الحشاني يُشرف على اجتماع لجنة القيادة الاستراتيجية بالشراكة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي    تحذير: عواصف شمسية قوية قد تضرب الأرض قريبا    كرة اليد: الاصابة تحرم النادي الإفريقي من خدمات ركائز الفريق في مواجهة مكارم المهدية    صفاقس اليوم بيع تذاكر لقاء كأس تونس بين ساقية الداير والبنزرتي    سواحل قربة: فقدان 23 تونسيا شاركوا في عملية إبحار خلسة    رئيس البعثة الصحية : هذه جملة من النصائح للحجيج    عاجل/ الإطاحة بشابّين يروّجان تذاكر مزيفة لمباراة الترجي والاهلي    «لارتيستو» الممثلة سعيدة الحامي ل«الشروق» التلفزة التونسية تتجنّب تنويع اللهجات !    تقديم وتوقيع رواية «البوبراك» للأديبة خديجة التومي    بسبب الربط العشوائي واستنزاف المائدة المائية .. قفصة تتصدّر خارطة العطش    الليلة الترجي الأهلي في رادس...الانتصار أو الانتصار    مدير عام الغابات: إستراتيجيتنا متكاملة للتّوقي من الحرائق    بنزرت .. إجراءات لمزيد تعزيز الحركة التجارية للميناء    قانون الفنان والمهن الفنية ...مشروع على ورق... هل يغيّر وضعية الفنان؟    بلاغ مروري بمناسبة مقابلة الترجي والأهلي    خبير في التربية : ''تدريس الأولياء لأبنائهم خطأ ''    وزارة الصناعة : ضرورة النهوض بالتكنولوجيات المبتكرة لتنويع المزيج الطاقي    المنستير: إحداث أوّل شركة أهليّة محليّة لتنمية الصناعات التقليدية بالجهة في الساحلين    بنزرت: جلسة عمل حول الاستعدادات للامتحانات الوطنية بأوتيك    صفاقس: المناظرة التجريبية لفائدة تلاميذ السنوات السادسة    بنزرت .. مع اقتراب موسم الحصاد ...الفلاّحون يطالبون بفك عزلة المسالك الفلاحية!    سليانة .. انطلاق موسم جني حب الملوك    كأس تونس: النجم الساحلي يفقد خدمات 4 لاعبين في مواجهة الأهلي الصفاقسي    تضم منظمات وجمعيات: نحو تأسيس 'جبهة للدفاع عن الديمقراطية' في تونس    ''غرفة المخابز: '' المخابز مهددة بالإفلاس و صارت عاجزة عن الإيفاء بإلتزاماتها    نهائي دوري ابطال إفريقيا: التشكيلة المتوقعة للترجي والنادي الاهلي    هذه القنوات التي ستبث مباراة الترجي الرياضي التونسي و الأهلي المصري    ليبيا: إختفاء نائب بالبرلمان.. والسلطات تحقّق    عاجل/ القسّام: أجهزنا على 15 جنديا تحصّنوا في منزل برفح    والدان يرميان أبنائهما في الشارع!!    طقس اليوم: أمطار و الحرارة تصل إلى 41 درجة    ضمّت 7 تونسيين: قائمة ال101 الأكثر تأثيرا في السينما العربية في 2023    إنقاذ طفل من والدته بعد ان كانت تعتزم تخديره لاستخراج أعضاءه وبيعها!!    قانون الشيك دون رصيد: رئيس الدولة يتّخذ قرارا هاما    جرجيس: العثور على سلاح "كلاشنيكوف" وذخيرة بغابة زياتين    ألمانيا: إجلاء المئات في الجنوب الغربي بسبب الفيضانات (فيديو)    5 أعشاب تعمل على تنشيط الدورة الدموية وتجنّب تجلّط الدم    تفكيك شبكة لترويج الأقراص المخدرة وحجز 900 قرص مخدر    مدرب الاهلي المصري: الترجي تطور كثيرا وننتظر مباراة مثيرة في ظل تقارب مستوى الفريقين    منوبة: إصدار بطاقتي إيداع في حق صاحب مجزرة ومساعده من أجل مخالفة التراتيب الصحية    قابس: تراجع عدد الأضاحي خلال هذه السنة مقارنة بالسنة الفارطة (المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية)    الكاف: انطلاق فعاليات الدورة 34 لمهرجان ميو السنوي    كاس تونس لكرة القدم - نتائج الدفعة الاولى لمباريات الدور ثمن النهائي    وزير الصحة يؤكد على ضرورة تشجيع اللجوء الى الادوية الجنيسة لتمكين المرضى من النفاذ الى الادوية المبتكرة    نحو 20 بالمائة من المصابين بمرض ارتفاع ضغط الدم يمكنهم العلاج دون الحاجة الى أدوية    تضمّنت 7 تونسيين: قائمة ال101 الأكثر تأثيرًا في صناعة السينما العربية    القدرة الشرائية للمواكن محور لقاء وزير الداخلية برئيس منظمة الدفاع عن المستهلك    معلم تاريخي يتحول إلى وكر للمنحرفين ما القصة ؟    غدا..دخول المتاحف سيكون مجانا..    اليوم.. حفل زياد غرسة بالمسرح البلدي    خطبة الجمعة...الميراث في الإسلام    البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية يدعم انتاج الطاقة الشمسية في تونس    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    ملف الأسبوع...المثقفون في الإسلام.. عفوا يا حضرة المثقف... !    التحدي القاتل.. رقاقة بطاطا حارة تقتل مراهقاً أميركياً    منها الشيا والبطيخ.. 5 بذور للتغلب على حرارة الطقس والوزن الزائد    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حديث الأحد : نور الدين حشاد ل»الشروق»: صور «أبو غريب» عرّت الاحتلال من «سايكس بيكو» إلى الأمريكان
نشر في الشروق يوم 18 - 06 - 2005


حوار : فاطمة بن عبد الله الكراي
تونس الشروق
كان لا بد أن ألتقي حشاد الإبن وأنا أرمق وأقرأ وأتابع تطورات وتداعيات صور العار والجريمة التي فجرت حقيقة الاستعمار ومعنى الاحتلال...
وكان لا بد أن أعرف وقع تلك الحلقة الدامية من سلسلة الاستعمار والعنف المنظم من لدن الاحتلال على ابن المناضل الشهيد فرحات حشاد... فكان لي ذلك من خلال هذا اللقاء.
وكان ضروريا أن أستمع الى رأي نور الدين حشاد بصفته الرسمية لأطلع القراء من خلال أجوبته عن أسئلتي كيف يفكر صناع القرار في البيت العربي المشترك....
كان لي ذلك من خلال هذه المقابلة التي جاءت قبل أيام من موعد القمة العربية التي يحتضنها بلدنا المشترك. وبعد أيام قليلة من تعافي السيد نور الدين حشاد نائب الأمين العام للجامعة العربية من مرض أصابه في شكل توعك صحي جدي، سببه له الإرهاق والتعب خلال المدة الأخيرة حيث تجاسر الرجل على الإرهاق بمزيد العمل فما لبث أن قابله ضوء أحمر، أخفته الإله وجعل ابن المناضل فرحات حشاد يتعافى ويتماثل للشفاء...
كان لا بد لي أيضا أن أعرف وجهة نظر المواطن العربي الساكن في هذا الرجل، الذي لم يتوان في استذكار صور التعذيب والاعتداء والقتل في تونس كما الجزائر على أيدي الاستعمار. لما كان يتابع ويشاهد المقاومة العراقية تؤسس مع شقيقتها المقاومة الفلسطينية لمرحلة عربية جديدة ولمشهد عربي جديد يرى نائب الأمين العام لجامعة العرب أن المشهد والمرحلة الجديدين سوف يريان النور بفعل مزاوجة الإصرار على المقاومة مع اتباع مسار اصلاح يجعل من الإنسان العربي إنسانا مخيفا لأعدائه، يفكر المستعمرون ألف مرة قبل أن يقدموا على احتلاله وامتهان كرامته...
وكان عليّ أيضا أن أستمع الى رجل التاريخ، لنقف جميعا سائلا ومسؤولا وقارئا على منهجية الباحث في التاريخ وصاحب شهادتي الدكتوراه في التاريخ والاقتصاد، وكيف يرى الاستعمار اليوم والأمس وكيف يقيّم ويحدّد مطامح الاحتلال بين الأمس في تونس والجزائر واليوم في العراق وفلسطين...
كانت أسئلة متأكدة تلك التي طرحتها أمس على السيد نور الدين حشاد فكانت أسئلة تارة نابعة من واقع عربي مرير مليء بأسئلة الحيرة ومظاهر الغبن وطورا تجدها أسئلة نابعة من نجاحات ميدانية هناك، وانتصار عربي للكرامة هنا...
السيد نور الدين حشاد الذي يرى في أن قوة العلاقات الثنائية بين الدول العربية تكمن في قدرتها من عدمها، على حلّ القضايا الجماعية، يتميز بعلاقاته الهادئة والصاخبة في الآن نفسه...
فما زال يسكنه ذاك الطفل الذي انتظر والده المناضل والمجازف بحياته من أجل الفكرة ومن أجل الحرية والوطن، ولم يأت أبدا، فتشعر في مراحل عديدة من اللقاء أنه يتحدث بمنطق ذاك الشريط المصور المحفور في الذاكرة والذي يوثق الجريمة الاستعمارية ولا يتغاضى عنها... تحدث عن الإرادة ليقول إنها وحدها إرادة الحياة وإرادة الشعب في الحرية، قادرة على هزم الاستعمار...
كما يرى أن جهل المستعمر (اسم فاعل) بنا، هو الذي سيجعل الأمريكان يغادرون العراق ككل محتل غاصب واسرائيل تهرب من فلسطين كما دخلتها أول مرة...
السؤال الأول كان حول القمة والتحضيرات الوزارية لها :
* القمة العربية على الأبواب، أسبوع يفصلنا عن موعدها هنا في تونس هل لك يا سيادة نائب الأمين العام أن ترتب لنا الملفات الكبرى حسب الأهمية والأولويات. وأقصد هنا ملفي فلسطين والعراق اللذين عرفا تحركا هائلا في الفترة الأخيرة التي تلت الموعد الأول للقمة الشهر قبل الفارط؟
أولا بالنسبة للتراتيب هي قمة الملفات بل وأولوية الملفات. فقد كانت هذه المواضيع دوما على قضية فلسطين والصراع العربي الإسرائيلي أساسا قمة أكتوبر 1996 و2000 قمتان استثنائيتان حول فلسطين خاصة في هذه الظروف الحالكة التي يعيشها الشعب الفلسطيني الذي لم يصل منذ النكبة الى مثل هذه الأوضاع، أوضاع الاحتلال والاعتداء السافر واليومي على كرامته والذي لو حصل جزء منه في أي رقعة من العالم، لتدخل الحلف الأطلسي أو الأمم المتحدة في الحدث ولجند كل المجتمع الدولي من أجل الحل، والحقيقة لا تنقص ولا تغيب العناوين التي تمكن من دراسة قضية فلسطين... ففي فلسطين سياسة عقاب جماعي واغتيالات وتدمير البيوت وتشريد الشعب. انها أعمال لكنها ضد الإنسانية يأتيها الاحتلال الاسرائيلي ويبقى الملف الفلسطيني والعربي بالمعايير المطلوبة دوليا ملفا قويا وصحيحا وأخذ في الاجتماع الوزاري خطوة مهمة من حيث متابعته لتقديمه على الساحة الدولية كما أن العرب سوف يؤكدون مرة أخرى وقوفهم حكومات وشعوبا الى جانب الحق الفلسطيني.
* معالي نائب الأمين العام، هل يعي النظام الرسمي العربي مخاطر «يهودية» دولة إسرائيل التي تسعى تل أبيب إلى تبنيها في ظل واقع عربي ضعيف ومناخ دولي وأممي موات لها، هل تعون هذه المخاطر؟
الوعي قائم، وبتشاور مع الدول العربية استقبل الأمين العام منذ أسبوعين وفدا مهما من عرب الداخل (48) وممثلين لهم بما فيهم أربعة نواب عرب بالكنيست، وكان لقاء ثريا تمحور حول أجندة عمل للجامعة العربية لتقديم المساعدة لعرب الداخل اقتصاديا وثقافيا وتربويا كفلسطينيين أصليين في تلك الرقعة فرضهم التاريخ وارادتهم على الجغرافيا للوجود والحياة أحبت اسرائيل ذلك أم كرهت، فإذا كانت لإسرائيل مشكلة الآن، فهي ترجع الى خيارات قادتها عبر العقود بداية من النكبة التي تعود إلى 56 سنة من اليوم (أمس). ونحن على وعي تام من أن اسرائيل مبنية على سياسة الأمر الواقع والصراع المتواصل والتغطية على مشاكلها واخفاقاتها بخلق المشاكل والأطروحات الجانبية.
* العراق : هذ ملف آخر يضاف الى الملفات العربية الاستراتيجية المطروحة فهل تعلم القارىء العربي بالموقف الرسمي والموقف المطلوب والموقف الذاتي؟
هذا هو الملف الثاني بالفعل وقد أتى المجلس الوزارى التحضيري للقمة على كل بنوده. ومجلس القمة سوف ينظر فيه، يتم هذا في ظرف يتميز على المستوى السياسي بأنه يعبر بالمرحلة الأخيرة لقيام الأمم المتحدة بالتحضير للحكومة العراقية التي ستتسلم السلطة بداية في غرة جويلية وتعمل الأمم المتحدة بالتنسيق مع أطراف دولية عديدة وفي مقدمتها الجامعة العربية عبر الاتصالات بين الأمينين العامين حتى تؤمن نقل السلطة.
وعلى مستوى الأرض فإن اشتداد المقاومة العراقية للاحتلال وتجمع الشعب العراقي بأكمله على وجوب انهاء الاحتلال في أقرب وقت ممكن.
وفي هذا الصدد وبعد سنة من احتلال العراق على وقع اعلانات رنانة حول الورود والديمقراطية وحقوق الأنسان، فجر الاحتلال واقعه الذي اكتوى به عالمنا العربي منذ «سايكس بيكو» أي طوال عشرات السنين، التي عرفها فكانت تلك الصور والأفلام التي تثبت اعتداءات قوات الاحتلال على المعتقلين والمعتقلات في العراق... فهي صور جاهلية لبلاد تدعي الحضارة ولكن نظامها وأسسه هي التي تولد أبناء لهم بهذا المستوى من الوحشية. لهذا نقول :إن كانت هذه هي الديمقراطية الموعود بها الشرق الأوسط الكبير والصالح العربي «فأشهد أني منها بريء واني بها من الكافرين» (هذه كلمة الزعيم حشاد سنة 47 عنون بها مقالا سياسيا) ويمكن أن أقول أن القرار المتفق عليه متوازن.
* هل هناك اعتراف بالمقاومة؟
نعم
* أسألك كابن المناضل حشاد الذي اغتيل على يد الاستعمار كيف نظرت الى «صور العار» والتعذيب التي مارسها الاحتلال الأمريكي في حق أبناء العراق؟
أولا هذه الصور لأول مرة في التاريخ دخلت بيوت الناس... في كامل العالم وهذه أول مرة يتم اعطاء صورة حقيقية عن الاستعمار.
اذن كابن حشاد قلت لعائلتي ماذا لو كانت التلفزة حاضرة في الخمسينات والستينات، هل كان
الجديد أن هذه الصور في ذهني عن الخمسينات الآن الفرق أني رأيتها بعيني... لو كانت التلفزة حاضرة في عهد الاستعمار الفرنسي لما تمكن الاستعمار من ربح بعض السنوات ليواصل تضليل الناس فقد كان الاستعماريون يكتبون ويجملون وجه الاستعمار.
فقد كان هناك أحرار في فرنسا كانوا يحاولوا كشف ممارسات الاحتلال الفرنسي بالجزائر وتونس، ما اكتشفناه من كل تلك الصور كان بعد 40 سنة حين كتب الجنرال «أوساراس» الفرنسي عندما كتب عن فظاعات مصورة في الجزائر وقد حوكم بعد 40 سنة.
ولكن هذه الصور أثرت فيّ كابن حشاد، ولكنها تزيدني قناعة واصرارا أن ارادة المقاومة وارادة الوجود وارادة الحياة وارادة الحرية، مهما تكاثرت أدوات القمع والاغتيال ستبقى أقوى من كل الآليات العسكرية وكل سبل التفنن في تعذيب الناس. عندي قناعة أن ما يصل اليه الأمريكي والاسرائيلي كجيش احتلال مهما وصلوا من قوة في الامكانيات عندما يتعدون خط التعذيب ويصلون خط اللاإنسانية فهذا اعتراف أيضا بعجزهم تجاه ارادة المقاومة هذا يعني أنهم لم يتوصلوا إلى كسر إرادة المقاومة.
لم يفهموا شيئا نحن نواجههم بمعركة كرامة... خذ حياتي وبيتي ولكن كرامتي ممنوعة عليك أيها المستعمر. واضح لدينا من تجربتنا مع الاستعمار بما فيه الاحتلال الأمريكي والبريطاني وأؤكد أنه ليس تحالفا، لأني تعلمت أن التحالف للخير كلمة تحالف في العراق خاطىء؟ بل هو محور تعذيب ومحور قتل ومحور احتلال هذا المسلط على شعب العراق يجب أن تحذف هذه المفاهيم من قواميسنا العربية إنهم سيخرجون من العراق ان عاجلا أو آجلا.
* بريمر قال إن أمريكا لن تبقى في بلد لا يقبلها وأن الحكومة القادمة اذا طلبت منهم الرحيل فسيرحلون كيف ترى هذا التصريح؟
واضح أنه توزيع أدوار. القضية وضعها بين أيدي الحكومة القادمة، توزيع أدوار مع بعض أعضاء.
لكني أقرأ كلامه على أساس أنه تحميل مسؤولية تاريخية لهذه الحكومة هل ستكون في مستوى التحدي هل تكون في الموعد. نحن ننظر والشعب العراقي أيضا لهذه الحكومة القادمة من منظار تحملها لهذه المسؤولية وأخذ الموقف المطلوب والذي يتحدث عنه «السيد» بريمر نفسه أي طلب قوات الاحتلال بمغادرة العراق، اذن هو وضع محكا للحكومة القادمة بنفسه.
وأعرف مسبقا أن ذلك الأمر لن يكون هم يخلقون الحاجة لكي تبقى القوات العراقية... ونعرف أساليبهم..
نحن نحيلهم إلى الواقع العراقي منذ قيام الاحتلال...
لي ولنا ثقة بلا حدود في الشعب العراقي في قدرته على القفز الى مرحلة البناء، بناء العراق الجديد على أسس الوحدة والمناعة والمصالحة مع نفسه ومع جيرانه ومع العالم وأخذ مكانه الذي يستحق وأخذ مقعده التاريخي في قلب الأمة العربية وفي جامعة الدول العربية.
أما بصفتي مسؤولا فإني أرى مواصلة العمل من أجل أن لا تبقى فقط تلك الصور صورا عابرة، تحفظ في ذاكرة الحاسوب وأن لا تتحرك الدول العربية مع أطياف المجتمع الأمريكي والشعب الأمريكي الحر وأوروبا لنقود حملة عالمية للرفض لقرن جديد ندخله بهذه الصور، لأننا نريد عالما جديدا حقيقيا، لا مكان فيه للتعدي على الإنسان واهانته مثلما رأينا في صور التعذيب تلك.
لهذا يتوجب اليقظة المستمرة بداية من محاكمة المعتدين وأولهم القيادات التي أعطت الأوامر. لأن تجربتنا عبر التاريخ والتعامل مع الاستعمار أن هذه لا تأتي إلا بالتعليمات في اطار سياسة مبرمجة وهي من أسس كل سياسة احتلال واستعمار وبالمناسبة هنا كمواطن عربي أحيي الأحرار في أمريكا من اعلاميين وسياسيين ومواطنين ونواب الشعب الأمريكي لأنهم يتركون اليوم لنا الأمل، بأن لا نيأس من الشعب الأمريكي مثلما كان آباؤنا في الماضي الذين لم ييأسوا من الشعب الفرنسي في تلك الفترات الحالكة في أيام الاستعمار البغيض. ونرى فرنسا اليوم عندما تخلصت من سياسة الاستعمار وقهر الشعوب كيف تصالحت ورجعت الى جذور ثورتها المباركة ثورة 1789 انني من المؤمنين بأن في أعماق الشعب الأمريكي هذا الشعب الذي وقف بنقابييه ومنظماته الى جانب قضايا التحرر في تونس وفي شمال افريقيا في الخمسينات والستينات ما زال يزخر بقوى بامكانه الافتخار بها ونشترك معه في صنع عالم مستقبلي أكثر عدلا.
والاختبار ماثل أمامنا اليوم وغدا، وهو موقف الولايات المتحدة، وفي مقدمتها الادارة الأمريكية من القضية الفلسطينية ومن الصراع العربي الإسرائيلي...
واذا كانت أمريكا تريد أن تكون حقيقة القوة الكبرى الدافعة للخير والمعترف بها من طرف الجميع وليست المفروضة والمتغطرسة فعليها أن تفرض الحل اليوم والآن حل الشرعية في فلسطين.
* ألا تعتقد أن ما يحدث في العراق وفي فلسطين هو حلقة في سلسلة اسمها الاستعمار؟
الاستعمار له نفس المنطق الاستعمار هو احتلال اقتصادي أولا وبالذات من أجل الثروة أو من أجل الموقع الاستراتيجي وهذا منطق الاستعمار عبر التاريخ كلمة الاستعمار نفسها، فيها مفارقة هو من المفروض يعمر لكننا نراه اليوم وأمس مهدما.
كان كذلك في عهد اليونان حين يجلبون الفلاسفة والعلماء ينهضون ببلد يعمرونه، لكن هذا الاستعمار يتغطى بأطروحات وعناوين فيها الحضارة والارتقاء بالشعوب والتثقيف والحداثة والديمقراطية كما اليوم لم تعد الحيلة تنطلي علينا نحن نعرفهم وندرسهم أكثر مما يعرفوننا ولكن أقول إن الضربة القاضية لكل استعمار، حسب دراستي، تتمثل في كون عندما يدخل الاحتلال مهما بقي من عشرات السنين ومئات السنين إلى أن يخرجوا من البلد، يجهلون الشعب الواقع تحت الاحتلال ويخرجون وهم جاهلون بنا وفي حيرة من أمرهم.
وهذا ما سيحدث في العراق ويحدث كل هذه القوة التكنولوجية وخادميهم من العرب ومستعربيهم لم يعرف الأمريكيون العراقيين ولن يكون لهم ذلك.
لأن ليست لهم القدرة لمعرفة الميكانيزمات التي تحرك عقول ومهجة الإنسان العربي وستبقى المشكلة قائمة لو كانوا درسوا الشعب العراقي عندما حاصروه لمدة عشر سنوات ولماذا صمد العراقيون طوال عشر سنوات حصار قاس لما كانوا أخطأوا ودخلوا في العراق لكن نحن نعرف أن ذلك ليس من اهتماماتهم فالمهم بالنسبة للأمريكان دراسة الكلفة لهذا الاحتلال. وعندما يعرف ويعي بعد سنة أن الكلفة غالية وباهضة يحاولون أن يجدوا المخارج.
كل يوم أمام شاشاتنا مباشرة live مثلما يقولون عندهم لذلك فإن خياراتهم ستكون أصعب وأصعب وأصعب لأنه بهذا التفوق التكنولوجي وارتقاء الإنسان الى أعلى المستويات العلمية لا يمكن لهذا الإنسان أن يقبل الاحتلال.
فمثلما السويدي والفرنسي والانقليزي لا يقبل الاحتلال كإنسان يجب أن يفهموا أن المصري والتونسي والعراقي هو كذلك لا يرضى بالاحتلال.
ممارساتهم تنم عن جهل وجاهلية لذلك نحن نقاومهم.
طبعا هذا لا ينفي علينا واجبات في عهدتنا نحن العرب، في ترتيب بيتنا ومواصلة الارتقاء بالانسان العربي وركوب العصر والاستحقاقات المطلوبة ولهذا فإن قمة تونس العربية والرئاسة التونسية لمدة سنة سوف تتميز بوضع الخطوط والأسس للإصلاح والتحدي بتحديد مستقبل العالم العربي.
لأنني في نفس مستوى التفكير عن الاستعمار، التاريخ يبين أن حالة الشعب أو حالة أمة أو حالة بلد في ظرف من الظروف يصل فيه الى مستوى يكون هو جاهز فيه ليقع عليه الاستعمار يجب أن نكون جاهزين لكي لا نستعمر أبدا...
فالملفات الجاهزة في الميثاق العربي لحقوق الإنسان وتطوير المجلس الاقتصادي والاجتماعي بما فيه التركيز على العمل الاجتماعي واعتماد المجتمع المدني العربي وتعديل الميثاق بدراسة طوال سنة وبآليات محددة فنية ووزارية لادماج مجلس شورى ومجلس أمن ومحكمة عدل وآلية لاتخاذ القرار ونظام تنفيذ القرار بما فيها انكباب المجلس الاقتصادي والاجتماعي على دراسة استراتيجية التكامل الاقتصادي العربي وامكانية بعث بنك استثمار وتنمية عربي كل هذا يجعل من السنة القادمة في العمل العربي المشترك أجندة عمل وانجاز في اطار من الوعي الجماعي شعوبا وقادة بأنه حان الوقت للإنجاز ولا يمكن الانتظار أكثر مما انتظرنا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.