دعما للوئام والحوار والاستقرار في العالم. كما أشكر الاستاذ محمد نجيب بوطالب على محاضرته القيمة حول «العمل الجمعياتي ومجتمع المعرفة» وعلى تحليله الضافي لهذا الموضوع الذي يحظى بعنايتنا نظرا الى أهمية العمل الجمعياتي في كسب السباق الذي تعيشه البشرية في الميادين الثقافية والمعرفية والعلمية والتكنولوجية. وقد بوأنا المجتمع المدني مكانة متميزة في مشروعنا الاصلاحي وجعلنا منه دعامة أساسية لبناء الديمقراطية وترسيخ مبادئها في التشريع والممارسة ذلك ان التنمية الشاملة في نظرنا تظل قاصرة عن بلوغ أهدافها ما لم تتكامل مختلف الجهود الوطنية في نشر ثقافة التطوع والمشاركة والاضافة وترسيخ روح التكاتف والتعاون والتضامن للانخراط بوعي واقتدار في مسار الحداثة والتقدم والازدهار. ان هذا التوجه الذي رسمناه لبلادنا أتاح المجال لإقامة مجتمع مدني واع ومتماسك حقق فيه النسيج الجمعياتي نموا مطردا على المستوى الكمي والنوعي حتى اتسعت مجالات تدخله في عديد الميادين وتطورت برامجه وآلياته واكتسب نشاطه الحيوية والاشعاع. ويشهد العالم اليوم ثورة عارمة في قطاع المعلومات والمعرفة وانتاج الذكاء واكبتها تحولات عميقة في منظومة القيم والعلاقات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية بما كشف عن فرص جديدة للاستنباط والابداع وامتلاك أسباب الرقي والمناعة. وادراكا منا لقيمة هذه التحولات تعهدنا قطاعات التربية والتكوين والتعليم والبحث بالاصلاح والتطوير حتى يتمكن شعبنا من السيطرة على أدق شبكات الاعلام والاتصال وينفذ الى أحدث تقنيات الثقافة الرقمية وينخرط في فضاء التجارة الالكترونية وتطوير الخدمات عن بعد لاسيما ونحن نسعى في نطاق سياستنا القطاعية الشاملة الى تعميم استعمال الحاسوب والانترنات وتثبيت مجتمع المعرفة على أوسع نطاق وعلى النحو الذي يخدم أهدافنا التنموية ومصالحنا الوطنية. وقد اتخذنا في هذا المجال من المبادرات والتشجيعات ما يحفز العاملين في مختلف القطاعات وكذلك الشباب المدرسي والجامعي في المعاهد والكليات وفي دور الشباب والثقافة الى ابراز معرفتهم النظرية والتطبيقية بالوسائل المعلوماتية والتقنيات الرقمية والتمرس بها وحسن استعمالها والاستفادة من خدماتها. وفي هذا الاطار أحدثنا مراكز للعمل عن بعد في عدد من الجهات فتحت أمامها آفاقا جديدة للتشغيل. وان للجمعيات ولاسيما المعنية منها بالتشغيل دورا مهما في انجاح هذه المبادرة الهادفة الى تيسير الاندماج المهني لعدد من طالبي الشغل في الاشكال الجديدة للعمل. ان مبادرتنا سنة 1998 بالدعوة الى عقد قمة عالمية لمجتمع المعلومات ستحتضن تونس مرحلتها الثانية في السنة المقبلة تندرج ضمن حرصنا على تعزيز أواصر التضامن ومجالات التعاون بين الأمم لإرساء مقومات نمو عالمي عادل ومتكافئ يحد من الفجوات القائمة ويقلص من الاخلالات السائدة. وكنا دعونا في افتتاح المرحلة الاولى لهذه القمة في شهر ديسمبر الماضي بجينيف الى أن تتحمل كل الأطراف مسؤولياتها التاريخية في تجسيم هذا الرهان وإتاحة الفرص أمام جميع الشعوب لاستيعاب الثورة الرقمية والمعرفية والاستفادة منها بالقدر الذي يساعدها على خلق الثروة وتحسين نوعية الحياة. واذ نعرب اليوم عن ارتياحنا لمشاركة المجتمع المدني التونسي في المرحلة الاولى لهذه القمة وبدوره في اثراء الحوار حول القضايا المطروحة عليها فإني أدعوه الى توسيع مشاركته المقبلة وتوثيق مجالات التعاون والتنسيق مع شتى مكونات المجتمع المدني الدولي وعلى المستوى الاقليمي منه خاصة حتى يثبت ما بلغه التونسيون من وعي بتحولات عصرهم المتسارعة وما توفر لهم من قدرة على مواكبة التكنولوجيات الحديثة وعلى الاسهام النشيط في اشاعة تنمية متكافئة ومتضامنة في مختلف أنحاء العالم. ان بناء مجتمع المعرفة والمعلومات والاتصال يشكل بالنسبة الينا رهانا جوهريا يتعين علينا كسبه ونحن نأمل أن يثابر نسيجنا الجمعياتي وسائر مكونات المجتمع المدني على دعم ما تحقق لبلادنا في هذا المجال من انجازات ومكاسب بفضل ما عهدناه لدى الجميع من روح المبادرة والاجتهاد والابتكار والحرص على تثبيت مجتمع المعرفة والتضامن والرفاه خدمة لشعبنا واعلاء لشأن بلادنا». وتميز هذا الموكب بتسلم الرئيس زين العابدين بن علي «جائزة السلم والتعاون والتضامن» لسنة 2004 التي أسندتها له منظمة «قولد مركوري الدولية» وتولى تسليم هذه الجائزة لسيادة الرئيس السيد ادواردو دي سانتيس رئيس اللجنة التنفيذية لهذه المنظمة. وقد أعرب بالمناسبة عن الشرف الذي نال اللجنة التنفيذية للمنظمة بتسليمها هذه الجائزة الى شخصية قال انها «من رجال الدولة والمفكرين والمصلحين الذين عرفهم العالم بصفة عامة والعالم العربي على وجه الخصوص». وأشاد بالاصلاحات والانجازات التي حققتها تونس بقيادة الرئيس زين العابدين بن علي والتي أتاحت لها نقلة نوعية في جميع المجالات بما جعل منها نموذجا يحتذى بالنسبة لعديد البلدان. وذكر بمبادرات رئيس الدولة الهادفة الى اقرار السلم والامن وترسيخ قيم التضامن والتسامح في العالم. كما القى السيد محمد بوطالب محاضرة حول «العمل الجمعياتي ومجتمع المعرفة» أبرز فيها مقاربة الرئيس زين العابدين بن علي القائمة على التوافق والتكامل بين مجتمع المعلومات وبين المجتمع المدني عامة والعمل الجمعياتي مستعرضا مختلف الآليات والاجراءات التي تم اتخاذها لدعم النسيج الجمعياتي والاصلاحات الهيكلية العميقة التي تجسد مراهنة تونس على مجتمع المعرفة. وأضاف ان ايمان تونس القوي بكون الفجوة الرقمية بين الدول تعد فجوة تنموية بالأساس جعلها تسهم بفعالية في صياغة القرارات الأممية في هذا المجال. وحضر هذا الموكب النائب الأول لرئيس التجمع الدستوري الديمقراطي والوزير الاول ورئيس مجلس النواب وأعضاء الديوان السياسي للتجمع ومفتي الجمهورية وأعضاء الحكومة. كما دعي لحضوره الأمناء العامون للأحزاب السياسية ورؤساء المنظمات الوطنية والهيئات القائمة والمجالس الاستشارية وممثلو النسيج الجمعياتي وعدد من رجالات الفكر والثقافة والاعلام.