بحر بنّي ...شنوا صاير في بحر حمّام الأنف؟    عملية سطو ب"سيناريو هوليودي" في ماطر: الأمن يسترجع مجوهرات بقيمة نصف مليار بعد تتبّع دقيق دام شهرين    عاجل/ هذه حقيقة تعرض البريد التونسي إلى اختراقات سيبرنية..    مجلس النواب: النظر اليوم في عدد من مقترحات القوانين المتصلة بالبيئة والكهرباء والأراضي الدولية    إصدار طابعين (02) بريديين حول موضوع "البريد الأورومتوسطي: محميات طبيعية من البحر الأبيض المتوسط"    البطولة العربية لكرة السلة للسيدات: المنتخب الوطني يبلغ النهائي    كاس العالم للاندية : مبابي لم يلحق ببعثة ريال مدريد إلى ميامي بسبب اختبار المنشطات    ليفربول يقرر العودة للتدريبات غدا الثلاثاء بعد تأجيلها بسبب وفاة لاعبه غوتا    بداية من اليوم: سجّل للحصول على نتيجة ''Contrôle'' ب 950 مليم فقط!    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    صيف و سخانة؟ رد بالك من القهوة... دماغك ما يستحملش هاو علاش    موجة حر قوية تضرب اليونان    أسد يهاجم امرأة في حديقة للحيوان بأستراليا (فيديو)    تركيا.. 761 حريقا تلتهم الغابات وتجتاح القرى في 10 أيام    ارتفاع حصيلة ضحايا فيضانات "تكساس هيل كنتري" إلى 82 قتيلاً    بسبب تصريح "يرقى إلى جريمة إهانة الرئيس".. النيابة تحقق مجددا مع زعيم المعارضة التركية    محرز الغنوشي: ''الشهيلي حاضر والحرارة فوق العادة.. ردّوا بالكم من الشمس وقت الذروة''    عاجل : معهد الرصد الجوي يطمئن التونسيين : ما فماش موجة حر    ترامب يعلن فرض 10% رسوم إضافية على الدول الداعمة لسياسات "بريكس"    ارتفاع ترتفع درجات الحرارة يوم غد الاثنين: المعهد الوطني للرصد الجوي يوضح    كأس العالم للأندية: حسب إحصائيات Opta، المرشح الأبرز هو…    خلال جوان 2025: ارتفاع الأسعار مقارنة بجوان 2024 واستقرار نسبة التضخم    «ميركاتو» كرة اليد في النادي الإفريقي: 5 انتدابات ترفع سقف الطموحات    الباحث حسين الرحيلي: لم نخرج بعد من خطر الشح المائي    غابت عنها البرمجة الصيفية ...تلفزاتنا خارج الخدمة    حدث غير حياتي : قيس الصالحي: مرضي لم يهزمني .. وتحديته بفضل الكاميرا والتصوير    الفنانة نبيلة عبيد تستغيث بوزير الثقافة المصري: 'أودي تاريخي فين؟'    وائل كفوري يثير الجدل بصورة من حفل زفافه ويعلن نشر فيديو الزواج قريبًا.. فما القصة؟!    تاريخ الخيانات السياسية (7): ابن مُلجم و غدره بعلي بن أبي طالب    شنية سرّ السخانة في جويلية.. بالرغم الي أحنا بعاد على الشمس؟    ترامب يعلن حالة الطوارئ في مقاطعة بولاية تكساس بسبب الفيضانات    صحتك في الصيف: المشروبات الباردة والحلويّات: عادات غذائية صيفية «تُدمّر» الفمّ والأسنان !    أكثر من 95 ألف جزائري عبروا الحدود نحو تونس خلال جوان: انتعاشة واعدة في جندوبة مع انطلاق الموسم السياحي    بطريقة هوليودية: يسرق محل مجوهرات ويستولي على ذهب بقيمة تتجاوز 400 ألف دينار..وهذه التفاصيل..    وزارة النقل: إجراءات لتسريع إنجاز مشروع ميناء المياه العميقة بالنفيضة    هام/ وزارة السياحة: خطّ أخضر للتشكّيات..    كاس امم افريقيا للسيدات: المنتخب التونسي ينهزم امام نظيره النيجيري صفر-3    بنزرت: تحرير 40 مخالفة إثر حملة رقابية مشتركة بشاطئ كوكو بمعتمدية أوتيك    وزارة الثقافة تنعى فقيد الأسرة الثقافية فتحي بن مسعود العجمي    بن عروس: "تمتع بالصيف وخلي البحر نظيف" عنوان تظاهرة بيئية متعددة الفقرات على شاطئ حمام الشط    الفنان غازي العيادي يعود إلى المهرجانات بسهرة "حبيت زماني"    كاس العالم للاندية: مدرب بايرن ميونيخ غاضب بسبب إصابة لاعبه موسيالا    كيفاش تتصرف كي تشوف دخان أو نار في الغابة؟ خطوات بسيطة تنقذ بلادنا    181 ألف شاب ينتفعون ببرنامج صيفي جديد لمكافحة الإدمان    هاو الخطر وقت تعوم في عزّ القايلة..التفاصيل    في موجة الحرّ: الماء أحسن من المشروبات المثلّجة    عاجل/ للمطالبة بفتح المفاوضات الإجتماعية : إقرار مبدأ الإضراب الجهوي في القطاع الخاص بهذه الولاية..    إحداث لجنة وطنية لبرنامج الإنسان والمحيط الحيوي    قائمة الفرق الأكثر أرباحًا في مونديال الأندية 2025 ... بعد انتهاء الدور ربع النهائي – أرقام قياسية ومكافآت ضخمة    الى غاية 4 جويلية.. تجميع أكثر من 9 ملايين قنطار من الحبوب    البكالوريا دورة المراقبة: هذا موعد انطلاق التسجيل عبر الإرساليات القصيرة..    عادل إمام يتوسط عائلته في صورة نادرة بعد غياب طويل بمناسبة عقد قران حفيده    نوردو ... رحلة فنان لم يفقد البوصلة    طقس اليوم: الحرارة في ارتفاع طفيف    تاريخ الخيانات السياسية (6) .. أبو لؤلؤة المجوسي يقتل الفاروق    بالمرصاد : لنعوّض رجم الشيطان برجم خونة الوطن    تذكير بقدرة الله على نصرة المظلومين: ما قصة يوم عاشوراء ولماذا يصومه المسلمون ؟!..    الفرجاني يلتقي فريقا من منظمة الصحة العالمية في ختام مهمته في تقييم نظم تنظيم الأدوية واللقاحات بتونس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حرية الأقلام والخط التحريري للإعلام محمد الحمّار
نشر في الفجر نيوز يوم 29 - 01 - 2012

ليست "حرية التفكير" هي "حرية التعبير". كما أنه ليس هنالك علاقة سببية بين الديمقراطية و"حرية التفكير"، بل العلاقة قائمة بين الديمقراطية و"حرية التعبير". وإلا فسوف نقول إن في تونس اليوم وفي مصر اليوم وفي ليبيا وفي العراق ، أين نسجل تقدما نسبيا تتغير نسبته حسب ظروف كل بلد في إرساء حياة ديمقراطية، هنالك ممارسة لحرية التفكير.
في الواقع ما من شك في أن هذه البلدان تتمتع بأكثر حرية في "التعبير" لكن هذا لا يعني أن "تفكير" شعوبها حر. فحرية التعبير شيء وحرية التفكير شيء آخر بالرغم من العلاقة التكاملية بينهما. لنرَ كيف يلعب الإعلام دورا سلبيا في حرمان الشعب من الارتقاء إلى مستوياتٍ مرموقة من التفكير الحر.
لقد حاولتُ التأكد من المفارقة المرَضية مرارا عديدة وثبت لديّ أنّ نوعية النص الذي تأبى جُل الصحف التونسية نشره يتعلق بالضبط بكل محاولة لتجديد آليات التفكير باتجاه التحرر. فإما أن ينشر لك مقال في صحيفةٍ ذات توجه عروبي بعنوان أنه يستبطن روحا عروبية، وإما أن ينشر آخر في صحيفة ذات توجه إسلامي بعنوان أنه متشبع بروح إسلامية؛ وإما أن يُقبل آخر لأنّ الناشر العروبي يرتئي أن في النص نقد لموقف إسلامي، أو يُقبل آخر لأن الناشر الإسلامي يرتئي أن في النص نقد لموقف عروبي؛ أو على أنّ المقالة لم ترُق للناشر الإسلامي بدعوى أن فيها نقد علماني لموقف ديني، أو على أنّ المقالة لم ترُق للناشر العلماني بدعوى أنها تحتوي على نقد ديني لموقف علماني؛ أو على أن المقالة لم ترُق للناشر المتحزب بدعوى أنها تحتوي على نقد حزبي معيّن لموقف حزب الناشر؛ وهلم جرا.
ويعني هذا أن لا الكاتب ولا الناشر ولا جهاز الإعلام، ولا الصحيفة ولا قراءها، ولا الإذاعة ولا مستمعيها، ولا التلفزيون ولا مشاهديه، فاهمون أن الثورة تعني تذويب مفاهيم مثل العروبة والإسلامية والعلمانية واليمين واليسار، وغيرها مما لم ينفع قبل الثورة، في بعضها البعض، ومن ثمة تشكيل مفاهيم مستحدثة تتماشى مع المسار الثوري وأهداف الثورة.
فهل نحن في تونس قمنا بثورة لكي نحرر التعبير وفي الوقت نفسه لكي نكبّل التفكير لكأنّ الثورة كانت صكا متأخرَ الدفع مقابل حرية تفكير تم استهلاكها بعدُ بدعوى أنها هي التي أدت إلى الثورة؟ ثم هل المطلوب أن يبقى بلد عربي بلا ثورة لكي تكون صحُفه مواكِبة للتجربة الفكرية التحررية؟
إن الجواب لا يتعلق بطبيعة ما يحصل في تونس أو بطبيعة المجتمعات الشقيقة التي لم تثر على أنظمتها. إنما يتعلق الجواب بالخلط الخطير بين حرية التعبير وحرية التفكير، وأيضا في غياب المزاوجة بينهما. كيف ذلك؟
يقول قائل إنّ متطلبات سياسة النشر والخط التحريري لكل جهاز إعلامي هي التي تؤْثر ممارسة الحجب على المادة الفكرية التي لا تتماشى معها، وبالتالي فإن هذه الممارسة الغريبة تُحسب على أنها أمر عادي لا يستدعي الاستنكار. لكن في هاته الحالة أتساءل: هل الكاتب العربي مسؤول عن تثقيف القراء بخصوص حرية التفكير وآلياتها و في الوقت نفسه مسؤول عن سياسة النشر إن ثبت، كما ثبت أعلاه، أنها لا تلبي حاجيات الفكر الحر بما فيها حاجيات الكُتاب والقراء؟
طبعا ليس الكاتب ولا القارئ بحاجة لمثل هذا التحديد في حرية التعبير طالما أنه تحديد لحرية التفكير، حارمٌ المواهب والملكات المتعلقة بهذه الحرية من التفتق والارتقاء. إذن فتعاملُ بعض أجهزة الإعلام مع الأقلام الحرة بهذه الطريقة ينم على ما يلي:
- أولا، على سوء تقدير لمفهوم حرية التفكير وعلى افتقار لممارستها.
- ثانيا، على اعتدادٍ سحري وغريب مفاده أنّ الإعلام هو قائد "الفكر والتفكير" بينما الإعلام من المفترض أن يكون قائدا ل"الرأي" وذلك بشرط أن يكون الرأي آتٍ من عند خبراء في الفكر، بناءً على أنّ الفكر هو الضابط للرأي، وأيضا من عند الخبراء في القلم وفي بيداغوجيا التواصل والتبليغ.
- ثالثا، على خلط رهيب بين حرية الإعلام، التي هي من حق الإعلاميين والشعب، وحرية التفكير، التي هي عملية تربوية تستدعي طريقة ودُربة، والتي هي حق الجميع لكنها ليست من مشمولات الإعلام بل من مشمولات أصحاب القلم والفكر.
ثم إنّ موضوع "الإسلام" لوحده، كمادة فكرية متداخلة في الفكر العربي يستوجب صفحات طويلة لشرحه. فقط ندعو أجهزة الإعلام العربية إلى اعتباره مادة إعلامية وذلك بتخلصها من التبعية في تحديد السياسة النشرية إزاء هذا الموضوع. إذ إنّ ما يعتبره الإعلام الغربي المسيحي دعاية حزبية باسم الدين أو باسم الحزب السياسي إنما هو عند العرب من مرتكزات العقل. فتطبيق المبدأ الغربي على الإعلام العربي باتَ من باب المعاداة للعقل وللفكر. وذلك لسبب بسيط: إنّ عقل العرب في دينهم. وهل يعقل حجب المادة الدينية من الإعلام دون أن تعاق العقلانية العربية؟
بالنهاية يتأكد لدينا أنّ الإعلام مطالب بمجاراة الفكر الحر وبتعديل سياسات النشر والتحرير بمقتضى ما وصل إليه الفكر من منجزات ونتائج ومقاربات وآليات البحث عن الحقيقة تقطع شيئا فشيئا مع الفكر الواحد والرأي الواحد، لا بمقتضى التجاذبات الإيديولوجية والحزبية القبْلية للثورة، أو التبعية للغرب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.