أرملة شابة وطفلة يتيمة هذا ما تبقى من عائلة كانت في ما مضى عائلة سعيدة تضم خمسة أفراد لكن حريقا شب في منزلها الكائن بمنطقة بئر موسى قتل الأب وابنيه وحوّل حياة الأسرة الى كابوس.فوفاة العائل الوحيد للأسرة دفع بالأم الثكلى إلى الانتقال بالسكنى بمعية ابنتها لدى عائلتها التي تضم 10 أفراد يعيشون في كوخ يفتقر إلى أبسط مقومات العيش الكريم فهو متداع للسقوط، بلا ماء ولا كهرباء بالرغم من أنه يوجد على مستوى طريق رئيسي تم تشييده منذ ما يزيد عن 15 سنة. وضعية مأساوية بأتم معنى الكلمة.. هذا ما يمكن أن نصف به وضعية هذه الأسرة التي كتب على جل أفرادها العيش في ظروف جد مزرية من فقر وخصاصة وحزن نتيجة وفاة ثلاثة من أفرادها في يوم واحد. فقد اهتزت مدينة دار شعبان الفهري (ولاية نابل) على حادثة احتراق أحد المنازل وهلاك ثلاثة أفراد من نفس العائلة (الطيب وهو رب العائلة، 35 سنة، وابنيه حسن 7 سنوات وهو الابن البكر والعربي 5 سنوات)، فيما كتب لبقية أفرادها النجاة (الزوجة آسيا 35 سنة والطفلة الصغرى نعمة 3 سنوات). أسباب غامضة تقول «آسيا» بكل حسرة ولوعة: «الحمد لله على كل حال ولا اعتراض على حكم الله» وتضيف: «لقد تعودت لدى خروجي من المنزل أن أحرص على إقفاله من الخارج خشية على الأطفال خاصة وأنهم صغار السن إلا أن يوم 26 أكتوبر الفارط قد عجّل بوفاة طفلي اختناقا بالدخان الكثيف الذي عمّ أرجاء المنزل (على وجه الكراء) بعد الحريق الذي شبّ في إحدى غرفه وأتى على جميع محتوياتها». سبب الوفاة كما أشرنا إليها سابقا أثبته تقرير الطبيب الشرعي الذي جاء فيه كذلك أن وفاة الزوج كان ناجما عن إصابته بجلطة من هول ما رأى أثناء محاولته إنقاذ إبنيه. أما أسباب اندلاع الحريق فمازالت غامضة إلى حد الآن ولم يتم التوصل إليها إلى حد كتابة هذه الأسطر حسبما صرحت به الزوجة وأفراد من عائلتها وهم في انتظار ما ستسفر عنه التحقيقات. نداء استغاثة لم تكتمل مصيبة هذه الأسرة بهلاك الأب والابنين ووقوعها تحت براثن الفقر والخصاصة بل احتاجت إلى بعض آخر من القتامة، فالكوخ البسيط الذي أنقذ الأم وصغيرتها من التشرد تم هدمه في مناسبتين متتاليتين من قبل السلط المحلية بإيعاز من أحد الأجوار المتنفذين كما جاء على لسان البعض من أفراد العائلة بتعلّة أنهم ليسوا من أصيلي المنطقة ولا يملكون شهادة حوزية لقطعة الأرض الشيء الذي نفاه مالك «الكوخ» واستظهر بما يفيد ملكيته له. لهذا تدعو محدثتنا «آسيا» عبر جريدة «الشروق» السلط المحلية والجهوية إلى الالتفات إلى مشكلتها خاصة وأنها أصبحت بلا ملجإ يقيها وابنتها من برد الشتاء وحر الصيف وهي التي أصبحت تمثل عبءا مضاعفا على عائلتها التي تشكو بدورها شتى أنواع الفقر والحرمان. كما تدعو إلى إدراجها ضمن برنامج العائلات المعوزة وتمكينها من بطاقة علاج مجاني لكي تتمكن من علاج ابنتها الوحيدة المتبقية على قيد الحياة. بالرغم من المعاناة، فإن الطفلة «نعمة» لا تفارق الابتسامة محياها الأمر يبدو محيرا في ظل هذا الحرمان والخصاصة الشديدين فهل من متدخل للحفاظ على هذه الابتسامة البريئة؟. الخميس 26 جانفي 2012 (الشروق)