الهجمة الامريكية على العالم العربي والاسلامي كانت في التحاليل تتأرجح بين الدّين والنفطلين... فجأة وبعد نشر صور العار استعاد المحللون والساسة عبارة كانت غائبة في زحمة الحوادث المحمومة: الاخلاق، وحدها صور الفضيحة أثارت هذا الجدل... وكأن الاخلاق ديست الآن فحسب... آسف يا سادة... هل كان حصار العراق وموت مليون طفل عملا أخلاقيا؟ هل كانت كذبة «أسلحة الدمار الشامل» عملا أخلاقيا؟... هل كان «تشليك» الأممالمتحدة عملا أخلاقيا؟... هل كان إعدام الشرعية الدولية عملا أخلاقيا؟... هل كان تدمير العراق وإعادته الى العصر الحجري عملا أخلاقيا؟ هل كان حرق المدنيين وتمزيق أجسادهم ونهب المتاحف عملا أخلاقيا؟ هل كانت المداهمات والاغتيالات عملا أخلاقيا؟... هل كان وضع رؤوس العراقيين في أكياس فضلات ودوس رقابهم بالنعال عملا أخلاقيا... هل للمرتزقة أخلاق؟... متى كان الاحتلال عملا أخلاقيا؟... من مصلحة الامريكان أن تختزل «الاخلاق» في «كشف عورة»... بينما الصور الاخرى... كل الصور... تعرّي مدى لا أخلاقية كل ما يحدث هناك... مواقع سيادة تتحول الى مراحيض للمارينز... بيوت تهدم على أصحابها تحت عنوان العقاب الجماعي... مدارس معطلة... مستشفيات خالية من الدواء والاطباء... مواطنون يدفنون موتاهم تحت القصف في حديقة المنزل... لا ماء... لا كهرباء... تحت العراق بحر من نفط والعراقيون في الطوابير أمام محطات البنزين... العراقي يعيش تحت عتبة البؤس ونزل بغداد تسكنها الجوارح القادمة مع الدبابات لتنهش لحم العراق... ومازالت الحرب القذرة تغطيها تصريحات أكثر قذارة... تلك التي تسمّى المقاومة إرهابا والاحتلال تحريرا وتطارد وسائل الاعلام... ألم يقل بريمر تعليقا على صور العار «أن ما كان يحدث في زمن النظام السابق أشد فظاعة»... والمقارنة تعني أنه على العراقيين أن يبوسوا اليد الكريمة التي تسلخ كرامتهم وشرفهم... ثم لماذا التبرير مادام «المجرم» يعاقب بالتوبيخ... ناطق آخر باسم قوات الاحتلال قال انه منزعج وحزين وأنه تقرر إبعاد الجنرالة المسؤولة عن سجن «أبو غريب» وبشرنا بأن الوضع سيتحسن لانه تقرر تعيين جنرال جيد له تجربة... لأنه كان مشرفا على سجن «قوانتنامو»... يا سلام... ألم أقل لكم احذروا اختزال الاخلاق في «العُري»...